«الزراعة»: المجازر استقبلت 10 آلاف أضحية في أول أيام العيد    الزراعة: ذبح 10 آلاف أضحية بالمجازر الحكومية في أول أيام العيد    نتنياهو: الهدنة التكتيكية غير مقبولة له ولم يتم التنسيق معي بشأنها    استمرار قمة سويسرا للسلام بين روسيا وأوكرانيا لليوم الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مهاجمة منشأة لحزب الله في جنوب لبنان    "قتيلان و3 إصابات".. إطلاق النار وأحداث مثيرة قبل مباراة هولندا وبولندا في يورو 2024    يورو 2024| بولندا تسجيل الهدف الأول في شباك هولندا    قرار عاجل في الأهلي يحسم صفقة زين الدين بلعيد.. «التوقيع بعد العيد»    المنيا تسجل حالة وفاة جديدة لحاج أثناء أدائه المناسك    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    شكوكو ومديحة يسري وصباح.. تعرف على طقوس نجوم زمن الجميل في عيد الأضحى (صور)    إيرادات أفلام عيد الأضحى تتجاوز 10 ملايين جنيه في 24 ساعة.. «ولاد رزق 3» يتصدر    "ولاد رزق 3".. وجاذبية أفلام اللصوصية    وفاة المخرج صفوت القشيري    «صامدون رغم القصف».. أطفال غزة يحتفلون بعيد الأضحى وسط الأنقاض    دعاء أول أيام عيد الأضحى 2024.. «اللهمَّ تقبّل صيامنا وقيامنا»    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    ما الفرق بين طواف الوداع والإفاضة وهل يجوز الدمج بينهما أو التأخير؟    مباحث البحيرة تكثف جهودها لكشف غموض العثور على جثة شاب في ترعة بالبحيرة    وفاة اثنين من المنيا أثناء أداء مناسك الحج في أول أيام العيد    تدشين كنيسة «الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا» بنزلة سعيد بطما    هالة السعيد: 3,6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعًا تنمويًا بالغربية    بمناسبة عيد الأضحى المبارك.. الداخلية تقيم إحتفالية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل وتفرج عن 4199 نزيل ممن شملهم العفو (صور)    أهم العادات الغذائية الصحية، لقضاء عيد الأضحى بدون مشاكل    مجازاة مفتشي ومشرفي التغذية في مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للتقصير    الرى: عمل التدابير اللازمة لضمان استقرار مناسيب المياه بترعة النوبارية    شروط القبول في برنامج إعداد معلمي تكنولوجيا والتعلم الرقمي بجامعة القاهرة    طريقة حفظ لحوم الأضاحي وتجنب تلفها    مشايخ القبائل والعواقل والفلسطينيين يهنئون محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى المبارك    أجهزة الأمن تؤمن احتفالات المواطنين بالعيد على نهر النيل والمراكب النيلية    "ابني متظلمش".. مدرب الأهلي السابق يوجه رسالة للشناوي ويحذر من شوبير    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    سباليتي يضع خطة مقاومة إسبانيا    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    بالتفاصيل مرور إشرافي مكثف لصحة البحر الأحمر تزامنًا مع عيد الأضحى المبارك    ريهام سعيد: «محمد هنيدي اتقدملي ووالدتي رفضته لهذا السبب»    شاعر القبيلة مات والبرج العاجى سقط    محادثات أمريكية يابانية بشأن سبل تعزيز الردع الموسع    إيرادات Inside Out 2 ترتفع إلى 133 مليون دولار في دور العرض    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    محمد صلاح يتسبب في أزمة بين اتحاد جدة والنصر    كرة سلة.. قائمة منتخب مصر في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    لواء إسرائيلي متقاعد: الحرب في غزة فقدت غايتها    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    أخبار الأهلي: لجنة التخطيط تفاجئ كولر بسبب ديانج    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    فصل لربك وانحر.. فرحة عيد الأضحى بمجزر البساتين.. فيديو    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    المصريون يؤدون صلاة عيد الأضحى في أكثر من 6000 ساحة بخلاف المساجد    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    الأوقاف الإسلامية بالقدس: 40 ألف فلسطيني أدوا صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد التخلف
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 01 - 2020

من عجايب الزمن أننا فى يومنا هذا، مع صيحات «النخبة» المطالبة بتجديد الخطاب الدينى الإسلامى، أصبح أقصى أمانينا هو أن تعود بنا عجلة الزمن إلى الوراء لأكثر من ثمانية قرون لإحياء «ابن رشد»، أو على الأقل، العودة مائة وعشرين عاماً.. إلى زمن «محمد عبده»، آملين فى الوصول إلى خطاب دينى مثل ذلك الذى تبناه ذلك «الإمام المجدد». وكان كافيًا- فى أدبيات القرن العشرين- أن تلفظ أو تكتب كلمة «الإمام» أو «الإمام المجدد»- دون أن يتبعها اسم- فيفهم السامعون أو القراء أن المقصود هو الشيخ «محمد عبده». أما فى العقود الثلاثة الأخيرة، فقد تغيرت الأمور، وأصبحت كلمة «الإمام» تعنى- فى أغلب الظن- لدى معظم الناس.. «الشيخ الشعراوى»، مَن أُطلق عليه لقب «إمام الدعاة»، ونُسىَ «الإمام محمد عبده»، أو أُنسىَ ذكره، حتى عاد مع صيحة «تجديد الخطاب الدينى».
رسخت فى مجمل المخيلة النُخبوية- حتى يومنا هذا- صورة «محمد عبده» نموذجًا للمجدد المطلوب، ولكن كان لطه حسين رأى مغاير، فالتجديد- ومترادفاته.. «إصلاح».. «تصويب».. إلخ- مفهوم نسبى زمانًا ومكانًا، وتطور الأحداث والفكر الإنسانى متسارع، والإمام المجدد «محمد عبده» انتهت صلاحية تجديده بعد أقل من خمسة عشر عامًا من وفاته. وقد عبر «طه حسين» عن ذلك فيما كان يكتبه من مقالات فى المجلات الفرنسية، تلك التى قام بجمعها وترجمتها إلى العربية الباحث الأديب «عبدالرشيد الصادق محمودى»، وصدرت فى كتاب بعنوان «من الشاطئ الآخر». ومن مقال نُشر عام 1934، يقول «طه حسين» عن «محمد عبده»:
«.. كان يمقت الثورات والانقلابات الضخمة وأى عمل يتصف بالعنف، ولكنه لم يكن أقل كرهًا لجمود الفكر والتوقف، الذى هو أشبه بالتقهقر.. وبدأ بأن أدخل فى برنامج التعليم الأزهرى عددًا من المواد، التى من شأنها أن توقظ الفكر وتوسع آفاقه ولكن دون أن تفتح أبوابه للشك، وهى التاريخ والجغرافيا والأدب وبعض مبادئ الحساب والرياضيات، وحرّم على نفسه، كما حرّم على غيره، ذكر الفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية، فقد كانت تلك أسماء يقف لها شعر ذلك الجيل من الأزهريين، الذين كانوا يعتقدون أن كل المواد التى تُدرس فى المدارس المدنية ضارّة كريهة، ولابد أن تودى إلى التهلكة».
■ ثم بيّن «طه حسين» أن «الإمام» لم يكن يدرس أشياء جديدة، ولكن الجديد كان منهجه فى التدريس، فكان «يهمل ما له علاقة بالألفاظ ويعنى كثيرًا بما له علاقة بالأفكار.. يحرص على تحفيز التفكير والتمعن.. يسائل تلاميذه ويحثهم على أن يسائلوه، ثم يدفعهم إلى الإجابة، ويناقش إجاباتهم، وينتهى بذلك إلى أن يفتح لهم آفاقًا غير معروفة، وقد غرس فيهم الرغبة فى الاطلاع والنقاش، ودفعهم إلى حب حرية الفكر، ولعل هذا هو ما سيبقى منه على وجه التأكيد، فذلك هو إنجازه الحقيقى الراسخ، فلم يكن يحضر دروسه الأزهريون فقط، وإنما كان يأتى للاستماع إليه كثير من الأفندية من المحامين والقضاة والأطباء، ولعلهم كانوا أقدر على تذوق هذه الدروس من الطلاب المُعمَّمين».
■ هز «محمد عبده» العالم الإسلامى وأيقظ العقل.. ولكن ذلك العالم تغير كما يقول طه حسين «ولم يعد محمد عبده مواكبًا للعصر.. وإذا بلباقته فى إحداث التجديد تبدو مستخزية تعوزها الجسارة..». «وصارت كل أفكار محمد عبده بشأن العلم والدين بالية، فهى ليست بالأفكار التى مضى عليها زمن طويل، ولكنها لم تعد تتواءم مع انطلاق الشرقيين نحو الحرية الكبرى». «يضاف إلى ذلك أن مذهب محمد عبده فى حد ذاته لم يكن صالحًا للبقاء، فقد كان يعتمد على تفسير النصوص للتوفيق بين عبارات القرآن ذاتها وحقائق العلم كما نعرفها اليوم، فما أكثر العسف الذى يمكن لهذه المحاولة أن تتناول به نص الكتاب الكريم، وما أكثر ما تعزو إلى الألفاظ من معانٍ غريبة كل الغرابة على العرب القدماء».
ثم يتساءل العميد: «أفلا يجدر بالأحرى أن نتقبل العلم والوحى كما هما وأن نعترف لكل منهما بمجاله الخاص فى حياة الإنسان؟».
وفى عام 47 يؤكد «طه حسين» وجهة نظره فى انتهاء صلاحية «إصلاح محمد عبده» الدينى، وإصلاح «قاسم أمين» الاجتماعى، منذ انتهاء الحرب الأولى، وأن اشتعال ثورة 19 كان إيذانًا بأن الزمن تجاوز آراء هذين المصلحين، فالشباب أصبحوا يمحصون كل القيم القديمة ويضعونها موضع الشك. «ولم تعد نساء الطبقة البرجوازية يكتفين بموقف المتفرج فى النقاش الدائر بشأن حريتهن، وإنما أخذن تلك الحرية أخذًا، فقد طرحن الحجاب، وخرجن من بيوتهن وتظاهرن مع الرجال فى الشوارع ضد الإنجليز.. وأصبحت حرية التفكير والتعبير وحرية المرأة فى عداد البديهيات، فهما تلقيان من زعماء الثورة أشد التأييد، ويسلم بهما الأزهريون أنفسهم، وذلك أنهم شاركوا فى الحركة الوطنية وخاضوا غمارها، بحيث صار المتمسكون فيهم بآراء محمد عبده وقاسم أمين يُعدون محافظين، بل يُدرجون أحيانًا بين المتخلفين».
■ هكذا كانت رؤية طه حسين لنسبية التجديد والإصلاح. والتفكير اليوم فى استعادة تجديد محمد عبده ما هو إعادة لإنتاج فكر التخلف
■ ■ ■
التخلص من أنياب ومخالب التخلف لن يتأتى بالهروب إلى الماضى وإعادة إنتاجه. وأمثال «محمد عبده» أو «ابن رشد» يُؤخذ منهما ويُرد.
وتظل «العلمانية» هى بداية الطريق القويم للتقدم. ونعيد ونزيد.. العلمانية تعنى وقوف الدولة وقوانينها على مسافة متساوية من كل العقائد، والعقيدة مسألة حرية شخصية أساسية، حتى إن كانت كفرًا وإلحادًا.
 
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.