السعودية تتحول إلى التجارة الإلكترونية فى ظل «كورونا».. وتغير كبير فى نمط حياة المستهلكين

أدت القيود المفروضة على الحركة والتجارة الناشئة عن فيروس كورونا إلى تحول ملحوظٍ فى سلوك المستهلك فى السعودية، حيث توجهت أعدادٌ متزايدةٌ من السعوديين نحو القنوات الرقمية.
وعلى الصعيد العالمى، ارتفعت حالات الإصابة بكوفيد-19 حتى صباح الأول من إبريل إلى 859.000 حالة، والوفيات التى نُسِبت إلى الفيروس 42.000 حالة، فى الوقت الذى شهدت فيه السعودية إصاباتٍ قليلةٍ نسبيًّا، حيث بلغ عدد الحالات المصابة 1.563 حالة و10 وفياتٍ.
وسجلت المملكة أول حالة إصابة بكوفيد-19 فى 2 مارس، بينما وقعت أول حالة وفاة بسبب الفيروس فى 23 مارس لمقيمٍ أفغانيٍ يبلغ من العمر 51 عامًا، وتزامنت حالة الوفاة الأولى مع فرض حظر تجولٍ يستمر لمدة 21 يومًا على مستوى المملكة، والذى أُعلِن عنه كذلك فى اليوم ذاته، ويَمنع الحظر كافة السكان من مغادرة منازلهم فى الفترة الواقعة بين 07:00 مساءً و06:00 صباحًا، وأُلحِقَ هذا الحظر بعد يومين من بدايته بتدابيرَ مشددةٍ وُضِعت لإيقاف انتشار الفيروس.
وأعلنت الحكومة إغلاقًا كاملًا للعاصمة الرياض والمشاعر المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما مدت ساعات حظر التجول فى المدن الثلاث، حيث قَدمت وقت بدء الحظر إلى الساعة 03:00 مساءً، مع منع الانتقال بين كافة مناطق المملكة، ثم فرضت حظرا كاملا فى المدن الثلاث. وفيما يتصل بالانتقال الدولى، علقت المملكة كافة الرحلات الدولية فى 15 مارس لمدة أسبوعين، على أنه يمكنُ أن يتم تمديدها. زيادةٌ ملحوظة فى التجارة الإلكترونية.
على الرغم من التأثير الطبى المحدود بعض الشىء على المملكة والتهديد الذى يمثله الفيروس، إلى جانب الجهود الرامية إلى المحافظة على التباعد الاجتماعى، أدى ذلك إلى تحولٍ كبيرٍ فى نمط حياة المستهلكين وعاداتهم، حيث شهدت التجارة الإلكترونية قفزة نموٍّ سريعة.
وصرحت شركة بن داود لمتاجر التجزئة لوسائل الإعلام المحلية فى مارس الماضى بأنه ومنذ تصاعد أزمة كوفيد-19 شهد متوسط مبيعاتها على أساس 10 أيام زيادةً قدرها 200%، كما ارتفع متوسط قيمة الطلب بنسبة 50%، وزادت تنزيلات التطبيق الإلكترونى 400%.
وفى الوقت الذى شهدت فيه التأثيرات الاقتصادية للفيروس إغلاق العديد من الشركات وخسارة الملايين من الناس حول العالم لوظائفهم، يقول المسؤولون فى بن داود أن النمو السريع فى النشاط ساعد الشركة على مقاومة هذه الاتجاهات. على صعيدٍ آخر، استفاد تطبيق نعناع من التحول الأخير نحو التسوق عبر الإنترنت، وهو تطبيق سعودى لتوصيل الاحتياجات التموينية، حيث عمل على إجراء جولة تمويلية ثانية بلغت 18 مليون دولار فى مارس الماضى بهدف توسيع عملياته فى الشرق الأوسط، وضمت قائمة المستثمرين صناديق رؤوس أموال استثمارية، وشراكات سعودية تقنية، وشركاء على مستوى الشرق الأوسط. وكان ذلك بعد الجولة التمويلية الأولى التى بلغت 6 مليون دولار العام الماضى.
وضاعفت الشركة طاقتها الاستيعابية ثلاثة أضعاف بعد طفرة الطلب التى أحدثها تفشى كوفيد-19. ويُتَوَقَّعُ أن يستمر ذلك فى ظل قرار الحكومة السعودية بفرض حظر تجولٍ أشدَّ تضييقًا فى المدن الكبرى. فى أكتوبر من العام الماضى، نفذت الدولة نظام التجارة الإلكترونية، الذى صُمِّمَ لتنظيم المعاملات الإلكترونية وتحسين الشفافية، كما اعتمدت وزارة التجارة والاستثمار فى 31 يناير اللوائح التنفيذية الخاصة بهذا النظام، مع زيادة الرقابة على بعض النواحى كحماية البيانات الشخصية، وحقوق المستهلك، والتزامات الإفصاح. وفضلًا عن التجارة الإلكترونية، كان لجائحة كوفيد-19 تأثيراتٌ واسعةٌ على نواحٍ أخرى من الاقتصاد السعودى، وأبرزها ما أحدثه تفشى الفيروس من هبوطٍ حادٍّ فى الطلب العالمى على النفط، مما أدى إلى انخفاض سعر البرميل من أعلى مستوى سنوى له.
وفى تصريحٍ لمجموعة أكسفورد أدلى به الدكتور هانز بيتر هوبر، الرئيس الأول للاستثمار فى البنك الاستثمارى الرياض المالية، قال: «إن تأثير كوفيد-19 جنبًا إلى جنب مع آخر هبوط فى أسعار النفط على التجارة الخارجية، سيؤثر على ميزان المدفوعات السعودى هذا العام فصاعدًا، على أن مدى هذا التأثير سيعتمد اعتمادًا كبيرًا على أسعار تصدير النفط السعودى».
على الجانب الآخر، وحيث إن هناك قيودًا كبيرةً على السفر على مستوى العالم، فسيؤثر الفيروس كذلك على السياحة الداخلية والخارجية، وبالتالى سيكون صافى الأثر المباشر لكوفيد-19 على الميزان التجارى صغيرًا نوعًا مَّا، وعلاوةً على ذلك، فانخفاض أسعار النفط، والإغلاق الكامل للمدن المرتبط بالفيروس لابد وأن يؤدى إلى انخفاض النمو المحلى، والذى سيكون بدوره مُثبِّطًا للطلب على الاستيراد.