النساء الأفغانيات يخشين عودة «الأيام السوداء» من حكم الحركة

عبَّرت العديد من النساء والفتيات الأفغانيات عن مخاوفهن الشديدة من عودة حكم طالبان المتشدد، وفرض الحركة رؤيتها لأحكام الشريعة الإسلامية، وبخاصة ارتداء البرقع، ومنعهن من التعليم أو العمل، على غرار التجربة التي عانين منها خلال حكم طالبان من 1996 إلى سقوط الحركة بعد الغزو الأمريكى عام 2001، وتخشى النساء والفتيات اللواتى نشأ جيل كامل منهن مستفيدًا من الحقوق والحريات والانفتاح، التحول إلى الفئة الأضعف.
وأفادت تقارير صحفية عديدة بقيام طالبان بتفقد منازل المواطنين لإعداد قوائم للنساء والفتيات اللاتى تتراوح أعمارهن بين 12 و45 عامًا، بغرض تزويجهن قسرًا من المقاتلين، وأخطرت الحركة النساء بوجوب عدم مغادرة المنزل إلا في حال رافقهن الرجال، وأنه لم يعد بإمكانهن العمل أو الدراسة أو اختيار الملابس التي يرغبن في ارتدائها بحرية، وأقفلت المدارس، لكن طالبان نفت العودة لتلك الممارسات، كما أفادت تقارير بأن طالبان أمرت موظفات بعدم العودة إلى عملهن، وأن أقاربهن الرجال سيشغلون تلك المناصب.
وخلال حكم طالبان السابق كان ارتداء البرقع إلزاميًا في الأماكن العامة، ولا يمكن للمرأة مغادرة المنزل إلا برفقة رجل من أسرتها، وتعرضت نساء وفتيات خالفن قواعد حكم طالبان السابق للإذلال والضرب العلنى على أيدى الشرطة الدينية، وأقدمت الحركة على تنفيذ عمليات إعدام علنية، ومعاقبة اللصوص بقطع الأيدى ورجم النساء اللواتى اتهمن بارتكاب الزنى.
وأكدت طالبان بعد سقوط كابول أنها ستحترم حقوق الإنسان، خاصة حقوق النساء، لكن وفقًا «للقيم الإسلامية»، بينما تجد الأفغانيات صعوبة في تصديق هذه الوعود، لاسيما اللواتى التحقن بالجامعات وتبوأن مناصب سياسية وقضائية وفى الأجهزة الأمنية، وعبرت نساء مشهورات في كابول عن حزنهن لرؤية البلاد وحياتهن بأكملها تقع مجددًا بأيدى طالبان، وكتبت فوزية كوفى، الناشطة الحقوقية والنائبة السابقة لرئيس البرلمان الأفغانى: «بدأت نهارى أشاهد شوارع كابول المقفرة وأشعر بقلق كبير، التاريخ يعيد نفسه بسرعة».
وقالت موسكا داستاجير، المحاضرة في الجامعة الأمريكية بأفغانستان، التي افتُتحت بعد 5 سنوات من رحيل طالبان عن السلطة: «تبقى مشاعر الخوف في داخلك كطائر أسود، يبسط جناحيه ولا يعود بإمكانك التنفس».
وأصبح مستقبل الطالبات في جامعة كابول غير مؤكد رغم أن الحركة قدمت تطمينات بأنها لن تعود لحكمها المتشدد السابق، وقالت الطالبة عائشة خرام، 22 عامًا، بعد سقوط كابول، إنه يوم «حطم قلوبنا وآمالنا، وبالنسبة للأمة بأسرها رؤية كل شىء ينهار في لحظة كنهاية العالم». وأضافت في تصريحات لوكالة «فرانس برس»: «العالم والقادة الأفغان خذلوا الشباب الأفغانى بأقسى طريقة يمكن تصورها»، وأوضحت أنه «كابوس بالنسبة لمن درسن ويطمحن لمستقبل أفضل».
وقالت الفتاة رضا أكبر، 33 عامًا، على «تويتر»: «أفغانستان الحبيبة انهارت أمام عينى»، ونشرت تغريدة تُظهر صورة لرجل يغطى صورة عروس مبتسمة معروضة في واجهة متجر في كابول، وذكرت صحراء كريمى، إحدى أشهر المخرجات الأفغانيات، أنها لا تنوى مغادرة أفغانستان، وقالت: «حتى النهاية لن أتخلى عن بلادى»، ومع ذلك تم إحصاء فرار حوالى 250 ألف أفغانى منذ مايو الماضى، 80% منهم من النساء والأطفال.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش: «أنا قلق للغاية بشأن تقارير تفيد بأن مقاتلى طالبان يفرضون قيودًا صارمة على حقوق الإنسان، من المرعب رؤية الأفغانيات يُحرمن من حقوقهن».
وقالت زهرة التي تعمل في منظمة غير ربحية لتوعية النساء،: «أنا تحت صدمة كبيرة، كيف بات ممكنًا لى كامرأة عملت بجد وحاولت التعلم والتقدم، أن أضطر إلى التخفى والمكوث في البيت؟»، وقالت المصورة الأفغانية رادا أكبر: «مع انهيار كل مدينة تنهار أجساد بشرية، تنهار الأحلام، ينهار التاريخ والمستقبل، ينهار الفن والثقافة، تنهار الحياة والجمال، وينهار عالمنا، رجاء ليوقف أحدكم هذا».
وقالت فرخندة زهرة نادرى، النائبة السابقة، عضو المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان: «إنهم يقومون بتهميش النساء اللواتى عملن في هذه المناصب القيادية، واللاتى كان لهن صوت قوى ضد المسيئين»، واعتبرت نائبة رئيس الجامعة الأمريكية في أفغانستان، فيكتوريا فونتان، أن «وضع الأفغانيات قاتم للغاية، والحياة صعبة لهن».