بنسبة نجاح تخطت 90%.. صحة الفيوم تعلن نتيجة مدارس التمريض بالمحافظة    انطلاق اختبارات القدرات بكلية العلوم الرياضية جامعة قناة السويس    محافظ الجيزة يكلف بسرعة التشغيل التجريبي لموقف السرفيس بالصف    رئيس الوزراء يتابع موقف تسليم الوحدات السكنية للموظفين المنتقلين للعمل بالعاصمة الإدارية الجديدة    الطيران السوري: إغلاق مؤقت للممر الجوي الجنوبي    الأعلى للاقتصاد العربي الإفريقي: بحثنا أوجه التعاون مع جمهورية الصومال الفيدرالية    غدًا.. بيراميدز يبدأ معسكر الإعداد الخارجي في تركيا    الداخلية تكشف ملابسات فيديو متداول حول مخالفة مرورية في مطروح    المهرجان القومي للمسرح يكرم الفنان القدير جلال العشري    خطوة جديدة فى مشروع عملاق    «الصناعة» و«التخطيط» تبحثان جاهزية القطاع للتعامل مع آلية تعديل حدود الكربون (CBAM)    وزير البترول يبحث سبل دعم أنشطة الاستكشاف والإنتاج وتعزيز الشراكة التقنية    استيفاء الاشتراطات البيئية والصحية شرط إصدار تصاريح المشروعات ومحطات المحمول في الشرقية (تفاصيل)    إزالة 8 حالات تعدي واسترداد أراضي بناء بالشرقية    مصر بين أفضل 10 وجهات سياحية في 2025.. خبير سياحي يكشف أسباب التميز    الرئيس الأمريكى ترامب يطرح حل أزمة سد النهضة مقابل تهجير الفلسطينيين والسيسي يرحب    أحمد هاشم رئيسًا لتحرير مجلة "أخر ساعة"    21 شهيدًا فلسطينيًا أثناء انتظار المساعدات بخان يونس    البرلمان العربي يدين التصعيد الإسرائيلي المتكرر على أراضي لبنان وسوريا    مسؤولة أممية تدعو إلى تقديم قادة إسرائيل إلى العدالة    بسبب تهريب 2 مليون لتر وقود.. إيران تحتجز ناقلة نفط أجنبية في خليج عمان (تفاصيل)    جامعة الفيوم تجري اختبارات القدرات للراغبين في الالتحاق ب كلية علوم الرياضة    «مكنش حد يعرفه».. جمال عبدالحميد يهاجم زيزو ويختار بديله في الزمالك    محمد إبراهيم يفوز برئاسة الاتحاد العربي لرياضة الفنون القتالية المختلطة «MMA»    عقب إعلان رحيله.. ريال مدريد يعلن موعد تكريم فاسكيز في حفل رسمي    تقارير: راشفورد يدخل دائرة اهتمامات ليفربول    تقارير: إصابة شتيجن تعجل برحيله عن برشلونة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025.. والعطلات الرسمية المتبقية خلال العام في مصر    إصابة 6 أطفال في حريق التهم معرض موبيليا ب الدقهلية    «تموين المنيا»: ضبط 137 مخالفة خلال حملات تفتيشية على الأسواق    «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالعصى بسبب خلافات الجيرة في الشرقية    السيطرة على حريق في مزرعة دواجن بقرية دمشقين بالفيوم دون إصابات    ضبط محطة وقود بتهمة بيع المواد البترولية المدعمة بالسوق السوداء بأبنوب في أسيوط    بعد تداول فيديو يوثق الواقعة.. حبس شاب هدّد جيرانه بسلاح أبيض في الفيوم    «الإنقاذ النهرى» بالبحيرة تنجح فى إنتشال جثتين لضحايا انقلاب سيارة    رفض 12 طعنًا بانتخابات الشيوخ.. وتأييد استبعاد 3 مرشحين لحزب النور    سوزي الأردنية وكيرو على ريد كاربت «الشاطر».. جدل حول حضور «التيكتوكرز» عروض الأفلام    رسالة واتساب السر.. كواليس أغنية «حفلة تخرج من حياتي» ل تامر حسني    محمد علي رزق: «فات الميعاد» من أمتع الكواليس اللي مريت بيها| خاص    مفاجأة عاطفية.. توقعات برج الثور في النصف الثاني من يوليو 2025    أول تعليق من «لميس الحديدي» بعد إنهاء تعاقدها مع المتحدة    شاهده مليون شخص.. تعرف على تفاصيل أحدث أفلام كريم عبدالعزيز في السينمات    تواصل مناهضة الفرق البريطانية لدعهما غزة .. إلغاء تأشيرات "بوب فيلان" الأمريكية بعد أغنية "الموت لإسرائيل"    بين الحب والاتباع والبدعة.. ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025؟    نائب وزير الصحة يتابع مستجدات السياحة العلاجية بشراكات دولية    مبادرة الألف يوم الذهبية.. نائب وزير الصحة في ندوة علمية بالمنيا لدعم الولادات الطبيعية    لحماية الذاكرة.. 8 أطعمة تساعد على الوقاية من ألزهايمر    محافظ شمال سيناء: مبادرة 100 يوم صحة نقلة نوعية لتوفير رعاية شاملة للمواطنين    تقديم 1214 خدمة طبية مجانية خلال قافلة بقرية قصر هور في المنيا    أوقاف السويس تنظم ندوة بعنوان نعمة الماء وحرمة التعدي عليها    لاعب الزمالك السابق: زيزو كان يحب النادي.. وكيف يفرط الأهلي في قندوسي؟    أكاديمية الشرطة تستضيف دورتين تدريبيتين بالتعاون مع الصليب الأحمر    بعد 12 عامًا.. خلفان مبارك يغادر الجزيرة الإماراتي    بالتنسيق مع الأزهر.. الأوقاف تعقد 1544 ندوة بشأن الحد من المخالفات المرورية    قتلى ومصابون جراء قصف روسي على عدة مناطق في أوكرانيا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال البنا: مصر مش ناقصها دين مصر ناقصها علم
المصري اليوم، أخبار اليوم من مصر
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 06 - 2011

عندما تتكلم مع جمال البنا، ذلك المفكر الإسلامى المرموق، فى حوار سياسى، بالتأكيد أنت تجلب لنفسك المتاعب، وبالنسبة لمهنة الصحافة ذلك أمر طبيعى لأنها مهنة البحث عن المتاعب.الرجل الذى تجاوز التسعين من عمره له آراء صادمة وتثير الجدل ومحدد فى وجهة نظره فى الكثير من الأمور، وفى الإجابة عن الأسئلة التى طرحناها عليه، فعندما سألته عن مستقبل مصر و«هى البلد رايحة على فين؟» قال: «هى مش عارفة» وعندما سألته عن الثورة قال إنها بلا قائد والجيش نفسه لا يريد أن يكون قائدًا لها ولكنه حام.جمال البنا يرى أن الحل هو تطبيق الديمقراطية وأنه مع فصل الدين عن الدولة، وأن النظام التركى الذى يتم التسويق له فى مصر لا يصلح لنا.. وإلى الحوار:
■ ما تقييمكم لما يحدث حاليًا.. أو بمعنى آخر مصر رايحة على فين؟
هى نفسها مش عارفة.. لأنه ليس هناك الخط الإرادى المصمم والمحدد، وهذه الحركة «يقصد الثورة» غلبت عليها التلقائية، ولم يكن لها قائد أو تحديد نظرى معين.
■ هل يمكن اعتبار أن الجيش هو القائد لها، باعتبار أنه هو الذى حماها؟
الجيش نفسه لا يريد أن يكون قائدًا وهو حامٍ، وفى حقيقة الحال قام بهذا الدور بصورة ممتازة جدًا، وأعلم أنه غير طامع فى السلطة، ويريد حماية الثورة وتسلمها بعد أن تنال الحقوق المشروعة، وهو اعترف بالثورة وبأنها ملك للشعب، ودوره ليس أكثر من أن يصل بالثورة للسلطة والاستقرار، وهذا شىء طبيعى، لأن مصر جربت الحكم العسكرى المجرد.
■ ماذا تقصد بالحكم العسكرى المجرد؟
يعنى اللى يكون فيه عسكريون فقط، وهذا ما حدث فى ثورة 23 يوليو، وكانت حركة غير موفقة، وهناك ظروف كثيرة أهدرتها روح المقامرة وعدم النضج والانفراد بالسلطة وجنت على مصر جناية لانزال حتى الآن نتعثر فى عقابيلها، والجيش وحده لا يحكم مطلقاً، ولا الشعب يقبل حكومة عسكرية.
■ وما الحل؟
الحل هو الديمقراطية.. والجميع يريدون دولة مدنية، لكن معالجة الجيش للأولويات لم تكن موفقة ولم يكن المسار نفسه هو المسار السليم، فتعديل بعض مواد الدستور والاستفتاء عليها لم يكن له داعٍ بل كان انحرافاً للمسار.
■ وما المسار السليم الذى كان يجب أن يحدث؟
كان على الشباب الذين قاموا بالثورة أن يذهبوا إلى الضباط الذين حموا الثورة، ويكوِّنوا مجلسًا رئاسيًا مشتركاً، ويمكن أن يضاف إليه شخصيات مثل الدكتور محمد البرادعى، ويكون عدده من 19 إلى 20 عضوًا، وشرعية هذا المجلس ستكون أكثر من أى شرعية أخرى، لأنها شرعية الثورية الشعبية، وكان أول شىء يجب أن يفعله هو أن يتحفظ على رجال عهد مبارك، وهم حوالى 3000 شخص، ويحل كل الآليات والأجهزة الخاصة بهذا العهد، لأن هذه ثورة وبداية عهد جديد، فليست بعقلية قديمة والشخصيات تدير البلد، فكان يجب أن يتم حل الحزب الوطنى فورًا وكذلك اتحاد العمال العميل، الذى جعل العمال يسلمون الشركات لمستثمر أجنبى، ثم حل مجلس الشورى، ويتم إلقاء القبض على جميع الشخصيات وتتم محاكمتهم محاكمات عادلة وليست بالطريقة التى تجرى، لأن العدالة فى الثورة لها منطق آخر.
■ ما هذا المنطق؟
أضرب لك مثلاً بأن مبدأ المتهم برىء حتى تثبت إدانته هو مبدأ أصيل، لكن فى الثورة يمكن أن يكن حائلاً دون العدالة، فإذا كان ضباط أمن الدولة أول شىء يفعلونه عندما يقبضون على شخص أن يقوموا بتعصيب عينيه وإهانته وإهدار كرامته ما وسعهم ذلك حتى مهما كانت مكانته، وعندما يحاكم يقول له القاضى من ضربك؟ فلا يعرف، فأنا أرى أن كل ضباط أمن الدولة مدانون حتى تثبت براءتهم ويجب أن يحاكموا على التعذيب، وعليهم أن يثبتوا براءتهم، وهذه عدالة الثورة.
■ هل ترى أن وجود أحزاب كثيرة هو ظاهرة صحية؟
ليست ظاهرة صحية ولكنها طبيعية، فالظروف الاستثنائية توجد أوضاعًا استثنائية، فكل واحد لا يريد إنشاء حزب فقط بل ترشيح نفسه فى انتخابات الرئاسة.
■ لكن هناك بعض الأحزاب منها برزت والبعض يقترح أن يحدث اندماج بينها أو ائتلاف؟
إذا كانت الأفكار بينهم متقاربة، ويستطيعون بناء برنامج عمل مشترك، أما إذا لم تكن هناك عوامل مشتركة وقوية وتكون هناك مساحة لتغليب الخاص على العام، فلن تنجح وسيبقى الصراع والتشرذم سمة الحياة المصرية.
■ ما رأيك فى حزب «الحرية والعدالة» التابع لجماعة الإخوان المسلمين؟
حزب «الحرية والعدالة» هو حزب يستهدف السلطة، ومن يقل غير ذلك فهو مخادع، وهناك مشكلة ليس من السهل حاليًا التخلص منها وهى علاقة الحزب بالجماعة، فلا يمكن أن يتخلص منها، وفى الوقت نفسه يفترض أنه لا يتبعها.
■ ما رأيك فى من يقول إنه لا يجوز أن يشكل حزب على أساس دينى لكنه يجوز أن تكون له مرجعية دينية؟
هذا تمحك ومخالفة، لأن المرجعية الدينية ستكون على حساب الدولة المدنية.
ولأن الدين ليس مرجعية لكل شىء تقوم عليه الدولة، فالبحث العلمى والرياضة والهندسة.. إلخ لا علاقة لها بالدين، ومع هذا فإنها من كبرى مرجعيات الدولة، وقل مثل ذلك على الفنون والآداب.
عندما تقول مرجعية دينية فما هى الصورة العملية لذلك، هل تتبع كلام الأئمة والفقهاء فتأخذ فى التفسير بما قاله الطبرى وفى تصنيف الحديث بما وضعه ابن حنبل وتقلد أحكام فقهاء الأئمة الأربعة؟ إذا كانت هذه هى المرجعية الدينية فهى كارثة بمعنى الكلمة، وهى التخلف وإعمال النقل وإهمال العقل، وهى القضاء على الحرية والفنون والآداب، لأن الدين بهذه الطريقة ليس هو بالضرورة ما جاء به القرآن أو ما طبقه الرسول، ولكنه فهم الأسلاف للقرآن ولتطبيق الرسول وهو فهم تم فى عصور مغلقة كانت وسيلة الثقافة هى الكتاب المنسوخ باليد، وكان الحكم استبداديًا، وهم بعد كل شىء ومهما كانت عبقريتهم بشر فيهم نقص وقصور البشر، فالأخذ بكلامهم لن يقدمنا إلى الأمام ولكن سيؤخرنا إلى الخلف، كما يلحظ أن كلام الأئمة متعدد، ومتناقض، والأحكام تقبل الأمر وضده.
وإذا كان الدين هو القيم.. هو الحرية.. هو العدالة.. هو المساواة.. هو المعرفة، فإن هذه كلها من مفردات الدولة المدنية ويمكن أن نختصر الطريق فنأخذها منها.
وسيظل للدين مكانه ودوره فى الإصلاح، ولكن على مستوى الأفراد أو الأئمة ولكن ليس عن طريق الدولة.
■ ماذا تعنى كلمة حكم مدنى فى فكر جمال البنا؟
تعنى أنها ليست حكومة دينية أو عسكرية أو فاشية، وهى الحكومة التى تؤمن بالمساواة ويحكمها القانون.
■ ما الذى جعل السلفيين يخرجون ويصرخون ويحاولون إثبات أفكارهم وتواجدهم؟
هذه ظاهرة طبيعية بعد طول الكبت، فهم كانوا فى «جرة وطلعوا برة»، وطبيعى أن هذه التكتلات التى تعبر عن رأى شعبى وجماهيرى وهوائى، عندما تجد فرصة فتظهر بقوة وتزحف، والسلفيون أكثر الناس الذين يعرفون سيكيولوجية الشعب ومشاعره، وهناك كبت وبطالة وعوامل عديدة تؤثر فى الناس وتجد فى دعوات السلفيين متنفسًا لها وتأخذها من عهدها البائس إلى عالم آخر.
حالة الخريطة السياسية الآن بكل هذا التنوع.. هل تجعلك تتفاءل بالمرحلة المقبلة؟
نحن فى مرحلة قلق، فالإخوان قوة.. والوفد قوى لكن بتقاليده القديمة، وهناك 3 أحزاب تقوم، وسيبقى هناك 8 أحزاب تتنازع السلطة، فلن يحصل حزب على الأغلبية المطلقة التى تمكنه من تشكيل وزارة فيشكل مع باقى الأحزاب وزارة ائتلافية، فمثلا الإخوان يتفقون مع الوفد أو أى حزب ثان صغير ويشكلون وزارة، لأنهم لن يحصلوا على 50% من الأصوات ولا حتى 40%، ولهذا فإنهم سيكونون وزارة ائتلافية، والوزارة الائتلافية هى كما أقول «الأخوة الأعداء» قلما تنجح.
■ هناك من يقول إن جماعة الإخوان لن تحصل حتى على 2% من مقاعد البرلمان المقبل؟
لا.. ويبتسم قائلاً «من الممكن فعلاً وإذا حدثت ستكون فجيعة وفضيحة بعد الدخول القوى لهم والاستعلاء والادعاء والثقة واستعراض القوة، «ويكونوا بصراحة يستهلوها لو حدثت».
■ لماذا يستهلوها؟
لأنهم مفروض أن يتواضعوا، ويتعلموا الدرس.
■ كيف وصل لك استعلاء الإخوان؟
انظر إلى الدكتور سعد الكتاتنى، أو الأستاذ صبحى صالح، وهما يتكلمان وتأمل وجه كل واحد منهما، فهما يبتسمان فيما يشبه الرثاء وكأنهما يقولان لنا «انتم مش عارفين حاجة، ومفيش غير الإخوان فى الساحة»، وهذه طريقة لا تليق أبدًا، ولا تصب فى مصلحة الوطن الذى يحتاج إلى حوار لين وهادئ «وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ».
■ ما رأيك هل نجرى انتخابات برلمانية أولا أم نضع الدستور؟
أنا مع وضع الدستور أولاً، ومتأكد أن هذا هو الرأى الصحيح، لأن أى بوابة لها مفتاح ومفتاح المستقبل هو دستور جديد، «انت تعمل دستور علشان إيه»، فإذا كنت تعمله من أجل انتخابات فيجب أن يتم قبل الانتخابات، أما أن يتم بعدها فهذا لا معنى له، فضلاً عن أن أنصار العهد القديم موجودون.. وبقوة، وعندئذ سيتمكنون من النجاح فى الانتخابات، بالإضافة إلى الإخوان بالطبع، فهل نتصور انتخابات أسوأ من هذه.
■ ما رأيك فى النموذج التركى.. هل يمكن «استنساخه»؟
من الصعب أخذ نموذج سياسى لتطبيقه فى دول أخرى.. والنموذج التركى لا يصلح للتطبيق فى مصر، لأن الأوضاع مختلفة، ونحن لسنا فى حاجة لتقليدها لأن مصر لها التجربة الخاصة بها وهى المرحلة الليبرالية من سنة 1919 وحتى عام 1952 ورغم عيوبها كانت ناجحة وكل أمجاد مصر تحققت فى هذا العهد، فى كل المجالات من إنشاء الجامعة المصرية وظهور قامات فكرية وفنية مثل توفيق الحكيم وطه حسين والعقاد وأم كلثوم، حتى أصبحت مصر واحة الحرية للعالم العربى، وكان لها التأثير الأكبر فى الشرق، وهى المحطة الأساسية لكل من يأتى من الغرب ومن أنحاء العالم المختلفة.
وليس من المفارقة أنها الحقبة التى سمحت بظهور الإخوان والوصول إلى الانتشار، وهذا ما يجب أن يطمئن الإخوان، وما يجب أن يكون لهم مقنعاً، فما دام الدستور يسمح بظهور دعوة إسلامية فهذا ضمان يحول دون فساد هذا المجتمع.
■ هل أنت مع أم ضد الدولة الدينية أو الحكم الدينى؟
لا توجد دولة دينية أو حكم دينى.. الدين هداية، أما الحكم فهو ممارسة، فهناك اختلاف فى الطبائع، فضلاً عن الاختلاف فى الوسائل والأهداف، فالدين يستهدف الهداية ويتجه إلى الفرد ويُعنى بالقلب ويحرص على الإيمان والرضا النفسى، أما الدولة فهى ممارسة عملية بوسيلتين القهر أو الإرشاد، وهى تستهدف النظم وليس الأفراد، ولم يحدث حكم دينى فى العالم بأسره ونجح لأنه عندما أقام المسلمون الخلافة الراشدة فإنها لم تبق سوى 12 سنة وعندما طعن عمر بن الخطاب طعنت الخلافة وظهر الشقاق والخلاف والحرب بين المسلمين وانتهت سنة 40 هجرية بأن تحولت إلى ملك عضوض.. سلطوى.. وراثى، ليس فيه شىء من الخلافة، وعندما أنشأت المسيحية دولة تحولت إلى محكمة تفتيش تتفنن فى فنون التعذيب للمخالفين، وحتى الاشتراكية كانت نقمة على العمال عندما أنشئت لهم دولة، وهذا ما يوضح لك أنه ليست هناك حكومة دينية وأوروبا استمرت 400 سنة تبنى فى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة والاستقلال، وهذه هى التى يجب أن تكون عليها مرجعية الدولة، ومحمد على عندما نهض بمصر لم يكن بالمرجعية الدينية. وفى النهاية مصر مش ناقصها دين مصر ناقصها علم.
■ إذن أنت مع فصل الدين عن الدولة؟
نعم.
■ فسر لنا سبب وضع المادة الثانية من الدستور الملغى فى الإعلان الدستورى؟
يبتسم ويضحك بشدة واستشعرت بأنه أحرج.. هذه المادة «فوق الدستور»، وهى موجودة منذ دستور1923، وأعتقد أن هذه المادة ليست هى المعوق الأساسى أمام نهضتنا ولن تكون هى رافعة نهضتنا وتقدمنا أيضًا.
■ لماذا الرئيس الراحل أنور السادات أحياها فى الدستور؟
لأنه عرف أن الشعب المصرى متدين والدين فيها أكبر مقوماتها، ومصر دولة إيمانية فالمسلم المصرى من أكثر المسلمين إيماناً فى العالم، والمسيحى المصرى من أكثر المسيحيين إيماناً فى العالم والسادات استغل ذلك لحسابه السياسى، أى أنه استغل ما هو دينى لتحقيق هدف سياسى هو أنه يمكن للحاكم أن يحكم مددًا وليس مدة، كما كان فى الدستور، وعلينا أن نتعلم من ذلك ونترفع بالدين عن مثل هذه الألاعيب.
■ هل نستطيع فى الدستور الجديد أن نضع مواد بديلة عن الصيغة الدينية؟
ممكن جدًا أن نتكلم عن القيم وأن هذه الدولة تستهدف فى قوانينها القيم المعنوية، من مساواة وعدالة وحرية وخير وغيرها من المعانى النبيلة التى تساعد البشر على الإنجاز والعيش فى سلام وأمن وحرية.
■ هل أنت مع إلغاء المحليات أم بقائها؟
أنا دائمًا مع اللامركزية كمبدأ للاستمرار وضرورى أن ندرب الشعب أن يحكم نفسه بنفسه.
■ ألم تلاحظ أننا فى السنة الأولى أو «كى جى وان» فى هذا الموضوع؟
طالما أننا مخلصون فكل شىء سيمضى بشكل جيد.
■ هناك رأى يطالب بانتخاب المحافظين وليس تعيينهم فهل هذا يصب فى اللامركزية؟
كل هذه بدائل وليس هناك نظام ناجح 100%. لدى السودان حكم مدنى بمرجعية دينية، ومع ذلك فشل فى حل مشكلات السودانيين وهناك من يستحسنه ويطالب بتطبيقه.
لو كان من الممكن إقامة دولة إسلامية فى العصر الحديث، لكان يجب أن تقام فى السودان، والشعب السودانى هو شعب مؤمن فعلاً، وكان لديه الدكتور حسن ترابى وهو مفكر إسلامى عميق، ولكن السلطة مفسدة، فلم ينهض الحكم بالثقافة أو العدالة، ولكنه أوجد ديكتاتورية، ثم أراد تطبيق الشريعة فجاء بأعظم نكبة فى تاريخ السودان ألا وهى تقسيمه والحرب الأهلية.
■ ما الحلول من وجهة نظرك لعودة الأمن فى الشارع؟
كل جهاز الشرطة فاسد، ويجب فصل كل ضابط من رتبة عميد فيما فوق ثم نأتى بعشرة آلاف شاب من الكليات، وندربهم على الخدمة العامة، وينتشرون فى الأقسام، ويبدأون مع جهاز شرطة جديد.
■ فى رأيك ما أسباب ما يطلقون عليه الفتنة الطائفية؟
الفتنة الطائفية تحدث لأن 50% من حوادثها يرجع إلى أن بنتاً مسيحية أحبت شابًا مسلمًا فأسلمت والعكس، وشاب عايز يطلق مراته وهو قبطى، وإذا كنا نؤمن بحرية الفكر فما كانت ستقوم هذه الفتن لأنها مسائل بسيطة شخصية بسيطة لا تمس المجتمع، ولا الدين نفسه، لأن الدين لن ينقص أو يزيد نتيجة لأن آحادًا غيروا دينهم، ولكن مادمنا لا نؤمن بالحرية ولا نعمل عقولنا فسنكون ضحايا التعصب، أضف إلى ذلك ما فى المجتمع من شقاء وبطالة وفاقة تثير الأعصاب وتدفع لجريمة تظلل بظل دينى.
■ هل تعتقد أن ما حدث فى الثورة الأوكرانية عندما انقلب الشعب على الثوار فيما بعد من الممكن أن يحدث فى مصر؟
أعتقد أنه قد يتكرر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.