على مدار ثلاث سنوات لم ينس السيد محمد السيد الزير 47 سنة نقاش، ابنته شيماء، 19 سنة والتى انتحرت باستخدام حبة الغلة السامة بعدما حصلت عليها من أحد محال المبيدات الزراعية ببلدتهم بنى عبيد بمحافظة الدقهلية. وفاة «شيماء» كانت دافعا وراء انضمام «الزير» لحملة تطالب بمنع تداول «حبة الغلة السامة». «دى حبة ملعونة بتقتل ولادنا ومحدش لاقى لها علاج ياريت الحكومة تمنعها وترحمنا وترحم قلوبنا اللى اتفطرت على ولادنا اللى ماتوا».. هكذا يردد الأب المكلوم فى ابنته دائما مطالبا بمنع بيع الحبة للعامة من الناس إلا من خلال ضوابط صارمة. وأضاف: «العيال مش عارفين خطورتها وبياخدوها كوسيلة ضغط على أهاليهم لكن للأسف الموضوع فى لحظة بيقلب جد والعيال بتموت وبيسيبوا أهاليهم بحسرتهم والبياعين كل اللى يهمهم المكسب السريع حبة بيشتروها بملاليم ويبيعوها بجنيهات قليلة ومافيش رقابة من أى جهة على بيع ذلك السم اللعين». «حبة الغلة» هى احدى الوسائل التى تستخدم فى حفظ الغلال فى القرى، خاصة القمح، حيث يستخدمها الفلاحون منذ سنوات طويلة لحماية القمح والحبوب من السوس والقوارض. ويقول أحمد عبدالعزيز فلاح «إحنا بنشتريها ونضعها فى قطعة قماش صغيرة ثم ندسها فى وسط أجولة الغلة (القمح) لحمايتها من السوس والحشرات والقوارض وميزتها إنها بتتبخر بعد فترة ولا نجد لها أثرا ولكن رائحتها النفاذة تمنع السوس والقوارض». وأضاف «الفلاح ميعرفش إنها ممكن تموت البنى آدمين إلا بعد انتشار حالات الانتحار بين الشباب والأطفال بحبة الغلة وبقينا نخاف نسيبها فى البيت فى متناول إيدين عيالنا وبنخفيها عنهم أو نضعها فور شرائها فى أجولة الغلة». وتابع «الحبة متاحة للجميع وأى شخص ممكن يشتريها من محال البقالة أو المبيدات فى القرى، لأنها معروفة والفلاحين بيستخدموها من سنوات طويلة». وتعرف حبة الغلة علميا «بالألومنيوم فوسفيد» (AIP)، وهى مادة شديدة السمية وعرفت منذ عام 1940 م، وتتوفر بشكل أقراص أو كريات رمادية أو مسحوق رمادى عادى وهى تستخدم فى تبخير الغلال أثناء التخزين لحمايتها من الحشرات والقوارض ويتم استيرادها من الخارج خاصة من الهند والصين، ويتم بيعها بأسماء تجارية مختلفة منها «سيلفوس 57٪، شينفوس 57٪، فون تكس 56٪، وسيلفوكسين 56٪، زانفوس 56٪، فومكسين 57٪، كويكفوس 57٪، ماجتوكسين 66٪، هوكسين 56 ٪، ماجيك أكسام 56٪، جاستوكين 57 ٪، بستوكسين 56٪، وألوفونس 56٪»، كما توجد أقراص من «حبة الغلة» تركيبها العلمى هو فوسفيد الزنك وهو مادة شديدة السمية أيضا. وكشفت التقارير العلمية العالمية أن فوسفيد الألومنيوم أو حبة الغلة هى السبب الأكثر شيوعا للوفاة الانتحارية فى الهند، كما كشفت دراسة استمرت 25 عاما أجريت على 5933 حالة وفاة غير طبيعية فى شمال غرب الهند أن سبب الوفاة الرئيسى هو التسمم بفوسفيد الألومنيوم بين جميع حالات التسمم. وفى مصر شهدت العديد من المحافظات خاصة الريفية وفاة مئات الشباب إثر تناول حبة الغلة السامة كوسيلة للانتحار أو للضغط على أسرهم فى تنفيذ مطالب خاصة، مما تسبب فى دمار نفسى لأسرهم، ولا توجد إحصاءات محددة بجميع محافظات مصر عن حالات الانتحار بحبة الغلة تحديدا، بينما كشفت الدكتورة نادية حلمى، مدير مركز معلومات وعلاج السموم التابع لمديرية الصحة بالدقهلية أن عدد حالات الانتحار بحبة الغلة والتى ترددت على المركز بلغت أكثر من 100 حالة خلال عام 2018 وحتى منتصف عام 2019، بينما كشفت تقارير صحفية أن مركزى السموم بكفر الدوار وإيتاى البارود بمحافظة البحيرة استقبلا خلال عام 2018 نحو «1374» حالة انتحار بتناول «حبة الغلة» وكشفت الدكتورة ناهد وحيد مسؤولة مراكز السموم أن من بين الحالات 206 حالات توفيت وتراوحت أعمارهم ما بين 15 و30 سنة.