زُرِعَ على سطوح بيتنا

قبل عدة أيام وأثناء افتتاحه عددًا من المشروعات فى الصعيد، طالب الرئيس السيسى بتوجيه مياه الرى أو المعالجة من محطات الصرف الصحى، لصالح الأشجار المثمرة، وعدم التوسع فى زراعة نباتات الزينة. مطالبة الرئيس بالطبع ليست من باب «منع الجمال» عن شوارعنا، ولكن للتقنين والحفاظ على المياه، وهذا لم يمنع من تفكيرنا فى الفجوة الغذائية التى تهدد العالم أجمع الآن، مع التغيرات المناخية، التوسع فى الأشجار المثمرة بالفعل سيساهم فى تقليل هذه الفجوة، ولكن ما اندهشت له هو تخلى المسؤولين عن توجيه الرئيس قبل 4 سنوات بزراعة 50 مليون شجرة مثمرة، فلا نعرف كم شجرة تم تنفيذها، وما إنتاجها فى المناطق المختلفة؟ فمثلًا فى منطقتى الحبيبة «إمبابة» تم الإعلان عن زراعة أشجار موالح «ليمون وبرتقال ويوسفى»، لم أَرَ أو «أتنفس» رائحة شجرة واحدة منها، زراعة الأشجار المثمرة تتخذه العديد من البلدان العربية منهاجًا لها، وثمارها «ملك» لأى «عابر سبيل» بجوارها، كثيرًا ما يحكى لى شقيقى أحمد، المعار إلى سلطنة عمان، عن «الليمون المباح» لهم فى شوارع منطقة صحار، وبعض النباتات التى يستخدمونها فى الطعام، وكثيرًا ما يتمنى أن يُطبق هذا فى بلدنا.
وهو ما جعلنى أفكر فى مشروعات «زراعة الأسطح» التى لا تقل أهمية عن زراعة أشجار الشوارع المثمرة، فلدينا قرى داخل مصر تعتمد فى طعامها بالكامل عليها، بعدما تخلت عن «كراكيب» السطوح، ليحل محلها «الأخضر»، من بينها قرية «عون» الواقعة بين محافظتى البحيرة والإسكندرية، والتى تحولت من الفقر المدقع إلى الاكتفاء الذاتى، وأعتقد أن هذا مطلوب على الأقل خلال الشهور المقبلة، المثير أنه قبل 4 سنوات أيضًا اشتركت مع زميلى الصحفى الكبير متولى سالم، المتخصص فى الزراعة، والزميل مصطفى حسنى، فى تنفيذ ملف حول زراعة الأسطح، بعدما احتلت مصر آنذاك المركز الثالث عالميًا بعد فرنسا والصين، وتبنت أكاديمية البحث العلمى مشروعًا قوميًا لتعميمه على أسطح البيوت والمدارس والجامعات، فى خطوة للتوازن البيئى وعودة الزراعات «الأورجانيك» بلا كيماويات، وكتبنا عن كثير من المبادرات، منها مبادرة الدكتور أحمد توفيق، صاحب مشروع زراعة الأبراج والحوائط الفائز بجائزة الأكاديمية وهيئة الاستثمار، والذى أكد فى حديثه معى وقتها أن مساحة 100 متر فقط، يمكن أن تحتوى على 3 آلاف نبات، ولكن لم يتم الإعلان حتى الآن عن أى نتيجة لهذه المبادرات، أسوة بزراعة ال50 مليون شجرة، ومنذ شهور قليلة نشر موقع «سكاى نيوز» مبادرة «مزرعة بيتنا» للشاب حسام شعبان، خريج زراعة الأزهر، الذى نجح فى إنتاج محاصيل وفيرة بجودة عالية، وتباع فى الأسواق وتدرّ عليه ربحًا كبيرًا، مع تأكيده على توفير المياه لاعتماده على «التنقيط الإلكترونى»، فهل يمكن أن تتبنى الدولة مثل هذه المبادرة، ليكون الشعار «زُرِعَ على سطوح بيتنا»؟.