أدى مقتل حسانين سعد، إثر إطلاق سائق ومسجّلى خطر الرصاص على رأسه، الثلاثاء الماضى، إلى تدهور مسيرة أسرته فى الحياة، خاصة بعد القبض على شقيقه «التوأم» الذى هدّد بأخذ ثأره فى أثناء نظر القاضى تجديد حبس المتهمين: «هاخد بتاره.. هفجّر دماغهم زى ما عملوا فى أخويا»، وترك شقيقه الأكبر العمل، وازداد مرض الأم، فيما أطفالها الصغار ينتظرون «مصاريف مأكلهم ومشربهم». «الفتى الطيب»، كما يطلق عليه، حين توفى والده قبل 6 أعوام، كان عمره 10 سنوات، وقال ل«حسن»، توأمه: «جات لحظة تحملنا مسؤولية مصاريف البيت، عندنا 6 إخوات تانيين، بينهم 3 بنات على وش جواز»، فوالدهما الذى رحل بعد صراع مرير مع المرض، كان يعمل سائقًا بموقف سيارات «جرزا» فى مدينة العياط جنوبالجيزة، وبعد مرضه، عرض عليه زملاؤه «ممكن تنظم لنا حركة السيارات»، خاصة أنه كان يرفض المساعدة بأى شكل من الأشكال، ليرث الطفلان مهنة أبيهما فى تنظيم السيارات رفقة الشقيق الأكبر. «طوب الأرض كان بيحب حسانين، وصفوه بالفتى الطيب، لأخلاقه مع الكبير والصغير، وحسن معاملته للجميع»، قالها زغلول، الشقيق الأكبر للمجنى عليه، بنبرةٍ مرتعشة، ثم استجدى ابتسامة من صلب القهر، قبل أن يسرد تفاصيل الحادث. وقف «حسانين»، داخل موقف السيارات، يتابع مشاجرة بين سائقين - أحدهما المتهم- على أولوية تحميل الركاب، تدخل المجنى عليه مناصرًا أحدهما، وهو السائق «محمود»، الذى قال: «كنت فى مأمورية تابعة لمديرى موقف السرفيس.. واتفقنا إن العربية اللى تخرج مأمورية لها أولوية التحميل»، لكن السائق «سيد»، الطرف الثانى، لم يعجبه الاتفاق، ولا مناصرة «منظم الموقف»، وهو ما دفعه إلى تهديد الضحية: «هوريك وهندمك». وحين حضر «زغلول» لموقف السيارات، سأل أخاه: «مالك فى إيه؟»، رد عليه: «لأ.. مفيش حاجة»، فيما كان السائقون يسردون تفاصيل المشادة الكلامية، وتهديدات السائق ل«حسانين»، لكن الشقيق الأكبر اقترب من السائق الذى تشاجر مع أخيه، وقال له: «بتهدّد أخويا، أنت بتقول كلام وخلاص، يعنى هتجيب البنادق وهتطُخ نار»، رد السائق بمزيد من الوعيد: «انت بتقول فيها، هجيب نار، وهموت لك أخوك». وانطلق المتهم ب«الميكروباص»، مواصلًا وعيده والشر يطل من عينيه ليرتجف قلب «زغلول»، ويقرر الركوب معه، وفى أثناء ذلك قال له: «انت رايح بلدكم كفر عمار، أنا جاى معاك وحقك هيرجع لك من أخويا الصغير». قبل انطلاق السيارة لكفر عمار، اعتدى «زغلول» على أخيه الأصغر، وقال له: «لا تتشاجر مع سيد تانى»، فى محاولةً لإنهاء الموقف بالصلح، ولما وصلا لمحيط مسكن المتهم، قدم شقيق المجنى عليه اعتذارًا لأهل المتهم: «معلش أخويا صغير، وهو لا يقصد مٌناصرة طرف على حساب آخر». وعند منتصف النهار، بينما ينتظر «زغلول» ساعة راحة، ويسند رأسه إلى وسادة، فوجئ باتصال من ابن عم المتهم، يقول له: «أخوك لازم يراضى سيد أمام السواقين كلهم»، فأوضح له شقيق المجنى عليه: «أنا صالحت سيد واعتذرت له»، فرد عليه بغضب: «انت صالحته فى حارة، ولعلمك سيد عنده 10 أخوات، و30 ابن عم، ولا يكسرهم غير الموت». انتصار جمال، السيدة الخمسينية، والدة المجنى عليه، انتفض جسدها، وهى تسمع المكالمة الهاتفية، خافت على حياة ابنها الذى طالما تمنت أن تراه عريسًا، كما تروى: «قلت له يا حبيبى خلاص لا تذهب لشغلك بكرة». حين جاء الصباح، توجه «زغلول» أولًا لموقف السيارات، حذّره السائقون: «سيد هيجيب لك ناس وناوى على شر لأخوك»، وبالفعل نفذ سيد تهديده: «جاء بصحبة مسجلين خطر، وأحدهما أطلق النيران من سلاح خرطوش على رأس أخى»، يقول شقيق المجنى عليه التوأم، أُصيب بلوثة، وهو يحتضن جثة أخيه، ويصرخ: «اصحى يا أخويا متسبنيش وتمشى»، وباقتراب الأخ الأكبر، صدمه المشهد الدموى: «مخ أخويا طلع بين إيدى». توأم المجنى عليه، أثناء تجديد حبس المتهمين، حضر للمحكمة، وقال وفى حالة هيستيرية موجهًا كلامه لقاتلى أخيه: «هقتلكم زى ما قتلتوا أخويا»، ثم ألقت الشرطة القبض عليه. والدة المجنى عليه كانت تناجى صورة فقيدها، وتقول: «قتلوك كان نفسى أشوفك عريس»، ثم تتنهد: «دم ابنى مش هيروح هدر»، وحكت بأسى: «ابنى مات وتوأمه اتحبس، وشقيقهما الأكبر خايف ينزل شغله.. بيتنا اتخرب القتيل كان بيصرف علينا، ومسكنى المرض». أشقاء المجنى عليه يؤكدون: «هو اللى كان بيصرف علينا كان رجل البيت من صغره، زوج اثنتين من البنات».