أكد الدكتور محمود سالم، عضو المكتب الفنى لوزارة قطاع الأعمال العام فى عهد الدكتور عاطف عبيد، أن شركات قطاع الأعمال العام لا تخضع لقانون القضاء الإدارى، مشددا على أن محكمة القضاء الإدارى غير مختصة بنظر بطلان بيع شركات الخصخصة. قال «سالم»، الذى تولى أيضا مسؤولية المكتب الفنى لوزارة قطاع الأعمال العام فى عهد الدكتور مختار خطاب، إن شركات قطاع الأعمال العام ينظم نشاطها وقراراتها قانون 203 الخاص بشركات قطاع الأعمال العام وقانون 159 الخاص بالشركات المساهمة. وأشار إلى أنه وفقا لهذين القانونين فإن محكمة القضاء الإدارى غير مختصة بإصدار أحكام ببطلان بيع الشركات، فى إشارة إلى أحكام بطلان بيع شركات «غزل شبين» و«عمر أفندى» و«المراجل البخارية» و«طنطا للكتان». وحذر «سالم»، المعروف بميله الشديد إلى القطاع الخاص، من أن الدولة ستدخل فى منازعات قضائية مع المستثمرين قد تستمر لسنوات. وقال إن تأثير هذه المنازعات على الدولة ومصداقيتها بالغ الضرر، مشيرا إلى أنه فى حالة لجوء المستثمرين للتحكيم الدولى فإن الدولة ستتكبد مبالغ مالية كبيرة على سبيل التعويض للمستثمرين المتضررين من رد هذه الشركات بعد سنوات من بيعها. ورأى أن الحكومة لم تلجأ للقوة الجبرية حتى الآن لاسترداد هذه الشركات، لأن هناك شكوكاً حول حجية أحكام البطلان، مضيفا أنه لن يحسم الموقف إلا حكم المحكمة الإدارية العليا. واعتبر أن خصخصة شركات الأسمنت ليست «خطأ» لأنه تم تقييمها بالسعر العادل، كما أن الشركات العالمية طورت عملية الإنتاج بهذه الشركات بشكل استفاد منه الاقتصاد المحلى. وأشار إلى أن مصر كانت تستورد الأسمنت من الخارج قبل خصخصة شركات الأسمنت، ولكنها تحولت بعد ذلك إلى دولة مصدرة، وشجع ذلك القطاع الخاص على اقتحام هذه الصناعة وإقامة مصانع للأسمنت كأسمنت سيناء والمصرية للأسمنت. وذكر أنالحكومة لم تكن تستهدف بيع الشركات من خلال برنامج الخصخصة، وإنما كانت تستهدف فقط فصل الملكية عن الإدارة والاستعانة بإدارة محترفة للشركات على أن تظل الشركات مملوكة للدولة، ولكن تغير هذا التوجه واتجهت الحكومة إلى بيع الشركات. وأكد أن الخصخصة ليست كلها مساوئ، فهناك إيجابيات كثيرة أبرزها تنشيط البورصة المصرية التى صدر قانونها عام 1995، بجانب إعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص بحيث كان التوجه أن الدولة لا تزاحم القطاع الخاص وإنما تعطيه الفرصة للتوسع وبالفعل تضاعف عدد الشركات الصناعية التى تم تأسيسها فى تلك الفترة. وقال إن الحكومة لم تطرح أى شركة للخصخصة إلا بعد دراستها بشكل كاف، ولكن لاحظنا أن هناك مديونيات كبيرة للبنوك على هذه الشركات، فحجم الأموال المستثمرة فى قطاع الأعمال العام يصل إلى 88 مليار جنيه ومديونيات البنوك تصل إلى 66 مليار جنيه، وتبلغ رؤوس الأموال المدفوعة من الدولة فى هذه الشركات نحو 7 مليارات جنيه فقط. وأضاف أنه منذ بداية البرنامج تم الاتفاق على أن تظل الفنادق التاريخية بعيدة عن الخصخصة ولا يتم بيعها، بجانب ألا تزيد نسبة ما يتم طرحه من شركات الأدوية والمطاحن على 40% لضمان توافر الأدوية ورغيف الخبز مع إمكانية طرح باقى الشركات للبيع. وفيما يتعلق بقطاع الغزل والنسيج قال «سالم» إن شركات الغزل وصل عددها قبل بدء برنامج الخصخصة إلى 31 شركة، منها كفر الدوار وغزل المحلة وشبين وغيرها، وكان قرار الحكومة فى ذلك الوقت هو إعادة تطوير هذه الشركات. وأوضح أنه تم إنشاء صندوق إعادة الهيكلة لهذا الغرض، حيث وجدنا أن هذه الشركات لم تتعرض للتطوير منذ سنوات عديدة وكثير من الآلات مضى عليه سنوات طويلة دون تجديد، كما اكتشفنا أن عمال الغزل والنسيج هم الأقل دخلا بين شركات قطاع الأعمال العام، إلا أن الدولة لم تنجح فى مهمة تطوير شركات الغزل والنسيج، ولذلك تم تغيير التوجه نحو بيع هذه الشركات. وقال: «كنت معترضاً على سياسات الخصخصة فى ذلك الوقت، خاصة أننا افترضنا أن يتم بيع شركات مثل غزل المحلة وكفر الدوار للعمال والمواطنين وليس لمستثمرين أجانب لخلق الانتماء لهذه الشركات والحفاظ عليها». وأضاف أن الحكومة كانت قبل بيع هذه الشركات قد ضخت نحو 725 مليون جنيه لإعادة هيكلتها، إلا أن الشركة القابضة للغزل والنسيج سجلت حجم خسائر فى ذلك الوقت بلغت نحو 2.2 مليار جنيه، مما يعنى أن خسائر الدولة الفعلية من هذا القطاع تصل إلى نحو 3 مليارات جنيه. وتابع أنه تصادف ذلك مع قيام دولة مثل ألمانيا ببيع عدد من الشركات الخاسرة بمارك ألمانى فقط، و«لذلك قلت يا ليتنا بعنا الشركات بجنيه واحد مثل ألمانيا بدلاً مما خسرناه فيها والذى يبلغ 3 مليارات جنيه، ووفرنا هذه الأموال لضخها فى مجالات أخرى مربحة». وأشار إلى أنه تم طرح شركتى بيبسى وكوكاكولا فى بدايات برنامج الخصخصة كأحد التزامات مصر أمام المؤسسات الدولية المانحة، وبغرض تشجيع برنامج الإصلاح الاقتصادى، وهو البرنامج الذى التزمنا به مقابل إسقاط نحو 27 مليار دولار ديوناً على مصر لدى نادى باريس. ولفت إلى أن شركات مثل بيبسى وكوكاكولا كانت شركات تعبئة، ولم تكن استراتيجية بالنسبة للدولة، ولكن الخطأ الذى وقعت فيه الحكومة فى عملية بيع هذه الشركات، ولم يلفت انتباهنا فى ذلك الوقت محفظة الأراضى المملوكة لهذه الشركات، التى وصلت قيمتها فى أوقات لاحقة إلى مبالغ كبيرة. وتابع أنه خلال بيع هذه الشركات لم تكن أسعار الأراضى قد تحركت واشتعلت كما حدث فيما بعد، ولذلك لجأت الحكومة لتفادى تكرار هذا الأمر فيما بعد من خلال إقرار قواعد لبيع الأراضى فى عام 1997 لتفادى أخطاء صفقة بيبسى وكوكاكولا، بجانب أن هناك التزاماً واشتراطاً فى عقد بيع بيبسى وكوكاكولا لم يلتزم به المستثمر، وهو أن الحكومة اشترطت طرح نسبة من أسهم الشركة للجمهور، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن. وأضاف أنه قبل تطبيق سياسات المعاش المبكر كان أمام الحكومة 3 سيناريوهات، الأول هو إعادة تدريب العمالة وإنشاء صناعات مغذية لتوظيفها فيها، والثانى الاتفاق مع شركات التأمين على أن تحصل هذه الشركات على مخصصات المعاش المبكر على أن تقدم تعويضات كبيرة للعمال فيما بعد، والسيناريو الثالث وهو الذى تم تطبيقه بالفعل هو خروج الموظف للمعاش المبكر وحصوله على مكافأة نهاية الخدمة، وهو القرار الذى شهد هجوما شرسا عند تطبيقه، وطلبنا من اتحاد عمال مصر التدخل لكنه أعلن عدم مسؤوليته عن أصحاب المعاشات.