عودة بوتين للكرملين.. «القيصر الجديد» يدعم قبضته الحديدية

«بوتين سيعود إلى الرئاسة، هذا لا يحدث تغييرا، لأنه كان باستمرار الشخص المسؤول عن إدارة الأمور فى روسيا»، هكذا علقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية على إعلان الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف عن رغبته فى تولى رئيس الوزراء فلاديمير بوتين للرئاسة فى روسيا وموافقة الأخير على ذلك ليعود مجددا لشغل مقعد الرئاسة، الذى شغله بين عامى 2000-2008.
كانت الساحة السياسية فى روسيا قد شهدت جدلا كبيرا حول ما إذا كان بوتين سيعود إلى الكرملين أم أن ميدفيديف سيترشح لفترة جديدة، بل أشارت استطلاعات الرأى إلى أن غالبية الروس يفضلون عودة بوتين لتولى مقاليد الأمور فى بلاده على استمرار ميدفيديف. وعلى الرغم من هذا فإن المؤكد أن مؤشرات عودة بوتين كانت واضحة للغاية ويأتى فى صدارتها أن ميدفيديف هو صنيعة بوتين، حيث عينه الأخير رئيسا لمجلس إدارة شركة جازبروم، التى تعد الذراع الاقتصادية الأهم لروسيا قبل أن يعينه رئيساً للوزراء فى تمهيد واضح لتوليه الرئاسة.
لن يكون لعودة بوتين تأثير على السياسة الخارجية الروسية، إلا أن تأثيره على السياسة الداخلية سيتمثل فى تدعيم قبضة بوتين –القوية أصلا- على الأمور السياسية الداخلية، خاصة مع تصاعد حركة المعارضة الروسية –بقيادة لاعب الشطرنج السابق جارى كاسباروف- ضد شخص بوتين، حيث تتهمه بأنه «قيصر الجديد». وعلى الرغم من تصاعد حركة المعارضة ضد حزب «روسيا الموحدة» بزعامة بوتين فإن تلك الحركة تبقى «نخبوية»، وهو ما يؤكد أن غالبية الروس أكدوا أنهم لا يشعرون بانزعاج بسبب تبادل الأدوار بين الرجلين.
ولا شك أن بوتين كان يثق فى أن اختلاف شخصيته عن ميدفيديف سيتيح له تبادلا مريحا للأدوار دون خوف من ميدفيديف، حيث إن الأخير هادئ ويفتقر للكثير من مواصفات بوتين الكاريزمية، كما أن بوتين ظل على صورته ك«رجل الدولة القوى»، وهى الصورة التى أتاحت له أن يفوز بدعم الروس بعد إحساسهم بالضعف بعد انهيار الاتحاد السوفيتى.
كما يتمتع بوتين بدعم شعبى واسع من الطبقة الوسطى الروسية فى ظل التحسن الواضح فى الاقتصاد الروسى وتحقيقه معدلات نمو مرتفعة، خاصة مع إدراك غالبية الروس، لأن بوتين هو المسؤول عن تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادى.
واللافت هنا أن الروس كانوا قد أطلقوا نكتة حول بوتين وميدفيديف، تقول إنه أثناء جلوسهما سويا عام 2008، العام الذى تبادلا فيه موقعى رئاسة الوزراء والرئاسة، فإن بوتين اختلط عليه الأمر وسأل –أثناء تناوله الخمر- عما إذا كان هو الرئيس أم ميدفيديف، فأجاب ميدفيديف أن بوتين لايزال الرئيس، فطالبه الأخير بأن يحضر بعض «الجعة» (البيرة).
وجدد الروس تلك النكتة خلال الفترة الماضية وقالوا إن الموقف نفسه سيتكرر عام 2024، أى بعد 12 سنة تمثل فترتين سيحكم بوتين خلالهما روسيا، بعد إقرار زيادة فترة الرئاسة ل6 سنوات عام 2008 ليعيد بعدهما تبادل الأدوار مع ميدفيديف.