أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب يقفز 640 للجنيه اليوم الثلاثاء بالصاغة    استعدادًا للتشغيل.. محافظ مطروح يتابع تأهيل سوق الخضر والفاكهة بمدخل المدينة    وزير الخارجية: نتوقع من المنتدى المصري الخليجي الاتفاق على صفقات كبرى لضخ استثمارات في مصر    سوريا توقع على إعلان تعاون مع التحالف الدولي لمواجهة "داعش"    الكنيست يصدّق بالقراءة الأولى على مشروع قانون لإعدام أسرى فلسطينيين    نفسنة أم نصيحة، روني يشن هجوما جديدا على محمد صلاح    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    انهيار جزئي من عقار قديم بالمنيا دون خسائر بشرية    أمطار على هذه المناطق.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    وزارة الداخلية تكشف ملابسات واقعة السير عكس الاتجاه بالجيزة    انهيار جزئي لعقار قديم قرب ميدان بالاس بالمنيا دون إصابات    التعليم تعلن خطوات تسجيل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز.. رضوى الشربيني داعمةً آن الرفاعي: «المحترمة بنت الأصول»    وداعا إسماعيل الليثى.. كاريكاتير اليوم السابع يرثى المطرب الشعبى ونجله ضاضا    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    من البابونج للسلمون.. 7 أطعمة تساعد على تقليل الأرق وتحسين جودة النوم    بعد إثارتها في مسلسل كارثة طبيعية، استشاري يكشف مدى حدوث الحمل بسبعة توائم    استغاثة أم مسنّة بكفر الشيخ تُحرّك الداخلية والمحافظة: «رعاية وحماية حتى آخر العمر»    وزير الخارجية ل«القاهرة الإخبارية»: مصر لن تسمح بتقسيم السودان تحت أي ظرف من الظروف    التخضم يعود للصعود وسط إنفاق بذخي..تواصل الفشل الاقتصادي للسيسي و ديوان متفاقمة    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    نجوم الفن يتألقون على "الريد كاربت" في العرض الخاص لفيلم السلم والثعبان 2    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    مشهد إنساني.. الداخلية تُخصص مأمورية لمساعدة مُسن على الإدلاء بصوته في الانتخابات| صور    زينب شبل: تنظيم دقيق وتسهيلات في انتخابات مجلس النواب 2025    ترامب: سوريا جزء مهم من الشرق الأوسط وأنا على وفاق مع الشرع    المغرب والسنغال يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية والتحضير لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بينهما    قوات الاحتلال الإسرائيلي تصيب فلسطينيًا بالرصاص وتعتقله جنوب الخليل    مفوضية الانتخابات بالعراق: أكثر من 20 مليون ناخب سيشارك في الاقتراع العام    سعر الفول والدقيق والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    المعهد الفرنسي يعلن تفاصيل الدورة الخامسة من مهرجان "بوبينات سكندرية" السينمائي    اليوم السابع يكرم صناع فيلم السادة الأفاضل.. صور    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تقارير: ليفاندوفسكي ينوي الاعتزال في برشلونة    إصابة الشهري في معسكر منتخب السعودية    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    ياسمين الخطيب تعلن انطلاق برنامجها الجديد ديسمبر المقبل    نقل جثمان المطرب الراحل إسماعيل الليثي من مستشفى ملوي بالمنيا لمسقط رأسه بإمبابة    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    رجال الشرطة يجسدون المواقف الإنسانية فى انتخابات مجلس النواب 2025 بالإسكندرية    أوكرانيا تحقق في فضيحة جديدة في شركة الطاقة النووية الوطنية    لماذا يجب منع الأطفال من شرب الشاي؟    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زويل»:دورى فى نهضة مصر أراه من باب قوة العلم وليس بالضرورة من خلال دولة الحكم
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 07 - 2011

لا يبدو أحمد زويل شخصية عادية بأى حال، ويمكن لمن يلتقيه فى جامعة «كالتك» أن يعلم على الفور أن هذا الرجل هادئ الطباع، ويمضى نهاره فى أبحاث الكيمياء والفيزياء التى حصل عن بعض منها على جائزة نوبل للعلوم، بعد أن استطاع الكشف عن أسرار الفيمتو ثانية، وهى بالنسبة للثانية كما الثانية بالنسبة ل32 مليون سنة، إلى هذا الحد نقل «د. زويل» العالم من حال إلى حال- فهو رجل أقرب لشخصية الأبطال.. هذه المقدمة كتبتها صحيفة «لوس أنجلوس تايمز الأمريكية» لحوارها الذى أجرته الكاتبة بات موريسون مع العالم المصرى الدكتور أحمد زويل.
قالت الكاتبة إن شخصية «زويل» تتجاوز ما تراه عندما تدخل إلى مكتبه فى «كالتك»، فهو شخصية يفتخر بها المصريون الذين ينظرون إليه بإعزاز وتقدير لا مثيل لهما ليس فقط لكونه المصرى الوحيد الحائز على جائزة نوبل فى العلوم، لكنه أيضاً فى عيون أبناء وطنه بطل قومى يسعى لنهضة بلاده من خلال إنشاء ما يعرف باسم مدينة أحمد زويل للعلوم والتكنولوجيا، وهى صرح علمى كبير يتبناه زويل ويحمله على عاتقه.
وأضافت: «زويل» أيضاً، فى الوقت نفسه، يشارك بأفكاره وجهده لإعادة بناء مصر التى تتحول الآن من دولة شمولية إلى دولة ديمقراطية فيما يمثل تجربة جديدة لذلك البلد الذى تمتد حضاراته لقرون وقرون بعيدة فى التاريخ.
وتابعت: ينتمى «زويل» لعالمين، الأول النشأة الأولى وهو عالم الحضارة الفرعونية القديمة الذى كشف سره عندما تم فك طلاسم حجر رشيد وهو الحجر الذى يحتفظ «زويل» بنسخة مقلدة منه فى مكتبه ب«كالتك»، والذى أدى الكشف عن معانى رموزه لربط مراحل تاريخية قديمة بمراحل تاريخية حديثة، وحقق التواصل بين عالمين منفصلين بالضبط كما البروفيسور زويل نفسه الذى يمثل الجسر وحلقة الوصل بين بلد له تاريخ عريق مثل مصر وبلد له الريادة فى التقدم العلمى والتكنولوجى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وفى بلاده الآمال معلقة عليه لينقلها إلى عالم النهضة والتقدم العلمى.. وإلى نص الحوار:
■ هل كنت تتوقع حدوث «ثورة» فى مصر؟
- خلال ال30 عاماً الماضية، لم أتوقف عن التردد على مصر، وفى كل مرة كنت أذهب إليها كنت أنظر لما يدور فيها وأفكر أنه لابد أن شيئاً ما سيقع فى هذا البلد، لقد كان الفساد والانحرافات السياسية يحتل كل شبر فى عصر الرئيس السابق حسنى مبارك، بطول البلاد وعرضها بصورة غير مسبوقة، وكان حال التعليم يتراجع بشدة إذا ما قارنته بالتعليم الذى حصلت عليه فى مصر فى الستينيات من القرن الماضى، وهو كان تعليماً راقياً بالتأكيد، وإلى جانب كل ذلك كانت الفجوة تتسع بين الأثرياء، الذين يتزايدون ثراءً بصورة فاحشة، والفقراء الذين يتزايد الواقعون منهم تحت خط الفقر.
والحقيقة أننى لم أكن أعرف ما الذى سيحدث أو من الذى سيتحرك.. هل هم الشباب أم الفقراء، ولم أكن أستطيع أن أتكهن بالضبط بالشكل الذى كانت ستسير عليه الأمور، هل كانت الثورة ستأتى سلمية أم عنيفة أم ماذا؟.. كنت أتساءل عن طبيعة الدور الذى سيقوم به الجيش أو جماعة مثل الإخوان المسلمين، وفكرت فى كثير من السيناريوهات لكنى لم أكن أتوقع أن تكون هناك تلك الثورة الشعبية السلمية الواسعة.
وعندما اندلعت الثورة كانت سعادتى غامرة قررت أن أدعم الشباب الذين قاموا بها، وكنت أعلم فى تلك اللحظة أن هؤلاء الشباب كانوا ينتظرون ممن هم مثلى أن يساندوا الثورة بالقول الواضح، ولم أتردد للحظة فى أن أتحدث بصراحة ووضوح، وفى لحظات حرجة وعصيبة أن أبعث برسالة من خلال وسائل الإعلام للملايين والملايين من أهلى وأبناء وطنى وأن أقول «إن الوقت قد حان للسيد مبارك لكى يتنحى عن رئاسة مصر».
ثم جئت إلى مصر لكى أشارك فى تأسيس هيئة الحكماء وهى الصياغة التى تلجأ إليها مصر دوماً فى المراحل الصعبة وبالفعل فقد تحركت نحو لقاء المسؤولين والقيادات الدينية، وبالتأكيد قيادات الثورة التى أطلقها الشباب، وقد كان هؤلاء بالذات عازمين على أن الوقت قد حان لإجراء التغيير، وبالفعل فقد كان لهم ما عقدوا العزم على تحقيقه، وبعد 18 يوماً من المظاهرات قرر «مبارك» التنحى وما تلى ذلك هو التاريخ الذى سطره المصريون وأصبح العالم كله يعرفه.
■ كيف كان شعورك فى تلك اللحظات؟
- تدافعت الدموع إلى عينى، فمصر كانت أول ديمقراطية فى الشرق الأوسط منذ عقود طويلة، وكانت النساء المصريات قبل الكثيرين فى العالم منخرطات فى العمل السياسى والعمل العام منذ العقود الأولى للقرن الماضى، إن مصر دولة لها حضارة وتاريخ ولم يكن ينبغى أن تمر بما مرت به وعايشته من معاناة ولا بما شهدته من تراجع.
■ بحسب مارجريت وارنر من «بى. بى. إس» فإن الجلوس معك فى الأماكن العامة فى القاهرة يشبه الجلوس مع أينشتاين وبونو فى نفس الوقت، ودعنى أسألك فى هذا الصدد عن طبيعة الدور المستقبلى الذى ترى نفسك تؤديه من أجل مصر، بما فى ذلك، كما يلح البعض عليك بالسؤال، ربما الترشح لرئاسة الجمهورية؟
- كانت هناك حركة تطالبنى بالترشح للرئاسة بالفعل، لكننى خلصت إلى نتيجة مفادها أن أفضل وسيلة يمكن لى من خلالها أن أدعم مصر فى هذه المرحلة من خلال سبل العلم، إن دعمى لمصر هو دعم العالم والمفكر، لأننى أظن أن أكثر ما تحتاج إليه مصر اليوم هو دور يقوم به شخص من خارج السياق السياسى، وبعيداً عن التباين فى وجهات النظر بين هذه الجماعة السياسية وتلك أو التنافس القائم بين هذا الحزب وذاك.
ويمكن لى، وهذا ما أفضله، أن أساهم ليس من خلال قوة دولة الحكم، لكن من خلال تأثير العلم، حيث أكون قادراً على المشاركة فى تقديم ما يلزم لإعادة بناء المؤسسات اللازمة لتحقيق الاستقلال والديمقراطية ومؤسسات العلوم والبحث، لأن هذا فى رأيى هو الطريق الذى يمكن لمصر من خلاله أن تستعيد مكانتها سواء العلمية أو الثقافية أو السياسية، وهنا يجب أن أؤكد أن هذا ليس بجهد فردى أتحدث عنه لكنه جهد جماعى يمكن لى بالتأكيد أن أشارك فيه وبفاعلية.
■ مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا التى تسعى اليوم لبنائها كنت قد أطلقت الدعوة لها والعمل على إنشائها عقب فوزك بجائزة نوبل عام 1999، أليس هذا صحيحاً؟
- نعم عقب تسلمى الجائزة توجهت لمصر والتقيت بالسيد مبارك وقلت له إن أكثر ما تحتاج إليه مصر فى رأيى هو نهضة علمية حقيقية وتطوير كامل لنظام التعليم، ثم عرضت عليه المشروع، وبحسب ما رأيت فى حينه فقد أصدر السيد مبارك تعليماته ليتم العمل على تنفيذ مقترح المشروع الذى تقدمت به.
وحقيقة الأمر أنه بعد 12 عاماً أمضيتها محاولاً يمكن لى القول إننى نجحت فى نشر الفكرة بين المصريين، حيث أصبح هناك الكثيرون يؤمنون بحتمية تحقيق النهضة العلمية للخروج من دائرة الظلمات التى وقعت فيها البلاد وإن كنت فشلت للأسف فى اختراق خطوط البيروقراطية الحصينة للبدء بالفعل فى المشروع، وأظن أن التفاف الناس حولى أثار غيرة البعض أو ربما أن البعض خشى أننى قد أكون مرشحاً للحصول على مواقعهم، وهنا بدأت كل الحيل للتلكؤ والتأجيل والمماطلة.
لكن هذا الوضع تغير بعد الثورة ومؤخراً قررت الحكومة العمل على بدء إنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وأنا سعيد جداً، بأننا وصلنا إلى مرحلة أصبح الجميع فيها يدرك أن اللجوء للعلم والتكنولوجيا هو الطريق لإخراج البلاد مما هى فيه.
إن المسائل السياسية للأمة فى هذه اللحظة بالغة التعقيد وكذلك الأمور الاقتصادية، وليس من سبيل لحلها فى وقت قصير أو خلال بضعة شهور، وأما الهدف الذى أسعى إليه فهو مشروع قومى تلتف حوله الأمة كما كان الحال مع بناء السد العالى فى الستينيات.
وأنا أجد أن هذه الفكرة تلقى الكثير من الحماس والبعض بدأ يتقدم بأموال للإسهام فى إطلاق المشروع، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن الأغنياء لكن عن أناس ليسوا على أى قدر من الثراء بدأوا بالفعل التبرع بما يستطيعون من جنيهات قليلة لإطلاق هذا المشروع.
هذا المشروع يجب أن يكون محل اهتمام الجميع فى الداخل والخارج، ويجب أن يلقى الدعم الواجب من الدول الصديقة لمصر مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى والصين ودول أخرى، وأظن أنه لو سارت الأمور على ما يرام يمكن لنا فى مدة قصيرة أن نرى ثمار الصرح العلمى الجديد.
■ يبدو أن الهدف الذى تسعى إليه هو أن يتوقف الطلاب المصريون عن التوافد على الجامعات الأمريكية للحصول على درجات علمية عالية؟
- بالطبع يمكن لهم أن يأتوا لزيارة «كالتك» و«إم. آى. تى» وغيرهما من الجامعات لكن سيكون عليهم دوماً أن يجعلوا من أوطانهم مقراً لعلمهم وتعلمهم وإسهاماتهم العلمية، ويمكن أن نقول إننا نود أن نكون مثل مؤسس كالتك روبرت ميلكان الذى أسهم فى تحقيق نهضة علمية واسعة فى بلاده، لكن فى الوقت نفسه فإننى لا أسعى لأى منصب سوى رئيس مجلس الأمناء لهذا الصرح العلمى، وما أريد أن أقدمه هو الرؤية اللازمة لإطلاق المشروع ووضعه على الطريق السليم.
■ فى الكلمة التى ألقيتها بمناسبة حصولك على جائزة نوبل قلت إن المصريين كانوا سيحصلون على معظم الجوائز لو أنها كانت تمنح قبل بضعة آلاف من السنين، والسؤال اليوم هو ما الذى حل بهذا الجزء من العالم، وما الذى حل بالدول العربية التى خرج منها مؤسسو العلوم وأصحاب النظريات العلمية؟
- يجب القول إن الرد على هذا السؤال بالغ العمق ويحتاج للكثير من الشرح والحديث، ولكن ما يمكن أن أقوله لك إن المدينة التى أتيت منها، مدينة الإسكندرية، كانت بها مكتبة ليس كمثلها فى العالم كله، يمكن أن تصفها بأنها كانت «كالتك» العالم القديم، وارتادها علماء مثل أرشميدس «ويوكلد» وغيره كثيرون، لكن شيئاً ما تغير بصورة سلبية وبدلاً من استمرار الحضارة وتصاعدها انتهت هذه الحضارة وهبطت كما حدث مع العديد من الحضارات العريقة من الرومان، للإغريق ولكثير من الإمبراطوريات مثل الإمبراطورية البريطانية وغيرها.
لكن هذا حديث يطول شرحه، وفى كل الأحوال فإنه خلال المئتى عام الماضية، مرت مصر بمراحل من التطور والنهضة، وأنا هنا أتحدث على وجه التحديد، عما كانت عليه مصر فى القرن التاسع عشر وقت أن كان محمد على يعمل على تحقيق نهضة جديدة، وبالفعل كان هناك الكثير من الاستثمارات فى مجالات التعليم والعلوم، وعندئذ كانت مصر دولة رائدة فى المنطقة كلها فى مجالات الثقافة والعلوم وحتى قيام ثورة 1952، وعندما تولى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فقد كانت لديه النوايا الصادقة لتحقيق تنمية شاملة فى مصر حتى وإن لم يكن من المؤمنين فعلاً بدور الديمقراطية فى نهضة الأمم، ويجب هنا أن نعترف بأنه خلال العقود الستة التالية فقدت مصر كل مؤسساتها الديمقراطية الواحدة تلو الأخرى.
■ هل تعتقد أن الجماعات الدينية الراديكالية يمكن أن تمثل عائقاً أمام نهضة مصر العلمية والتكنولوجية التى تحلم بها لمصر؟
- أنا أتفهم أن لهذا الأمر أهمية خاصة بالنسبة للنظرة الغربية لمصر، لكن دعنى أقل لك ليس هناك فى الإسلام الحقيقى أى شىء يمكن بحال أن يتعارض مع السعى للعلم والمعرفة، وإلا لما كانت الحضارة الإسلامية، منحت العالم أكبر الأسماء فى مختلف مجالات العلم بينما كانت أوروبا مازالت أسيرة لعصور الظلمات، كما ينبغى أن أضيف أنه فيما يتعلق بالمشروع الذى نحن بصدده فإننى لم أجد معارضة له من أى من قوى التشدد بما فى ذلك التى لها آراء سياسية أو دينية محافظة أو حتى متطرفة، وفى كل الأحوال فإن التطرف موجود فى كل المجتمعات سواء مصر أو الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرهما.
■ إذن، أنت ترى أنه لو تحققت الديمقراطية لمصر فإن كل شىء ممكن؟
- هذا صحيح، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت لأننا كان لدينا رئيس أمضى 30 عاماً فى رئاسة مصر ونتطلع إلى دستور جديد ينبغى علينا صياغته وهو مازال محلاً للنقاش والجدل، لكننا توصلنا لبعض الصياغات حول تحديد مدد الحكم لمن يتولى الرئاسة وهذا فى حد ذاته يمثل نقلة كبرى لمصر تكاد تكون الأولى منذ حكم الفراعنة.
■ ما نقاط التخوف المتبادلة بين مصر وأمريكا فى رأيك؟
- أظن أن الأمريكيين بصفة عامة ينظرون لمصر نظرة إيجابية بوصفها دولة ذات حضارة رائدة، حتى وإن لم يتم تصوير ذلك بدقة من خلال وسائل الإعلام، التى أحياناً ما تذهب إلى وصم العرب والمسلمين كلهم بالعنف، وتدعو للتحسب من الإسلام وأتباعه، وذلك فى رأيى جزء من تقليد سلبى ننتهجه أحياناً فى هذا البلد حيث البحث بشكل دائم عن عدو ما، وأنا هنا لا أنفى أن هناك من بين المسلمين من هو متطرف، لكن ذلك هو الحال بالنسبة لأتباع كل الديانات سواء الإسلام أو المسيحية أو اليهودية، فهناك دوماً المتطرف بينهم.
فى الوقت نفسه أعتقد أن المصريين فى المجمل ينظرون نظرة إيجابية إلى الأمريكيين والولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن كانت لديهم تحفظات على سياساتها فى بعض الأحيان.
■ قلت يوماً إن العلم دون الدين سيكون فاقداً للإنسان الروحى، والدين دون علم سيكون فاقداً للعقل الإنسانى.. لكن الحقيقة أن كثيراً من العلماء لا يتبعون ديناً بعينه.. هل ترى أنك تمثل الاستثناء؟
- لا أظن ذلك، وأن إحصاء حديث يخبرنا إن نحو نصف العلماء لهم معتقد دينى ما، وبلايين البشر فى العالم كله لهم معتقد أو آخر يتبعونه، ولا أظن أننى كعالم يمكن أن أقول لهؤلاء إنكم أغبياء، فإذا كان الجمع بين الدين والعلم يفتح أبواباً نحو تحسين حياة البشر، فإن ذلك فى رأيى يمثل نعمة كبيرة يمكن بالتأكيد الاستفادة منها، وفى كل الأحوال لا داعى لأن نتشبث برأى ونرفض الآخر، وأن نصر على أن العلم وحده لديه الحل لكل مشاكل العالم لأن الجانب الروحى - بما فى ذلك الدين - له أهمية قصوى.
■ كتبت فى لوس «أنجلوس تايمز» أن العلم هو القوة الناعمة لهذا البلد ومع ذلك فأنت قلق بصورة ما حول مدى اهتمام الإعلام والرأى العام بالعلم؟
- لا يمكن لأحد أن ينكر أن العلم والاقتصاد هما سر قيادة الولايات المتحدة الأمريكية لعالم اليوم، لكننا فى الوقت نفسه لا نعنى بما يكفى بنقل العالم إلى مساحة اهتمام الرأى العام ذلك رغم أن أمريكا تقوم نهضتها بالأساس على العلم والتكنولوجيا.
وهناك مشكلة أخرى أن اهتمام الأمريكيين بتحصيل العلوم والتخصص فيها يبدو متراجعاً عما كان عليه الحال قبل ذلك، هذا أمر مقلق لأننى مقتنع بأنه إذا ما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الاحتفاظ بوضعيتها كدولة رائدة وقوية فى العالم فسيكون عليها دوماً الاستثمار فى العلم والتعليم، لأنه لو تراجع هذا الاستثمار فستكون تلك للأسف بداية النهاية.
■ لكن السؤال الذى كثيراً ما يطرحه الأمريكيون حول الأبحاث العلمية النظرية هو: ما فائدة هذه الأبحاث وما جدواها الحقيقية؟
- الإجابة عن هذا السؤال لها شقان الأول منه هو أنك إذا أردت أن تتوقف عن إنتاج العلم فإنك ستقع فى عصور الظلمات، لأن العلم والمعرفة فى حد ذاتهما يمكن أن يغيرا نظرة الإنسان للأشياء ليراها مهمة وجميلة.
أما عن الشق الآخر للسؤال فهو أن أى عالم، بمن فى ذلك الذين فازوا بجائزة نوبل، لا يكون لديه من القدرة أن يتوقع ما الذى سوف ينتج من البحث العلمى، انظر على سبيل المثال للأشعة المقطعية التى تستخدمها اليوم جميع المستشفيات، لقد كان بحثاً علمياً بسيطاً وراء الوصول إليها بما لها من تأثير بالغ الأهمية بالنسبة للخدمة الصحية التى يتلقاها الكثيرون، ولا أظن أنه ينبغى لنا أن نقول إننا نقوم ببحث ما لأننا نعلم ما الذى سنصل إليه.
■ أنت تعنى بدراسة الفيمتو - كيميا، أو ما يمكن إيجازاً وصفة بالتفاعلات الكيميائية بالغة السرعة، ما الذى تعمل عليه الآن؟
- إن المرحلة الحالية من حياتى العلمية هى مرحلة بالغة الإثارة لأن الأبحاث التى نلت عنها جائزة نوبل كانت معنية بالرصد الزمنى لحركة الذرات وترابطها وانفصالها أما الآن فقد توصلنا إلى رؤية ميكروسكوبية للأبعاد الأربعة للمادة فى الزمان والمكان، فعلى سبيل المثال لقد قمنا بعمل وتصوير بيانو بحجم النانو أى واحد على بليون من المتر ورؤية كل المفاتيح وهى تعمل فى نغمات مختلفة وكذلك الحال بالنسبة للبروتين أو الخلية الحيوية.
■ هل يمكن أن أرى نانو - بيانو؟
- دعنى أطلعك على جهاز الكمبيوتر الخاص بى ما يمكن وصفه ب«النانو - هارب» حيث ترى كل الأوتار وتستطيع التحكم فيها وتحريكها لتعزف لك ما تريد، بما فى ذلك النشيد الوطنى المصرى من خلال ملايين التحركات.. أليست هذه فكرة رائعة؟
مصريون نفخر بهم
قليلة هى المرات التى تكون فيها الأفعال عظيمة بما لا يدع لدينا قدرة على التعبير عما يجيش فى الصدور والعقول.. ومن ثم فإنه لا يسعنى إلا أن أعبر عن شكرى وامتنانى للشعب المصرى العظيم من صغار وأمهات وآباء يتبرعون بما يقدرون عليه لهذا العمل الوطنى.. انطلاقاً من ثقتهم فى شخصى وإيماناً بأهمية النهضة العلمية للبلاد وهنا أخص بالشكر الدكتور محمد العريان وهو من أبناء مصر فى الخارج والدكتور حسن عباس حلمى وهو من رواد صناعة الدواء فى مصر، ونجله يشار الرئيس الفخرى للجالية المصرية فى رومانيا، لما قدموه من تبرعات سخية لمشروع مصر المستقبل، هؤلاء مصريون نفخر بهم وسوف يذكر لهم التاريخ هذا العمل الوطنى النبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.