انتصار أكبر وأجمل من كرة القدم

فى مجلس مدينة بلباو الإسبانية أمس الأول.. وفى القاعة الفخمة المسماة بالغرفة العربية لأنها مصممة على الطراز العربى.. استقبل جوان مارى أبورتو عمدة المدينة كلا من أيتور إيلليزيجى، رئيس نادى أتلتيكو بيلباو، وعدد من لاعبى النادى ومدربهم مارسيلينو جارثيا.. وكانت المناسبة هى فوز أتلتيكو بيلباو بكأس السوبر الإسبانى.. وأوضح عمدة المدينة أن كورونا والإجراءات الاحترازية هى التى منعت أهل بيلباو وكل إقليم الباسك من الاحتفال بكأس السوبر بما تستحقه هذه البطولة كرويا واجتماعيا وسياسيا.. وإذا كان الكثيرون خارج إسبانيا قد اكتفوا بالفرجة على بطولة خرج منها ريال مدريد ثم برشلونة ليفوز بها أتلتيكو مدريد.. فإن الواقع هناك فى بيلباو كان أعمق وأكبر من مجرد بطولة أو كأس لكرة القدم.. فهناك إقليمان فى إسبانيا يحلمان ويحاولان الانفصال عن مدريد.. كتالونيا التى فيها مدينة برشلونة وناديها.. والباسك حيث مدينة بيلباو وناديها أيضا.
وبالمصادفة كانت الثلاثة أندية.. ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو بيلباو.. من مؤسسى الدورى الإسبانى عام 1929 وهى الثلاثة أندية فقط التى لم يهبط أى منها مطلقا للدرجة الثانية منذ بدء الدورى.. وإذا جمعنا تاريخ هذه الأندية فسنكون أمام تاريخ إسبانيا السياسى والاجتماعى والاقتصادى والكروى أيضا.. فعلى الرغم من أنها أندية تلعب كرة القدم إلا أن اللعبة تختلف معانيها ووظائفها من ناد إلى آخر.. فهى بالنسبة لريال مدريد هى الوجاهة والملكية وتأكيد لقوة المدينة التى تحكم إسبانيا كلها.. ولبرشلونة تحولت كرة القدم إلى دعاية كتالونية وكبرياء لإقليم يريد الانفصال وتأسيس دولة جديدة.
أما أتلتيكو بيلباو فهو الذى يراه إقليم الباسك رمزا لهويته ولاتزال الأندية الصغيرة فى الباسك حتى الآن لا تتردد فى تقديم لاعبيها إن احتاج إليهم أتلتيكو بيلباو الذى يلعب باسم كل أهل الباسك.. وبعد سنين طويلة حافلة بالصراع والدم كانت خلالها منظمة إيتا المنتمية لإقليم الباسك ضد مدريد وحكومتها.. تم اختصار الصراع فى ملاعب كرة القدم وليس فى أى مجال آخر خارجها.. وكان من الضرورى الالتفات إلى ذلك لنعرف ما الذى كان يقصده عمدة بيلباو وهو يحتفل بفوز أتلتيكو بيلباو بكأس سوبر إسبانيا.. فقد فاز أتلتيكو بيلباو على ريال مدريد فى قبل نهائى البطولة ثم على برشلونة فى النهائى ليصبح انتصارا أكبر وأجمل من كرة القدم كلها.