الفرق بينهما كبير، رغم أن عملهما واحد، فكلاهما «دليفرى» يقوم بتوصيل الطعام لأصحابه، إلا أن أحدهما يوصل الطعام مجانا ويقوم بدفع ثمنه. بخلاف شنط رمضان وموائد الرحمن، خصصت بعض السيدات جزءا من وقتها لتقوم بطهى وجبات توزع على المحتاجين، فى حين خصص بعض الشباب جزءا من وقته للقيام بمهمة «الدليفرى» وتوصيل الوجبات لمستحقيها. الفرق الأول بين دليفرى المطعم والدليفرى الخيرى، هو أن الأخير يمكن أن تعمل به فتاة على عكس الأول، ولأنها بنت فهى أحيانا تقوم بالتحضير والتوصيل.. إيمان حمزة تقوم بهذه المهمة منذ 4 سنوات، قامت خلالها بتوصيل الوجبات للمنازل فى الدويقة وعين شمس ومستعمرة الجزام. تقول إيمان: «أنا حبيت أكون حلقة وصل بين الناس اللى عاوزة تقدم مساعدة بس مش عارفة، وكمان لأن التوصيل بيخلينا نشوف وضع الناس دى على حقيقته». إيمان فعلت أكثر مما يفعل عامل الدليفرى بدخولها مستعمرة الجذام لتقديم الوجبات للمرضى، لكنها لم تكن خائفة، مضيفة: «كانت هناك رهبة فى البداية، إلا أنها زالت بعدما أكد الدكاترة عدم وجود ضرر، إلا من خلال الاحتكاك المباشر «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا»، وأكيد ربنا هيحفظنا لأننا نقصد فعل الخير. وعلى الرغم من خوضها التجربة، فإن إيمان ترى أن البنت لا تصلح للعمل فى مهنة الدليفرى: «مينفعش البنت تبقى دليفرى لأنى مش بنزل لوحدى بيبقى معايا أصحابى بنات وولاد وكمان دليل من المنطقة علشان متوهش». بعد تجربتها أصبحت إيمان أكثر إشفاقا على عمال توصيل الطلبات للمنازل: «بقوا بيصعبوا عليا وبقيت أحس بيهم وهما طالعين يوصلوا الأكل فى الشمس والحر ولما يكونوا بيوصلوا أكل وهما أصلا عاوزين يفطروا بس مش قادرين لأنى ياما حسيت الإحساس دا وياما فطرنا فى الشارع على مياه وتمر». إيمان أكدت أن غلاء الأسعار طال مهمتها أيضا، فبعدما كانت تقوم بتوصيل أرز وقطعة لحم أو دجاج مع علبة خضروات وأرز باللبن وفاكهة، أصبحت الوجبة أرزاً ولحماً فقط: «الأسعار غليت ومبقاش حد يقدر يعمل وجبات متنوعة وكبيرة زى زمان». أما أحمد بهجت، فبدأ عمله فى الدليفرى الخيرى من الدواء لأنه صيدلى، يقول: «كنت بطلع فى البداية أوصل مساعدات طبية وأدوية لأن دى مهنتى، لكن بعد ذلك اخترت القيام بتوصيل الوجبات، بعدما اكتشفت فوائد ذلك بالنسبة لى»، مضيفا: «أنا من سكان مصر الجديدة وكنت متخيل أن كل الناس عايشين فى نفس مستوايا، لكنى اكتشفت أن فيه ناس تتمنى أقل من اللى أنا عايش فيه بكثير». يضيف بهجت: «أول مرة رحت أوصل وجبات مكنتش مصدق أن فيه ناس محتاجة للدرجة دى، والناس ماكنتش مصدقة أنه ببلاش وكانوا مستغربين لدرجة أنهم سألونا أنتوا أمريكان ودى معونة أمريكية ولا إيه؟». بهجت يقول إن المقارنة بين الديلفرى الخيرى والدليفرى التجارى مختلفة فى كل شىء، لأن الدليفرى الخيرى يختلف عن العادى فى كل شىء، حيث يقوم الشخص «الغنى» هو اللى بيقدم للفقير والآخر العكس، كمان الخيرى بيكون رايح بمزاجه ومبسوط لكن الثانى بيكون رايح وهو مجبر لأن ذلك عمله يحصل من خلاله على مقابل مادى. الفرصة الوحيدة لالتقاء الدليفرى التجارى والخيرى من وجهة نظر بهجت هى النية: «لو هو عنده نية طيبة من عمله وأنا عندى نية طيبة يبقى تساوينا». عمرو أحمد، اختار أن يقوم بهذه المهمة بعد خروجه على المعاش، مستغلا السيارة التى يملكها وصحته الجيدة: «بعد خروجى على المعاش حبيت أعمل حاجة خيرية لكن مكنتش عارف أعمل إيه، فرحت لجمعية خيرية وقلتلهم أنا عندى ثلاثة أشياء عاوز أستغلها وقتى وصحتى وعربيتى، فأصبحت أوزع الوجبات على المحتاجين بسيارتى الخاصة، لكن اكتشفت ميزة كبيرة للمهمة دى وهى أنى أشوف بنفسى المحتاج وهو سعيد لما أوصله الوجبة، لدرجة أنهم عرفونى وبقيت لما أتعب وأتأخر شوية يتصلوا بيا يسألونى أنت مجتش ليه؟ قلقنا عليك».