جزارة الثورة، ضانى، بتلو... إلخ، فى عرض الطريق أقيم الشادر، فى قلب الميدان رُصت القُرم (جمع قرمة) فى عين الشمس تلمع السكاكين والسواطير، تقطيع وتشفية، تقطيع لحم الثورة إلى بُفتيك، وستيك، تشفية لحم الثورة على الأرصفة، تعليب لحم الثورة فى شنط بلاستيك تحمل علم مصر، لحم الثورة معروض للبيع بأسعار تضامنية، لا تثريب على الجزار. ثورة يناير صارت اسما وعلما ونشيدا، الجزار يضع الاسم والعلم والنشيد، يجذب الناظرين بألوان العلم، وتصدح الأناشيد، البعض يبيع الثورة ذاتها، يبيع لحم الثورة على الرصيف، اُبتليت الثورة بطائفة من السماسرة، والوسطاء، والقومسونجية، والمشهلاتية، والمهلباتية، تجار الأرنص والكامب، استباحوها فى حوارات ومؤامرات ومخططات ونظريات وعبثيات، نفر منهم دأب على تقطيع وتشفية وتعليب لحم الثورة، لا يهمه العلم ولا النشيد، أسروها بضاعة، الثورة صارت بضاعة، صارت تشهل بالجملة والقطاعى، صار لها تجار ومتعهدون وموردون معتمدون، باعوها بثمن بخس دراهم معدودة، عرق الثوار صار ثريدا، نفر يضحى بتضحيات الثوار، لحما مكشوفا لا يسر الناظرين. الثورات العظيمة لا تباع هكذا على الأرصفة، هناك من يتاجر بدم الشهداء، محامون يساومون أسر الشهداء على نسبة من التعويض، بعضهم يبضعون الثورة، يشهلونها، يتربحون منها، يتكسبون، الثورة صارت ذبيحة، الكل يطلب نصيبا، نفر من المبضعين يطلب نصيبه مساجد وزوايا، هناك من يطلب مسجد النور بملحقاته التى تدر دخلا، المسجد قبل الأمن أحيانا، هناك من يطلب مقار لجماعته، افتتاح المقار أسرع من افتتاح أقسام الشرطة المحروقة، الدعوة قبل الأمن أحيانا، وثالث يفضله حزبا للأخوة، عدد أحزاب الأخوة لا يعد ولا يحصى، من لم يتحصل على حزب الآن لن يتحصل عليه أبدا، ورابع يطلب فضائية وصحيفة وإذاعة، أحدهم صار مردوخا، كل الفضائيات والصحف الجديدة تحرير فى تحرير، التحرير علامة تجارية رائجة فى الميدان، خامس يستعد للوزارة بحوارات وأطروحات وصرخات، طوابير على لحم الثورة، الثورة صارت خبزا، خبز التحرير ليس خبز المسيح، خبز التحرير لم يتنزل من السماء. جزارة الثورة تبيع اللحم الضانى والكندوز، الثورة لا تبيع لحم أولادها، لا تبيع لحمها فى سوق النخاسة السياسية المضروبة فى عرض الميدان، ألمح سكاكين وسواطير فى أيدى الجزارين، يستعدون لذبح الثورة، للتقطيع والتشفية، بعضهم بدأ عملية التعليب مبكرا، البعض يفاصل فى عدد المقاعد البرلمانية، ويشترط قبل الفصال، عنوان عريض على الشادر الذى يحتل الميدان، مشاركة لا مغالبة، نشارككم فى الأفراح، جزارة الثورة تعمل أيام الذبيح فقط، ذبح الثورة عرض مستمر، منذ تنحية المخلوع والطلب على الأسلاب والغنائم، مقاعد برلمانية، أحزاب سياسية، حقائب وزارية، الغنيمة، الغنيمة أحالت نصر «أحد» هزيمة (فلنتعلم دروس التاريخ). الثورة المصرية لابد أن تبقى خارج تلك الحسابات الضيقة، خارج تلك التصنيفات البراجماتية، خارج الأهداف المرحلية، الثورة تحلق بعيدا فى أجواز الفضاء، تجليس الثورة القرفصاء على الأرض فعل وطنى مشين، الثورة تهدى إلى جادة السبيل الوطنى، ليس فقط إلى الحوار الوطنى، السبيل الوطنى دستور يرفع من شأن البلاد والعباد، ويضع مصر الثورة فى أعلى عليين. مطار برج العرب (2) تلقيت رسالة إلكترونية من الدكتور أحمد محمد جادالله، صاحب المصاب الأليم بفقد أربعة من أسرته فى حادث بلطجة على طريق مطار برج العرب، أنشرها على مسؤولية صاحبها، لأن ما يرويه الدكتور جاد الله جد خطير. أولا: قامت الشرطة بالتلاعب فى محضر الحادث لكى تثبت أنه حادث عرضى، وذلك عن طريق استبعاد صفحة من محضر التحقيق التى بها أقوال الشاهدة الوحيدة الناجية وهى الآنسة آيتن أسامة إبراهيم وأيضا توقيعها، والحمد لله أن وفقنى فى تصوير المحضر قبل التلاعب به عندما شعرت بعدم جديتهم فى التحقيق. ثانيا: هدد السادة الضباط الشاهدة بدعوى أن البلطجية سوف يتعقبونها، علما بأننى على يقين بأن هؤلاء البلطجية معروفون بالاسم والصورة لدى المباحث. ثالثا: لقد وصلت قلة الضمير إلى أن يتصل أحد الضباط ثانى يوم بعد الحادث ليدعى أن الشاهدة الوحيدة قد توفيت، حتى يصرف نظرنا عن القضية وذلك عندما لمح من سلوكى أننى لن أصمت على حق الشهداء. رابعا: عندما اختطفت ابنة الأستاذ عفت السادات قامت الداخلية كلها ولم تقعد حتى قبضت على الفاعلين خلال يومين فقط، مما يعنى أن الداخلية مازالت تقسم المصريين إلى فئات، بعضهم أولى بالرعاية، وبعضهم درجة عاشرة، وأود أن أسأل السيد وزير الداخلية: لماذا كانت الثورة إذن... إذا كان السادة الضباط مازالوا بتلك العقلية؟!! (يا ليتهم يتعلمون أن الساكت عن الحق شيطان أخرس). خامسا: بالثورة الشبابية المجيدة، المصريون كلهم سواء رغم أنف جنرالات الداخلية، وأنا مازلت فى انتظار حق الشهداء ولن أصمت، وأنا على استعداد لمقابلة أى مسؤول ومعى ما يثبت كلامى وكذلك الشاهدة.