فى محبة العم صلاح منتصر

الحمد لله، نعمت بصحبة العم «صلاح منتصر» لساعات، بالمصادفة يوم عيد ميلادى، فكان عيدى عيدين، ومشينا مسافة صغيرة حتى باب السيارة، كان حديثه حلوًا، وتفاؤله مُحبَّبًا، تقريبًا أول خروجة لعم صلاح منذ أزمته الصحية الأخيرة، يحمد الله كثيرًا على الصحة والستر.
الكتابة عن الأحباب حق مستحق وواجب مستوجب، والكتابة عن أعز الناس فرض عين على المُحِبين فى كل وقت، والأستاذ الكبير «صلاح منتصر» عنوان من عناوين المحبة الحقّة، حالة إنسانية فريدة، رقى إنسانى نادر.
يصعب أن يمر الصباح دون توقف أمام سطوره الحانية فى «مجرد رأى» على الصفحة الأخيرة من «الأهرام»، فإذا اعتذر أو سجل غيابًا، نرجوه، نحن قُرّاءه، أن يعود سريعًا، فى شوق إلى كلماته الحانية ترطب حرور الحياة.
محظوظ وثُلّة من الأحباب أن عشنا زمن الكبار، وتربينا على قيم الحب والعدل والجمال، شيوخنا الأجِلّاء لهم عيون ترى الجمال جميلًا، وترفض القبح كلية، طُوبَى للقابضين على جمر الكتابة فى صهد الفضاء الإلكترونى.
سعى ساعيًا عمى صلاح إلى تقفِّى صور الجمال فى نفوس البشر ووجوههم الطيبة، ومعلوم الكتابة الجميلة من حنايا الروح الطيبة، وشيخنا الباسم (كبير المقام) يملك قلبًا كبيرًا تسَع حجراته الجميع، لكل منّا موضع فى قلبه فقط ونصيبك من حجراته يمينًا أو يسارًا، ويوزع محبته على الجميع، خيمته مثل خيمة «حاتم الطائى»، كرم، ومحبة تسَعنا جميعًا.
أكتب مُحِبًا لمَن يحمل الحب للناس جميعًا، لم أرَه سوى باشّ باسم فى وجه الحياة، يعالج قسوتها بضحكة بشوش، ويهون علينا الصعب، وكل عقدة عنده لها حلّال، بتؤدة وعلى مهل وبثقة فى الله يتوفر على أعقد المشاكل، يُحلِّلها ويُفكِّكها، يسكب عليها بعض ماء من روحه الشفافة، بردًا وسلامًا.
مثل عمى صلاح مثل «شيخ العمود» فى أَرْوِقَة (جمع رواق) قديم الزمان، يجلس وسط المُحِبين فيغمرهم من فضله، محبة، فإذا ما امتلأت نفوسهم.. وأترعت، تركهم ينثرون عبق المحبة فى حلهم وترحالهم.
وصاياه وصايا حكيم، وكلماته تحمل عبق زمن الطيبة والإيثار، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وشيخنا صاحب فضل. الكتابة عن العم «صلاح منتصر» ليست مرتهنة بوقت، أو بفضل، الفضل لله، فقط محبة لله فى لله، محبة فى شخص العم صلاح.. ويستحق ما هو أكثر من التبجيل، شيخ جليل، أعطى الكثير، ولايزال يحمل الكثير من المحبة.
عطشى للكتابة الناعمة، كتابته ذات ملمس ناعم كالقطيفة، يُنعشك قلم عم صلاح، لا يُوتِّرك ولا يُقلقك، ولا يضج مضجعك، عموده اليومى عنوانه «مجرد رأى» لا يفرضه عليك، لكنه مجرد رأى، عنوان راقٍ، يصوغ العم صلاح عباراته فى أدب جم واحتشام، وبين سطوره ثمة روح طيبة تسرى فى أعطاف الكتابة.
عَوْد حميد، والحمد لله، إطلالة العم صلاح ليست عادية، بل إطلالة حميمية، تفرق معنا، مع المُحِبين، فى زمن الوباء نجاهد فى البقاء، نمسك فى بعضنا البعض، ندفى بعضنا بعضًا فى صقيع الوباء، ونستأنس بحكمة العم صلاح، دُمْتَ لنا مُعلِّمًا.