قتيل حي ... قتيل أسير أوجاعه ... وقاتل حر طليق ... قاتل يتنسم عبير الحياة والحرية ... حرية لم يدفع هو ثمنها لكن دفعه الأسير... وشاهد عاجز عن اتخاذ القرار بالشهادة ليصل الحق إلي أصحابه! صورة تبدو هزلية للغاية! في صباح ذلك اليوم كان عادل في حالة من انعدام الوزن لم يعد يستطيع المقاومة كانت صورة مصعب وهو ملقي علي الأرض غارق في دمائه وساقه تكاد تنفصل عن جسمه تطارده منذ شهور .... هل كان عادل هو صاحب قرار اطلاق الرصاص؟ ... لا لم يكن هو، لكنه رأي المشهد كله يومها وعجز عن أن يتخذ قرارا بالتصدي لما لم يؤمن قط أنه العلاج الصحيح ... لم يتمالك عادل نفسه وهو يحاول ارتداء ملابسه ... كان ذاهبا لعمله ككل يوم لكن شيئا ما منعه من التنفس ... شئ يطارده ليل نهار منذ أربعة أشهر ويمنعه من الحياة. كان عادل هو الآخر ميتا حيا ... ولكن دون اصابات. قرر أن يجلس قليلا ليستجمع نفسه فتسلل إليه صوت التلفاز ... أحد البرامج قد بدأ منذ لحظات ... التفت فجأة وتسمرت عيناه ... إنه هو ... مصعب! وشعر أن الأرض تميد تحت قدميه، وعاد به الزمن إلي الوراء إلي تلك الحظة التي لم يستطع فيها أن يتخذ القرار... وانصت تماما ...سمع كل التفاصيل التي لم تكن في معظمها جديدة عليه ... لقد عايشها بالفعل. استجمع قواه واكمل ارتداء ملابسه ثم تحسس سلاحه في حركة عصبية، وخرج مسرعا ... تنازعته رغبات متعارضة وهو يهبط السلم ... تصارعت كلها داخل نفسه وهو يهم بإغلاق باب سيارته ... رغبة في أن ينسي كل شئ، ورغبة في أن يذهب للإدلاء بما رأي بعيني رأسه ويعجز عن النوم بسببه، ورغبة أخري ظهرت علي استحياء، بدأت ضعيفة جدا ثم طغت ... ثم تملكته تماما ... عند هذه اللحظة كان قد وصل إلي عمله ووصل أيضا إلي القرار ... سيزور مصعب! نعم سيفعل! دخل عادل الغرفة مترددا لم يكن لديه خيال محدد كيف سيكون اللقاء، تنبه مصعب وفتح عينه والتفت ... لقد تعرف عليه منذ اللحظة الأولي . تقدم عادل ووضع باقة الزهور علي الطاولة واقترب ... طبع قبلة علي جبين البطل ... وقال " أنا آسف يا مصعب" ربما تكون مجرد حروف لكنها ليست جوفاء من المعني، وربما يكون الأذي أكبر بكثير من مجرد كلمة اعتذار ، لكنها حتما خطوة علي الطريق! تري كيف كان شعور مصعب لسماعه هذه الكلمات؟