الكونجرس يصادق رسميًا على فوز بايدن بعد ساعات من الفوضى

عاشت الولايات المتحدة ساعات عصيبة، شهدت خلالها العاصمة الأمريكية واشنطن، مساء أمس الأول، حالة غير مسبوقة من الفوضى والعنف، بعد اقتحام متظاهرين مسلحين من أنصار الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته، دونالد ترامب، مبنى الكونجرس وخاضوا اشتباكات مع قوات الشرطة وحرس الكونجرس، وتسلقوا جدران المبنى وعبثوا بمحتوياته وسرقوا بعضها فى مشاهد غير مألوفة، فى آخر محاولة ضغط بائسة من ترامب وأنصاره لقلب نتيجة الانتخابات التى فاز بها منافسه الديمقراطى، جو بايدن رسميا ونهائيا، وسارعت سلطات العاصمة لإعلان حظر التجول وتعزيز الإجراءات الأمنية، وإخلاء النواب وحمايتهم ونقلهم إلى أماكن آمنة لمدة 6 ساعات، ثم عاود الكونجرس الانعقاد لاحقا، وصوت نهائيا صباح أمس، على فوز بايدن، وخسارة ترامب الذى سارع إلى الإعلان لأول مرة منذ إجراء الانتخابات الرئاسية فى 3 نوفمبر الماضى، أنه سيكون هناك انتقال منظم للسلطة فى 20 يناير الجارى. وأعلن مايك بنس نائب ترامب، موافقة الكونجرس بمجلسيه فى جلسته المشتركة، على نتائج أصوات المجمع الانتخابى، بحصوله الرئيس المنتخب رسميا على 306 أصوات من أصوت المجمع مقابل 232 لترامب، وبعد المداولات، رفض الشيوخ والنواب اعتراضين على فرز الأصوات وصادقا على نتيجة التصويت النهائى للمجمع بفوز بايدن، وقال مايك بنس إن هذا «سيُعتبر إعلانا كافيا عن الرئيس المنتخب، للولايات المتحدة، جو بايدن، ونائبته كمالا هاريس».
وصوت أغلبية أعضاء مجلس النواب برفض اعتراض حلفاء ترامب على تأكيد فوز بايدن بولاية بنسلفانيا ولها 20 مقعدا فى المجمع الانتخابى، وصوت مجلس الشيوخ بأغلبية 92 ورفض 7، على رفض اعتراض حلفاء ترامب على تأكيد فوز بايدن ببنسلفانيا، وسبق ذلك تصويت الكونجرس على رفض اعتراض من أنصار ترامب على فوز بايدن بولاية أريزونا ولها 6 مقاعد فى المجمع الانتخابى، وقال زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل بعد التصويت، إنه لا يتوقع أى تصويت آخر للطعن على نتائج المجمع، وبعدما حسم الكونجرس فوز بايدن، قال ترامب، أمس، إنه سيكون هناك انتقال منظم عندما يتولى بايدن منصبه فى 20 يناير الجارى، ومع ذلك لم يعترف ترامب بهزيمته، ولم يقدم التهنئة لبايدن. وقال فى بيان نشره المتحدث باسم البيت الأبيض دان سكافينو على «تويتر»: «على الرغم من أننى أختلف تماما مع نتيجة الانتخابات والحقائق تؤكد ذلك، إلا أنه سيكون هناك انتقال منظم للسلطة فى 20 يناير».
وحطم أنصار ترامب بعض نوافذ المبنى، وتسلقوا الأسوار، ثم اقتحموا المجلس بغرفتيه، وحاصر البعض قاعة مجلس النواب بينما كان الأعضاء داخلها، وأخذوا يطرقون على أبوابها مما أدى لتعليق المناقشات، وكان بعض المتظاهرين مسلحين ويرتدون أقنعة ويحملون زجاجات ملوتوف، واجتاز حشد من المتظاهرين الذين كانوا يلوحون برايات كتب عليها: «ترامب رئيسى»، الحواجز الأمنية أمام الكابيتول واقتحموه وخربوا بعض المكاتب ودخلوا قاعات والتقطوا صورا لهم فيها، مرددين هتافات أن الانتخابات الرئاسية مزورة وأن ترمب هو الفائز، ثم قام ضباط الأمن بتكديس قطع الأثاث خلف الباب، وأشهروا أسلحتهم قبل أن يساعدوا النواب على الهرب ونقلهم إلى أماكن آمنة، وأطلق حرس الكونجرس الغاز المسيل للدموع لإخراج المتظاهرين لمدة استغرقت 4 ساعات، وقالت الشرطة إن امرأة من أنصار ترامب جاءت من جنوب كاليفورنيا، قتلت إثر إصابتها بالرصاص وإن 3 آخرين قتلوا فى أعمال العنف، واعتقلت الشرطة 52 محتجا على الأقل.
وانتشرت صورة لأحد أنصار ترامب يرتدى سروال جينز وقبعة بيسبول وهو جالس ورجله مرفوعة على مكتب رئيسة مجلس النواب، نانسى بيلوسى، وتُركت رسالة تهديد، وتسلق متظاهرون آخرون منصات أقيمت لحفل تنصيب بايدن.
وكان ترامب دعا مؤيديه إلى الاعتراض على المصادقة على فوز بايدن فى جلسة مجلسى النواب والشيوخ، فيما أكد بنس قبيل الجلسة أنه لن يعارض المصادقة على فوز بايدن، ودعا إلى «وقف العنف فورا» فى مقر الكونجرس، وقال إنه كان «يوما أسود فى تاريخ مبنى الكابيتول»، ورد ترامب على «تويتر» قائلا: «لم يتمتع مايك بنس بالشجاعة للقيام بما يجب فعله لحماية بلدنا ودستورنا».
من جانبه، وصف بايدن اقتحام أنصار ترامب، الكونجرس ب«التمرد»، وقال بمسقط رأسه فى ديلاوير: «نظامنا الديمقراطى يتعرض لهجوم غير مسبوق، هذا ليس اعتراضا، إنه إخلال بالأمن وفوضى، ويكاد يصل إلى الفتنة، ينبغى أن يتوقف الآن».
وندد أعضاء الكونجرس بمحاولة «انقلاب»، وقال النائب الديمقراطى وليام باسكريل: «نشهد محاولة انقلاب بتشجيع من مجرم البيت الأبيض»، وقالت النائبة ديانا ديجيتى: «هذه ليست مظاهرة، إنها محاولة انقلاب»، منددة «بالفوضى التى خطط لها رئيسنا».
وأعلنت رئيسة بلدية واشنطن فرض حظر تجول من الساعة السادسة مساء أمس الأول، حتى ال6 صباح أمس، وتم تمديد الحظر حتى يوم تنصيب بايدن، وأعلن البيت الأبيض إرسال عناصر من الحرس الوطنى إلى واشنطن للمساعدة على حفظ الأمن. ويقول المؤرخون إنها المرة الأولى التى يتم فيها اقتحام الكونجرس منذ عام 1814 عندما أحرقه البريطانيون خلال حرب 1812.