فى ليلة زفاف على وفاطمة، رضى الله عنهما وأرضاهما، أو كما يُقال «ليلة بناء» على وفاطمة، لأن الزواج عند العرب بناء، يهدف إلى تأسيس عائلة، قال رسول الله، ﷺ، لعلى: - «لا تُحْدِثَنَّ شيئًا حتى تلقانى». أمر رسول الله، ﷺ، بأن يجهزوا فاطمة، فجُعل لها سرير مشروط، ووسادة من أَدَم، حشوها ليف، وأرسل رسول الله، ﷺ، السيدة أسماء بنت عميس لتهيئ البيت لهما وكى تكون بصحبة السيدة فاطمة، وهى يتيمة الأم.. وأسماء بنت عميس صحابية من المسلمات، تزوجت جعفر بن أبى طالب، ولما تُوفى عنها تزوجها أبوبكر الصديق بعد زوجته أم رومان، وقبل وفاته طلب أن تُغسِّله «أسماء»، ثم تزوجت من على بن أبى طالب، وأنجبت لأزواجها الثلاثة أولادًا.. هاجرت «أسماء» مع جعفر بن أبى طالب إلى الحبشة، ثم هاجرت إلى يثرب، لذا تُكنّى ب«صاحبة الهجرتين».. جاءت «أسماء» مع أم أيمن، «بركة» الحبشية، مولاة سيدنا محمد، ﷺ. قعدت فاطمة فى جانب البيت، وعلىٌّ، رضى الله عنه، فى جانب آخر، ثم جاء رسول الله، ﷺ، بعد أن صلى العشاء، فقال: - «أها هنا أخى»؟ قالت أم أيمن: «أخوك وقد زوَّجْتَه ابنتك؟!» قال ﷺ: «نعم، إى هو كَأخى فى المنزلة والمؤاخاة، فلا يمتنع علىَّ تزويجى إياه بنتى»، ودخل ﷺ وقال لفاطمة، رضى الله عنها: - «ائتنى بماء»، فقامت تعثر فى ثوبها من الحياء إلى إناء ضخم فى البيت، فأتت فيه بماء، فأخذه ووضعه فى فمه، ورمى به فى الإناء.. ثم قال لها: «تقدمى يا فاطمة»، فتقدمت الزهراء، فنضح على صدرها ورأسها، وقال: - «اللهم إنى أُعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم»، ثم قال: «أدبرى»، فأدبرت، أى أعطته ظهرها، فصب بين كتفيها، ثم فعل مثل ذلك بعلىّ.. ثم قال له: - «ادخل بأهلك باسم الله والبركة»، فخرّ علىّ، رضى الله عنه، ساجدًا شكرًا لله تعالى.. كان مهر فاطمة، رضى الله عنها، 400 درهم فضة. وكانت وليمة علىّ، رضى الله عنه، آصعًا من شعير وتمر وحَيْس- وهو تمر يُخلط بسمن- وقيل: أَوْلَم بكبش وآصع من ذرة من عند جماعة من الأنصار، وكان فرشهما ليلة عرسهما جلد كبش، وكانت سن علىّ يومئذ 21 سنة وخمسة أشهر، وقيل أربعة وعشرين سنة.. وحملت فاطمة ب«الحسن»، وهناك حديث للرسول، عليه الصلاة والسلام، يقول: «إن هذا مَلَكٌ لم ينزِلِ الأرضَ قط قبل هذه الليلة، استأذن ربَّه أن يُسلِّم علىَّ، ويُبشِّرَنى بأن فاطمةَ سيِّدةُ نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيِّدَا شباب أهل الجنة». وللحديث بقية.
