زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    كروان مشاكل: فرحي باظ وبيتي اتخرب والعروسة مشيت، والأمن يقبض عليه (فيديو)    أمن كفر الشيخ عن واقعة خطف أب لابنه: خلافات مع طليقته السبب.. تفاصيل    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تحذير المواطنين من المرور بأحد الطرق ببدر    هدى رمزي: الفن دلوقتي مبقاش زي زمان وبيفتقد العلاقات الأسرية والمبادئ    "فوربس" تعلن انضمام المغنية الأمريكية بيونسيه إلى نادي المليارديرات    بوينج توقع عقدًا بقيمة 8.5 مليار دولار لتسليم طائرات إف-15 إلى إسرائيل    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    النيابة تأمر بنقل جثة مالك مقهى عين شمس للمشرحة لإعداد تقرير الصفة التشريحية    نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، البنتاجون يعلن عن صفقة ضخمة لتسليم مقاتلات "إف-15" لإسرائيل    إسرائيل على خطى توسع في الشرق الأوسط.. لديها مصالح في الاعتراف ب«أرض الصومال»    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    فرح كروان مشاكل على حفيدة شعبولا يتحول إلى تحرش وإغماء وعويل والأمن يتدخل (فيديو وصور)    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    عرض قطرى يهدد بقاء عدى الدباغ فى الزمالك    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    حسام حسن يمنح لاعبى المنتخب راحة من التدريبات اليوم    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    أحمد موسى: خطة تدمير سوريا نُفذت كما يقول الكتاب    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدارس تعليم الطهى.. الدراسة برائحة شهية
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 12 - 2009

إذا كنت طالبا فى مدرسة تعليم الطهى، فسيكون عليك الالتزام بالوجود فى موعد بدء الدرس، خصوصا فى مدرسة «دينا سرحان». سوف يستقبلك شاب يرتدى مريلة المطبخ ويأخذك إلى قاعة الدرس التى تضم منضدة كبيرة لتجهيز الطعام وطهيه وحوض لغسل اليد محاطا بخزانات مرتبة لحفظ أدوات المطبخ وحوض آخر كبير للأطباق، فيما تستقر طاولة الطعام فى نهاية القاعة حيث تتذوق الطالبات ما صنعنه خلال الدراسة.
يتوالى حضور الطالبات وتحكى كل منهن إلى دينا عن الأكلة التى قدمتها لأسرتها بعد حصة الأسبوع الماضى،
وتخبرها إحداهن «الكيكة هبطت... يمكن عشان الفرن عندى مش مضبوط»، وتسألها أخرى: «أسيّح الزبدة ولا أوزنها؟!»، فتجيب دينا قائلة إن «الحلويات كيميا!» وهى بذلك لا تعنى صعوبة صنعها، إنما المعنى الحرفى للكلمة، فهى فى شرحها تبرر طريقة الصنع بخلفيات كيميائية تخص تفاعل المكونات وفيزيائية تتعلق بطريقة التعامل معها، فيزداد الأمر سهولة للطالبات اللاتى يتعرفن على سبب كل حركة يؤدونها خلال الطهى.
يبدأ الدرس بعد أن اجتمعت كل الطالبات، وارتدت كل منهن «مريلة المطبخ» ووضعت بها فوطة وغسلت يديها بالماء والصابون، وهو السلوك الذى تشدد معلمتهن عليه. يجلسن وأمام كل طالبة ورقة مكتوب بها مكونات الطعام وطريقة إعداده، ومن وقت لآخر تكتب الطالبات ملاحظاتهن فى الورقة كأى محاضرة عملية فى جامعة!
الطالبات اللاتى تتفاوت أعمارهن بين العشرينيات والخمسينيات جلسن فى اهتمام يستمعن لمضمون درس اليوم الذى بدأته دينا بشرح طريقة عمل «كب كيك»، موضحة الأدوات التى تستخدمها والفرق بين طريقة تقليب هذه العجينة وغيرها. وصححت عدة أخطاء شائعة فى التعامل مع الأدوات الكهربائية المتعلقة بطهى وتخزين الطعام مثل الثلاجة والبوتاجاز والفرن. وبدأ جو الدراسة يختلط برائحة الكيك، ثم الخضراوات الطازجة التى سوف تستخدمها دينا فى الطبق التالى. وتطلب دينا سرحان من بعض الطالبات أن يأتين لتنفيذ الطبق بأنفسهن تحت إشرافها، معطية للجميع ملاحظات حول شراء الخضراوات والتعامل معها والقيمة الغذائية لها.
«ممكن أسأل سؤال لازانيا؟!» تستقبل دينا السؤال من الطالبة وتجيبه، قبل أن تبدأ فى الطبق الأخير، فكل درس يضم «قائمة طعام» تشمل السلطة أو الحساء والطبق الرئيسى والحلو. وبينما تشرح دينا «باستا كاربونارا» تخبر الطالبات أننا سنعد هذا الطبق فى الوقت الذى ننتظر فيه نضوج ذاك الصنف، بطريقة تمكنهن من إعداد أكثر من صنف فى وقت واحد وترشدهن إلى طريقة استخدام بواقى الطعام.
وتواصل استقبال الأسئلة فى الوقت الذى تشترك فيه مع طالباتها فى تزيين «كب كيك» بشكل مبهر. وفى نهاية الدرس امتلأت مائدة الطعام بأطباق شهية الشكل وسريعة التحضير، تناولتها الطالبات فى جلسة تجمع بين «الالتزام الدراسى» والجو الرفاقى بين الطالبات، فدينا تتعامل بمرونة مع الخبرات المتفاوتة للحاضرات.
بعد توديع طالباتها تجلس دينا سرحان فى سعادة، قائلة: «هدفى هو أن تعود المرأة إلى مطبخها!» وتستدرك: «لا أعنى أن تدخل المطبخ ولا تخرج منه، إنما أن تعود للاعتماد على نفسها فى الطهى لأسرتها، لأن فى ذلك فوائد كثيرة ومتعة حقيقية». دينا نفسها عادت إلى مطبخها بعد الزواج،
وهى فى الأساس مهندسة تخرجت فى الجامعة الأمريكية وسافرت مع زوجها المهندس أيضا إلى أستراليا لإعداد ماجستير فى الهندسة، ولأنها لم تدخل المطبخ من الأساس وجدت نفسها مضطرة لتعلم الطهى، وبدأت من خلال قراءة الكتب ومشاهدة برامج الطهى لتكتشف هذه المتعة التى دفعتها لدراسة فن إعداد وتقديم الطعام فى مدرسة متخصصة، وهى اليوم مستشارة فى مجالها وصاحبة اسم معروف فى عالم المطبخ.
«فى مدرسة الطهى أنت تعرف لماذا تفعل ذلك، أقصد أنه فى الكتاب أو حتى على موقع الإنترنت الخاص بالمدرسة ستقرأ المقادير والطريقة لكنك لن تصل لمرحلة الإتقان أو الإبداع فى الطهى ما لم تعرف لماذا تتم العملية بهذه الطريقة». وتؤكد دينا أن بعض طالباتها تغيرت أذواقهن تجاه الأكل بعد تعلم طريقة طهيه، فمنهن من بدأت تناول أصناف كانت ترفض تذوقها، ومنهن من تشجعت على الوقوف فى المطبخ بدلا من اعتمادها الكلى على الشغالة.
وخلافا للمتوقع من زيادة الوزن بعد تعلم الطهى تقول دينا «لكل من جاء هنا وتعلم وجد وزنه ينقص!» وتبرر «تعلم الطهى يجعلك تتذوق، فتجد نفسك تشبع من المذاق لا من الكمية».
أكل المطاعم فى وصفة «بيتى»
«بيت الطهى» هو بيت بحق! فدخول مدرسة «بيت الطهى» يجعلك وسط جو منزلى أنيق ينفصل فيه مكان الاستقبال عن قاعة الدراسة التى تتوسطها طاولة عالية لإعداد الطعام، التف حولها ثلاث طالبات، هن العدد الذى اختارته السيدة أنهار معلمة الطهى لفصولها. وإلى جوار حوض الغسيل المقابل للطاولة، وضعت سبورة بيضاء صغيرة مزينة بقطع الفاكهة البلاستيكية ومكتوب عليها مضمون درس اليوم فى دورة الحلويات.
فى حماس تسأل السيدة أنهار طالباتها عن المقادير؟ فيقرأنها من الأوراق المعدة أمامهم الموضوعة فى ملف يكسبها شكلا مدرسيا، وتبدأ هى فى تنفيذ الطريقة شارحة كل خطوة، وتستعين بكل طالبة لأداء جزء من مهمة الإعداد، وبعد أن تضع «السويس روول» فى الفرن تشرح لهن طريقة اختيار المربى الجيدة للحشو.
وتبدأ فى عمل «تشيز كيك» الأمريكية، موضحة بدائل المكونات غير المتوافرة فى مصر أو مرتفعة الثمن. ينتهى الدرس بعد أن تشترك الطالبات فى تزيين الحلوى، ثم تخرج إحداهن «الموبايل» وتصور كل صنف فى إعجاب.
«الأكل مثل الزرع، كلاهما علم، كلما اهتممت به حصلت على نتيجة أفضل!» تقول السيدة أنهار ذلك لطالباتها، داعية إياهم إلى الاستمتاع بإعداد الطعام كما يستمتعون بمذاقه. «خلى مطبخك نضيف، شغلى أغنية لو بتحبى الموسيقى... حطى زرع»، وتستمتع معلمة الطهى بالوقوف فى مطبخها دون ملل رغم احترافها الطهى لأكثر من 15 عاما، من خلال إعداد وجبات جاهزة لأصدقائها وأقربائها، قبل أن تتفتح خدمة خاصة فى مدرستها لطبخ الأكلات المختلفة وتوصيلها لمن يرغب.
أما مدرستها «بيت الطهى» التى افتتحتها قبل عدة أشهر فقط فقد جاءت كمحاولة منها لنشر ما حصلته من معرفة فى عالم المطبخ شملت ثقافات مختلفة. وتوضح: «أقمت فى الولايات المتحدة نحو 15 عاما، أقبلت على قراءة كتب الطهى وتجريبها، لأننى من الأساس أحب المطبخ واستفدت من علاقاتى بجنسيات متعددة فى تعلم المزيد من الأكلات».
ثم تواصل: «أتعرف على شخص إيطالى، فأتعلم منه الأكل الإيطالى.. شخص مكسيكى فأتعلم منه الأكل المكسيكى وهكذا، ثم التحقت السيدة بمدرسة للطهى».
السيدة أنهار التى تجاوزت الستين عقدت دورات لتعليم فنون المطبخ لطالبات الجامعة بوصفهن «أمهات المستقبل»، منتقدة شيوع ثقافة الدليفرى: «كل الأكل فى مصر أصبح دليفرى، حتى الفول والطعمية».
وتحاول صاحبة «بيت الطهى» تعليم طالباتها كل المنتجات الغذائية حتى المايونيز والكاتشب وغيرهما من إضافات الطعام. وكثير من المتعلمات لدى السيدة أنهار يستعن بشغالة للمساعدة فى المطبخ، وتعلق على ذلك: «هذا يجعل لدى المرأة وقت فراغ؟ لماذا لا تستغل هذا الوقت فى تعلم شىء يفيدها فى بيتها؟» وتتساءل فى الوقت نفسه عن السبب فى عدم تخصيص دورات تدريبية على الطهى فى النوادى على شاكلة التدريبات الرياضية ودورات اللغات!
بينما ترى مدام شهيرة صاحبة أحد مدارس تعليم الطهى بالإسكندرية أن تعليم الطهى فى مصر عموما بحاجة إلى مزيد من الدعم قائلة: «منذ سنوات حاولت الالتحاق بإحدى كليات الفندقة لدراسة الطهى، لكنى لم أجد المناهج وطرق تدريسها كما أريد». وشهيرة التى افتتحت مدرستها فى سيدى جابر قبل 5 سنوات تخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وأخذت تعلم نفسها طوال 15 عاما، تعلمت خلالها المناهج التى يجرى تدريسها فى الولايات المتحدة وكندا.
وبعد هذه الفترة الطويلة من الدراسة رأت أن مشكلة دراسة المطبخ فى مصر مرتبطة بقلة المراكز التعليمية عموما.
وتقول: «منذ عدة أشهر وأنا أبحث عن مكان لتعلم تصوير الطعام، فلا أجد!» وهى أيضا تجد صعوبة فى وجود مثل هذه المراكز «أنا أريد تحويل الدورات التى أقيمها لتعليم الطهى إلى مدرسة حقيقية وأسجلها بشكل رسمى، لكن تغيب عنى الإجراءات اللازمة لذلك». الشىء نفسه حدث مع «مدرسة دينا سرحان» المسجلة رسميا بالفعل، التى كانت أول مدرسة طهى فى مصر والشرق الأوسط، وتقول دينا إنها تعرضت للكثير من الصعوبات عندما بدأت تنفيذ الفكرة المستغربة فى وقتها.
طالبات بالمريلة!
«أولادى يخرجون إلى المطاعم ومحال الوجبات ويطلبون منى أكلات مثلما تقدمه هذه الأماكن»، تقول مدام نجاة ذلك شارحة دافعها للالتحاق بمدرسة الطهى، فالسيدة التى تتقن «الأكل التقليدى» سجلت نفسها بدورة لتعلم الأكل المكسيكى! وبعد إنهائها هذه الدورة قررت مدام نجاة الالتحاق بدورة أخرى لأن «كل ما أراه فى محال الطعام مبهرا هو فى حقيقته سهل الصنع، فلماذا لا أتعلمه؟». أما مدام جيهان فكان التجديد فى المطبخ هو دافعها لتعلم الطهى، فقد ملّت من تكرار نفس الأصناف لأسرتها.
وترى دينا سرحان أن تنوع الأكل جزء من لذته موضحة: «هذا لا يعنى أننا بحاجة إلى تعديد أصناف الطعام على المائدة أو شراء مكونات غالية السعر، إنما نوع الخضار الواحد يمكن طهيه بأكثر من طريقة إلى جوار الطرق التقليدية التى تعودنا عليها»، وهو ما تتعلمه الطالبات فى مدرستها. وحاولت علا تعلم هذه التنويعات من خلال الإنترنت، فالمعيدة فى جامعة الإسكندرية مضطرة إلى إعداد الطعام فى منزلها بعد وفاة والدتها، ولم تكن وصفات الإنترنت تسعفها دائما.
«على الإنترنت وجدت إعلانا لمدرسة الطهى التى تديرها مدام شهيرة، والتحقت بها واستمررت دورة بعد الأخرى والسبب أننى «وجدت نفسى أصنع وصفات مبهرة، لم أكن سأتقنها من خلال القراءة فقط، فرؤية الطبق يجهز من البداية حتى وصوله إلى التقديم تشجع جدا على تجربة إعداده».
وبالنسبة لمدام شهيرة فإن دراسة الطهى فى مدرسة تتيح للطالبة التعرف على «عالم ما وراء الأكل»! سواء إعداده أو تذوقه أو تقديمه، وهو ما يصنع فارقا معها. أما مدام أنهار، فتعليم الطهى بالنسبة إليها رسالة تحب أن تصل لجميع بنات حواء خاصة المقبلات على الزواج، وتتساءل «كيف ستطعم الزوجة أسرتها إذا لم تكن قد دخلت المطبخ قبل الزواج؟» معتبرة أن الطهى فيه تعبير عن الحب للأسرة، وجمال طعمه وشكله ما هو إلا تغليف وتجميل لهذه الهدية.
وتتوقع السيدة أنهار أن يقبل المزيد من الأشخاص على تعلم الطهى، بسبب عدم الرضا العام عن الأكل الجاهز والسريع.
ولا يبدو حضور دروس الطبخ معطلا عن بقية الواجبات العملية والأسرية، حتى لدى علا المنشغلة بين رعاية البيت والتدريس بالجامعة واستكمال دراستها العليا، خاصة أن الدروس تكون مرة واحدة فى الأسبوع. فتنظيم الوقت هو سيد الموقف كما تقول السيدة أنهار من واقع تجربتها: «أنا أم لخمس أطفال ووقت تعلمت الطهى كنت فى بلد غريب، بل إنى كنت أتعلمه وإلى جواره أشياء أخرى كالزراعة وتربية الحيوانات، هذا كله غير عملى الأساسى كمترجمة».
وتعتبر دينا سرحان أن الانتظام فى حضور دورات الطهى أو أى دورات دراسية عموما هو عامل تنظيم للوقت موضحة» فى مدرسة الطهى تدركين قيمة الوقت، من حيث احترام مواعيد الحضور أو من خلال التعامل مع الطعام، فخمس دقائق فى تسوية الطبخة تصنع فارقا»!
فى المدرسة رجال وأطفال!
«الطبخ مهارة أساسية من مهارات الحياة»، هكذا تبرر دينا سرحان وجود طلاب من الرجال ضمن الدورات التى تعقدها. ويلتحق الرجل بدورة لإتقان طهى نوع من الأطعمة إذا كان محترفا، وتتعامل مدام شهيرة مع هذا النوع من الطلاب الذين يبحثون أيضا عن تدريبات تعقدها جمعية الطهاة المصريين.
أما الهواة فمنهم من يلتحق من باب اكتساب مهارة إطعام نفسه. وتذكر السيدة أنهار صاحبة مدرسة «بيت الطهى» أن أحد الشباب بعث بطلب الالتحاق بدورة مبتدئين لأنه لا يرغب فى أكل الوجبات السريعة خاصة أنه يقيم بمفرده. وكما تفكر المقبلات على الزواج فى تعلم الطهى، تذكر دينا أن بعض المخطوبين أو حديثى الزواج يقررون دراسة الطهى كنوع من المشاركة بينهم.
ولا يقتصر طلاب مدرسة الطهى على الكبار، فللأطفال أيضا مكان فى المطبخ، بشرط أن يكون بعيدا عن النار والخطر، إذ تتيح مدرسة «بيت الطهى» دورات للأطفال من سن 8 إلى 15 عاما يتعلمون خلالها كيفية تحضير الإفطار والفطائر البسيطة بأنفسهم وبعض الأكلات السريعة الصحية.
المثير هو ما يجرى فى دورات الأطفال التى تعقدها مدرسة «دينا سرحان» فالطلاب أطفال والمعلمون أيضا! تقول دينا: «أولادى يحبون المطبخ، ويحبون مساعدتى فيه، لذلك فكرت أن أجعلهم هم من يدرسون دورات الطهى للأطفال». وترى دينا أن الطفل يزيد استيعابه إذا كان من يشرح له طفلا، كما سيضفى جو التعلم متعة أكبر مما لو كان كبيرا يعمل صغيرا. «دورى وقت هذه الدورة هو الإشراف والمساعدة، وأكون حاضرة خلالها لتأمين الموقف على سبيل الاحتياط».
(هنا) هى الطالبة الأصغر سنا فى فصول الكبار للطهى، فالفتاة التى لا يزيد عمرها على 14 عاما حضرت قبل شهرين دورة المكرونات والحلويات فى مدرسة «بيت الطهى»، وأتقنت خلال دراستها 6 أنواع من الباستا و6 من الحلويات، بالإضافة إلى إتقانها الأكل المكسيكسى، وبدأ الموضوع مع هنا بالصدفة: «كنت مع والدتى فى صالة ألعاب رياضية أعلا المدرسة، ولأننى أحب الطهى رغم فشل معظم تجاربى فيه ألحقتنى والدتى بالمدرسة».
وتقول السيدة أنهار إن طالبتها الصغيرة كانت من المتميزات «كنت أسال طنط أنهار عن مكان شراء المكرونات وأشتريها بعد الكلاس وأعود لأطبقها، فأنجح!». وتوقفت هنا عن الالتحاق بمزيد من دورات الطهى لحين انتهاء هذا الفصل الدراسى، لكنها قررت مواصلة الحضور خلال إجازة منتصف العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.