بحوزته مبالغ مالية.. ضبط أحد أنصار مرشح يدفع رشاوى للناخبين بسوهاج    بسبب الرشاوى الانتخابية، 5 مرشحين بدائرة الرمل بالإسكندرية يطالبون بإلغاء الانتخابات    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    لحظة بلحظة، سعر الدينار البحريني أمام الجنيه في البنوك المصرية مساء اليوم    زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر يضرب ولاية نيفادا الأمريكية    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    بعد هجمات البحر الأسود.. تركيا تستدعى سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسى لمنع توسع دائرة التصعيد    استبعد البرتغال بقيادة رونالدو، ميسي يرشح 5 منتخبات للفوز ب كأس العالم 2026    منذ الساعات الماضية .. مجلس الزمالك فى اجتماع مفتوح لإنقاذ النادى من أزماته الحالية    مصرع شخص وإصابة 11 آخرين في حادث تصادم بزراعي المنيا    أول ظهور ل أروى جودة بعد شهر العسل في افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    خالد الجندي يكشف الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد(فيديو)    يدخل الخدمة لأول مرة.. دعم مستشفى العريش العام بجهاز منظار ياباني متطور لجراحات المسالك البولية    كيف تحمين طفلك من برد الشتاء ومشاكل الحساسية؟    65 دقيقة.. حامد حمدان بصاروخية لا تصد ولا ترد يقلص النتيجة . فلسطين 1-2 تونس    وزارة الشباب والرياضة تنهى تقاريرها عن وفاة السباح يوسف محمد    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    عزاء سعيد عبد الواحد مرشح انتخابات النواب عن إمبابة غدا فى منطقته    تأثير الموسيقى.. كيف تغير المزاج وتزيد التركيز؟    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    دار الإفتاء عن البشعة : ليس لها أصل فى الشرع والتعامل بها حرام ولا يجوز شرعا    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    كرة طائرة - تواجد الصفقات الجديدة وغياب مريم مصطفى في قائمة سيدات الزمالك بمونديال الأندية    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    القاهرة الإخبارية: انتظام التصويت بدائرة الرمل في الإسكندرية.. والشباب يتصدرون    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    بعد حصوله على جائزتين بمهرجان القاهرة.. فيلم ضايل عنا عرض يستكمل عروضه ما بين روما وقرطاج    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم ضد العالم «3»
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 06 - 2011

أن تكون مصرياً فى اليابان.. ذلك أمر رائع للغاية، واليابانيون مولعون بالحضارة المصرية القديمة، وعارفون بالحضارة المصرية الحديثة.
إنه لمن المؤسف أنه لا توجد حضارة مصرية معاصرة، حاول المصريون بناء نهضة عقب ثورة 1952، وشهدت هذه المحاولات نجاحاً متفاوتاً على مدى عشرين عاماً، من عام 1952 إلى عام 1973، ومن الثورة إلى الحرب، وقد شارك فى هذه المحاولات الرئيسان جمال عبدالناصر والسادات معاً.
كان من الطبيعى أن تصعد مصر بحضارة معاصرة بعد انتصاراتها على إسرائيل فى عام 1973، على أن «غير الطبيعى» هو الذى حدث، فقد تراجعت الدولة المصرية بعد انتصارات 1973 لأربعين سنة تالية.. من 1973 إلى 2011 من الحرب إلى الثورة.
■ وهكذا أصبح تاريخ مصر المعاصر بين الثورتين 1952 و2011 عشرين عاماً من النجاح المتقطع وأربعين عاماً من الفشل المنتظم!
■ إن مقارنة التجربتين المصرية واليابانية أمر مثير ومدهش، فقد سبقت مصر اليابان إلى الحضارة الحديثة، وسبق عصر «محمد على»، مؤسس مصر الحديثة، عصر «ميتسو هيتو»، مؤسس اليابان الحديثة، بنصف قرن. كانت مصر إمبراطورية إقليمية مزدهرة وناجحة فى النصف الأول من القرن التاسع عشر، وكانت اليابان لاتزال فى العصور الوسطى، حيث السلطة مزيج من الإقطاع والموظفين والساموراى.
كانت اليابان تلهث وراء مصر، ثم صعدت اليابان إلى منزلة الدولة الكبرى وهبطت مصر إلى مستوى الدولة التى تعيش على التاريخ!
(1)
السائد فى الفكر السياسى العربى أن المؤامرة الخارجية كانت وراء فشل مشروع النهضة، وأن الخارج كان يستهدف أى محاولة للإقلاع والصعود، وهذا الفكر السائد صحيح تماماً، ولكنه ناقص تماماً، ذلك أن ما واجهته اليابان من مؤامرات خارجية أضعاف ما واجهه العالم العربى، لقد بدت اليابان فى سنوات عديدة الدولة التى تعادى الجميع ويعاديها الجميع.. أمضت اليابان حروباً وعقوداً بلا حلفاء أو أنصار، دون خوف أو يأس.
■ على مدى مائة وخمسين عاماً من عمر النهضة اليابانية كانت اليابان تواجه عدوين عملاقين: الطبيعة فى الداخل والعالم فى الخارج.
(2)
تقع اليابان فى الشرق الأقصى من أطراف القارة الآسيوية، وهى تتشكل من آلاف الجزر، أكبرها جزيرة هوشو التى تزيد مساحتها على نصف مساحة اليابان.. إن نظرة واحدة على أرض اليابان تكفى لليأس، فلا شىء تقريباً فى هذا البلد البعيد.. إن اليابان أراضٍ وعرة شديدة الانحدار، إنها مساحة من الصعود والهبوط المستمر، كأنها مساحة هائلة من «المطبات» التى لا تنتهى، جبال وراءها جبال ومن حولها جبال.. إنها ليست بالأرض الفقيرة من الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة ومن انبساط الأرض فحسب، ولكنها بالأرض الفقيرة تماماً من الأمن والهدوء.. إنها أرض الزلازل والبراكين.
ليس فى اليابان ما يدعو لأى نهضة، لا الأرض ولا تحت الأرض ولا ما حول الأرض.. سطح متعرج ملتو بلا استواء، وباطن لا يملك غير دفع السطح إلى الاهتزاز والارتباك، وشاطئ يفيض على ذلك بموجات من الأعاصير تعاون الزلازل فى النيل من السطح المضطرب.
(3)
لقد أدت هذه الطبيعة العدائية لأى حضارة إنسانية إلى وجود نظام اجتماعى صارم على مدى قرون طويلة.. وفى العصور الوسطى اليابانية كانت القبلية هى وحدة النظام الاجتماعى والسياسى فى البلاد.
شهدت اليابان ثلاثة قرون ونصف القرن من العصور الوسطى الإقطاعية، يمكن القول إنها بدأت فى عام 1500 وامتدت إلى عام 1867. كان النظام اليابانى فى هذه القرون نظاماً إقطاعياً قبلياً، كانت القبائل والعائلات هى أساس الدولة، وكان الإمبراطور يأتى من أقوى قبيلة فى اليابان.. إنه أمر أقرب إلى النظم القبلية فى العالم العربى وأفريقيا. وقد اتسم العصر الإقطاعى اليابانى بالانعزال عن العالم، لا يذهبون إلى أحد ولا يزورهم أحد، عاشت اليابان دون العالم، وعاش العالم دون اليابان.
كان هناك مثلث للقوة فى العصور الوسطى اليابانية: الإقطاع والبيروقراطية والساموراى، الإقطاع هو الحاكم لكل اليابان، والموظفون كباراً وصغاراً هم وجه الدولة بمثل ما كان الإقطاعيون هم وجه القبيلة، أما الساموراى فهم الجيش اليابانى غير الحديث.. طبقة من العسكريين التقليديين الذين تجرى تربيتهم على القتال منذ الطفولة، لكنهم لا ينخرطون فى جيش وطنى.. بل هم أقرب إلى ميليشيات، كل ميليشيا ترتبط بالسادة المسيطرين على المنطقة.
كان مثلث القوة هذا من إقطاعيين وموظفين ومقاتلين هو ما حكم اليابان أكثر من ثلاثمائة عام.
(4)
يوجد دوماً أولئك الذين يؤمنون بدور الفرد فى صناعة التاريخ، وأنا واحد من هؤلاء، أرى أن الدور الرئيسى فى عملية الانتقال من التخلف إلى التقدم يقع على عاتق الأبطال والقادة العظام، أما الدور الرئيسى فى نماء التقدم فيقع على عاتق المؤسسات والهيئات التى تواصل ما بناه الآباء المؤسسون.
وفى الحالة اليابانية فإن بطل النهضة الذى نقل اليابان من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، كان الإمبراطور «ميتسو هيتو» الذى حكم اليابان من عام 1867 إلى عام 1912، فيما يسمى «عصر الميجى» أو عصر النهضة اليابانية.
لقد أتى الإمبراطور «ميتسو هيتو» باليابان إلى العالم، وأتى بالعالم إلى اليايان، كانت اليابان بعيدة جداً قبل أن يُقربها «ميتسو هيتو» إلى باقى الإنسانية، وكان العرب، الذين امتلكوا حضارة عظيمة لقرون طويلة، يطلقون على اليابان بلاد «الواق الواق».. وظلت الكلمة إلى الآن دلالة على البعد الخرافى إلى حد «عدم الوجود»، إذ يعنى العرب المعاصرون بقولهم «بلاد الواق الواق» أى الجغرافيا الخرافية أو البلاد غير الموجودة.
جاء «ميتسو هيتو» فقام ببناء الأمة اليابانية ونقلها من مستوى القبيلة إلى مستوى الإمبراطورية.. ومن الدولة التى «لا تغادر ولا تستقبل» إلى الدولة التى خرجت فاحتلت الصين، والدولة التى استقبلت أول قنبلتين ذريتين فى التاريخ!
(5)
إن قصة اليابان والحرب، أو قصة اليابان والغرب، هى قصة من الخيال، أو هى مشاهد سينمائية متتالية.
يذكر الدكاترة رأفت غنيم الشيخ ومحمد رفعت عبدالعزيز وناجى هدهود فى كتابهم القيِّم «تاريخ آسيا الحديث والمعاصر» أن أول اتصال بين الغرب واليابان كان فى منتصف القرن السادس عشر، ففى عام 1542 وصلت رحلة كشف برتغالية إلى جزيرة قرب كيوشو، وكانت اليابان تعيش حرباً أهلية بين الإقطاعيين اليابانيين، وكان هذا أول دور عدائى للغرب ضد اليابان، فقد كان المقاتلون اليابانيون يتطلعون إلى الأسلحة النارية التى أحضرها معهم البرتغاليون، وقد قام المبشرون البرتغاليون بدور تجار السلاح.. حيث كانوا يبيعون السلاح إلى كل الأطراف اليابانية المتصارعة.
هكذا كانت أول إطلالة للغرب على اليابان: تغذية الصراع الداخلى وإبقاء الحرب الأهلية فى وضع الاشتعال.
(6)
تعاقبت القوى الغربية من البرتغاليين من أجل محاولة استعمار اليابان، كان البرتغاليون ثم الهولنديون ثم الإسبان ثم الولايات المتحدة، وكان الطريقان الأساسيان للاستعمار هما طريق التبشير الدينى وطريق التجارة، فإما المبشرون المسيحيون وإما التجار الأوروبيون، وكلاهما مجرد المقدمة التى تستطلع أوضاع الفريسة قبل الانقضاض عليها.
وقد كان اليابانيون يدركون جيداً خريطة الطريق الأوروبى إلى الاستعمار، لذلك قضوا أوقاتاً طويلة فى رفض التجارة الخارجية وفى القلق الوطنى من عمليات التبشير، ويذكر سردار بانيكار فى كتابه «آسيا والسيطرة الغربية»، أن «هايديوشى»، حاكم اليابان القوى فى القرن السابع عشر، كان قلقاً من تدفق المبشرين الإسبان على بلاده، وأن قلقه كان يتصاعد مع كل مجموعة من المبشرين تأتى إلى اليابان، وكان أن اتخذ قراراً حاسماً بالقضاء على جميع المبشرين، فأصدر أمراً باعتقال جميع الإسبان على أراضى اليابان، ثم كان قرار إعدامهم جميعاً بتهمة الجاسوسية، ومن المثير أن بعضهم قد تم التمثيل بجثته، حيث جرى صلبهم بمدينة نجازاكى!
«القادم: العالم ضد العالم (4)»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.