مدبولى أمام مؤتمر «الأعلى للشؤون الإسلامية»: الجميع فى مصر متساوون

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الجميع فى مصر متساوون فى الحقوق والواجبات، لأن الوطن لكل أبنائه، بغض النظر عن اختلاف الدين أو اللون أو الجنس، مما يتطلب ترسيخ أسس التسامح الدينى وقبول الآخر على حريته فى اختيار معتقده وحقه فى إقامة شعائر دينه.
وأضاف، خلال كلمة ألقاها، أمس، نيابة عن د. مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولى للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ال (32) تحت عنوان «عقد المواطنة وأثره فى تحقيق السلام المجتمعى والعالمى»، أن المساواة تتضمن إنصاف المرأة، والعناية بالضعفاء والمسنين وذوى الاحتياجات الخاصة، من خلال برامج الحماية الاجتماعية وتمكين أبناء المجتمع وإعطاء كل منهم حقه فى ضوء وفائه بواجبه تجاه وطنه. وأوضح أن المؤتمر يهدف إلى ترسيخ أسس المواطنة على المستوى الوطنى، والإسهام فى صُنع السلام وترسيخ مفاهيم العيش الإنسانى المشترك على المستويين الوطنى والدولى، وترسيخ وتعميق أسس الولاء والانتماء الوطنى من منطلق أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان.
وتابع: «لم يضع الإسلام قالبًا جامدًا لنظام الإدارة والحكم، وفتح باب الاجتهاد فى مجال الإدارة والسياسة الشرعية واسعًا، فى ضوء مراعاة الواقع ومتغيرات الزمان والمكان والأحوال مع الحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف ومقاصده الكلية العامة».
وقال: «السلام لا يعنى مجرد عدم الحرب، إنما يعنى كف الأذى عن الآخر، وهو البديل الحقيقى للحرب ولظلم الإنسان لأخيه الإنسان، سواء أكان ظلمًا مباشرًا أم غير مباشر، فاحتكار بعض الدول للدواء مثلًا فى أزمة كورونا أو للغذاء ظلم فادح لمن يحتاج إليه، وعدم احترام بعض الدول لاتفاقيات المناخ غير عابئة بتأثيرات التغيرات المناخية على الدول المعرضة لمخاطر هذه التغيرات، ظلم فادح من الإنسان لأخيه الإنسان ولأبناء هذه الدول».
من جانبه، قال د. محمد الضوينى، وكيل الأزهر، فى كلمته التى ألقاها نيابة عن شيخ الأزهر، إن المواطنة قضية قديمة متجددة، ونحن بحاجة لمواطنة رشيدة تواجه العولمة الخانقة التى تطمس الهويات، وإن المواطنة الحقيقية لا إقصاء معها ولا تفريق فيها وتستلزم إدانة كل ما يفرق بين الناس ويترتب عليه ازدراء أو تهميش أو تضييق أو قتل أو سلوكيات يرفضها الإسلام.
وأوضح أن الإسلام عرف المواطنة منذ 14 قرنًا، حين وضع وثيقة التعايش بين جميع الأعراق فى المدينة المنورة، مشيرًا إلى أنه بقدر غياب المواطنة تكون هشاشة المجتمع.
وفى كلمته، أكَّد د. شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن مفهوم المواطنة من المفاهيم التى يجب علينا أن نهتمَّ بها تأصيلًا وتطبيقًا على المستوى الفقهى والفكرى، وأن عدم وضوح هذا المفهوم فى أذهان بعض الناس، قد تسبَّب فى إثارة البَلبلة والفوضى فى كثير من البلدان، تحت دعاوى كاذبة روَّجتها تلك الجماعات المتطرِّفة التى تنادى بوجود تعارض بين مفهوم المواطنة وبين العقيدة الإسلامية الصحيحة.
وقال إنَّ كلَّ صاحب عقل سَوِّى وفطرة نقيَّة وفكر مستقيم، يعلم تمام العِلم أنَّ قضية الوطن وما تفرَّع عنها من مفهوم المواطنة قبل أن تكون عقدًا له خصائصُ فقهيةٌ وقانونيةٌ محدَّدة، فهى فى المقام الأول -إذا تأملنا مساحة الحياة المنظورة- فطرةٌ إنسانية، وجِبلَّةٌ بشريَّة، وهى أيضًا سُنَّة كونية.
وأضاف: «لأن الوطنَ بيتٌ وسكن لجميع مَن نشأ فيه وتربَّى فى ظلاله بغضِّ النظر عن دِينه أو لونه أو عِرْقه؛ ومع تطوُّر الإنسانية وتوجُّهها المستمرِّ الدائم نحو تقنين العلاقات الإنسانية لحفظ الحقوق والواجبات؛ فقد تولَّد من هذا المفهوم الفطرى الإنسانى العظيم مفهومٌ آخر فقهى وقانونى وإدارى ينظِّم هذه العلاقة بين الأفراد، على اختلاف تنوُّعهم، وبين الوطن أو الدولة، حتى تؤتى ثمارها على أكمل وجه وأبدع نظام يكون فيه نفع البلاد وسلامتها من الاضطراب والفوضى إذا ما تركت الأمور على غير هدًى ونظام».