تمكنت القوات المسلحة السودانية من استعادة السيطرة على جميع مقار المخابرات العامة فى الخرطوم، من قبضة عناصر قوات هيئة العمليات السابقة التابعة للمخابرات، بعد تمردهم وإطلاقهم النار لساعات فى مقار للجهاز، وبعد محاصرتهم داخل مبنيين فى عملية سريعة اقتحم خلالها عناصر من الجيش ومن قوات الدعم السريع قاعدتين للمخابرات وسط نيران كثيفة، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص بينهم جنديان وإصابة 4 آخرين. وأعلن الجيش السودانى، فى بيان، أنه فرض سيطرته على مقر هيئة العمليات، فى قاعدة بحرى بحى كافورى شمالى الخرطوم وفى قاعدة الرياض قرب مطار الخرطوم، ومواقع أمنية أخرى، إثر إطلاق نار كثيف بعد تمرد عناصر تم تسريحها من المخابرات، موضحا أنه أرسل دبابات للمنطقة، وتم إغلاق مطار الخرطوم لمدة 5 ساعات وتوقفت الرحلات الجوية، وذكر البيان أن «ما حدث نتيجة قرار منذ أشهر قضى بتسريح قوة هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطنى السابق، إدارة المخابرات العامة الحالية، ومنح منسوبيها 4 خيارات هى: الانضمام للقوات المسلحة، أو قوات الدعم السريع، أو البقاء بجهاز المخابرات العامة، أو التسريح وصرف الاستحقاقات»، وأضاف البيان: «طلب معظم قوات العمليات خيار التسريح وتم تحديد مستحقاتهم حسب اللوائح والقوانين المالية المعمول بها بجهاز المخابرات العامة وعند إعلانها لهم رفضوا قبوله»، وقال: «نتيجة لهذا الرفض قامت كل القوات فى كل مواقفهم بالرئاسة بالرياض وموقع كافورى، وموقع سوبا، وموقع كررى وبعض المواقع بالولايات بإطلاق أعيرة نارية وقفل لبعض الطرق وترويع أمن المواطن، ونتيجة لهذه الأحداث التى تعتبر تمردا على السلطة من عناصر عسكرية منظمة بذلت القيادة العسكرية جهودا كبيرة لوقف هذه التصرفات بالطرق السلمية، وعندما فشلت تلك المساعى قررت القيادة اقتحام تلك المواقع باستخدام أقل قوة ممكنة فى وقت متزامن وفق خطة محكمة لإزالة هذا التمرد، وبأقل الخسائر». من جانبه، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالى، الفريق أول عبدالفتاح البرهان أن «جميع المقار الأمنية تحت سيطرة القوات والمجال الجوى مفتوح»، موضحا أن القوات المسلحة متماسكة لحماية المرحلة الانتقالية، وأضاف «أن ما حدث محاولة لإجهاض الثورة، مشددا على عدم السماح بحدوث انقلاب». وقال المتحدث باسم المخابرات العامة عبر «تويتر»: «تم احتواء الموقف وحقن الدماء عبر مفاوضات قادها مدير جهاز المخابرات بنفسه وسلم الأفراد أسلحتهم وانصرفوا بأمان ودخلوا فى إجازة لحين تسلم حقوقهم». وذكر مسؤولون أن العملاء الأمنيين السابقين خاضوا معارك وإطلاق نار مع قوات الجيش فى الخرطوم لعدة ساعات، ونجحت القوات الحكومية فى سحق التمرد، وقال رئيس الأركان، محمد عثمان الحسين إن: «ما حدث يعتبر تمردا، والجيش أظهر قدرته على وضع حد لما حدث بأقل خسائر ممكنة». وبدأ التمرد عندما أغلق الموظفون السابقون الذين تم تسريحهم فى المخابرات وجهاز الأمن، حقلى نفط فى دارفور احتجاجا على المكافآت المالية والمزايا التى أقرتها الحكومة الجديدة مقابل إنهاء خدماتهم فى الجهاز، وينتج الحقلان نحو 5 آلاف برميل من النفط يوميا. وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية، فيصل محمد صالح، إن «بعض مناطق العاصمة شهدت تمردا التابعة لجهاز المخابرات حيث خرجت وحدات منها للشوارع وأقامت المتاريس وأطلقت الرصاص فى الهواء». وتمثل قضية إعادة هيكلة جهاز المخابرات أحد المطالب الرئيسية للانتفاضة التى أدت إلى رحيل البشير، وقوبل تسريح هؤلاء العناصر دون نزع أسلحتهم بانتقادات وتساؤلات عن سبب عدم قيام السلطات باسترجاع تلك الأسلحة، وأشار مسؤولون سودانيون إلى أن عناصر المخابرات التى قامت بالتمرد موالية لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير. وأكد رئيس الوزراء السودانى، عبدالله حمدوك، على «تويتر»: «نطمئن مواطنينا أن الأحداث التى وقعت تحت السيطرة، ولن توقف مسيرتنا ولن تتسبب فى التراجع عن أهداف الثورة، الموقف الراهن يثبت الحاجة لتأكيد الشراكة الحالية والدفع بها للأمام لتحقيق الأهداف العليا»، وأضاف: «نجدد ثقتنا فى القوات المسلحة والنظامية وقدرتها على السيطرة على الموقف». وأكد النائب العام السودانى، تاج السر على الحبر، فى بيان، أن ما حدث من منتسبى هيئة العمليات المسرحين يشكل جريمة تمرد بكامل أركانها، ولابد من التعامل مع مرتكبيها وفقا لأحكام القانون وتقديمهم للمحاكمات العاجلة، وطالب بإجراء التحقيقات اللازمة للكشف عما حدث وإعادة هيكله جهاز المخابرات وفقا للوثيقة الدستورية، مشددا على رفع الحصانات وتقديم المتهمين للمحاكمات عن الجرائم التى ارتكبوها فى حق المواطنين، وقال فى بيان: «البلاد بحاجة لجهاز استخبارات يصون أمنها وليس لترويع المواطنين وزعزعة أمن البلاد»، وأضاف أن «القصور فى إدارة الجهاز الذى ورد فى تصريحات نائب رئيس المجلس السيادى يجب أن يؤخذ مأخذ الجد»، لافتا إلى أن «الأمن وسيادة حكم القانون هما الأساس لاستقرار البلاد فى هذه المرحلة». وجاء فى البيان: «نشير فى هذا الصدد إلى المادة 56 من قانون الأمن الوطنى 2010، والتى تنص على أنه يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد، حال التمرد أو المشاركة فيه».