العائدون من الصين بعد خروجهم من الحجر الصحى: نجونا من «المجهول»

عندما انتهت فترة الحجر الصحى للمصريين العائدين من مدينة ووهان الصينية بعد الاطمئنان على خلوهم من الإصابة بفيروس كورونا القاتل، أمس، كانت عيونهم ممتلئة بالسرور والشغف بالحياة، يوزعون الابتسامات على بعضهم البعض وعلى أطفالهم وهم يتابعون حركة حقائبهم قبل وضعها فى الأتوبيس الذى سيقلهم إلى منازلهم، بعد أن استعادتهم الدولة من قلب الجحيم فى الصين، ولسان حالهم يقول: «نجونا من المجهول».
«الساعات التى عشناها خلال نقلنا من ووهان إلى مصر كانت كأننا فى فيلم أجنبى، كنا مترقبين.. أما الصينيون فانبهروا بإدارة مصر للأمر».. هكذا قال الدكتور محمد بلال، باحث دكتوراة فى مدينة ووهان، مؤكدًا أن السيناريو الذى نفذته الدولة لنقل المصريين من الصين كان مبهرًا، ونقل عن المشرف الصينى على رسالته العلمية قوله: «المصريون أدهشونى بما فعلوه لجاليتهم بووهان، وما قامت به السلطات المصرية وطريقتها فى النظام والدقة أبهر الجميع».
وأشار الدكتور بلال إلى أن الصينيين أشادوا بإدارة عملية الإجلاء بالطائرة المصرية، واندهشوا من حجمها الكبير، خصوصًا أن الدولتين صاحبتى أكبر أسطول إفريقى فى الصين هما كينيا وإثيوبيا، ورغم ذلك فشلتا فى نقل مواطنيهما.
وعن مشاعره بعد الخروج من الحجر الصحى، قال: «نجونا من المجهول، فنحن على مدى ما يقرب من شهر لم نكن نعرف المستقبل»، مضيفا: «الحمد لله انتهت الأزمة».
وقالت الدكتورة رحاب السواح، بكلية العلوم بمدينة ووهان: «حالتى كانت شديدة الخصوصية لأننى حامل، وفجأة سمعنا عن اكتشاف الفيروس فى مدينة ووهان، وتحولت المدينة إلى مكان مهجور، وتوقفت حركة المرور، وتم حظر حركة الأتوبيسات، وغيرها من وسائل النقل الداخلية، وأحسست فجأة بالرعب، ثم فوجئت بالسفارة المصرية فى الصين تتصل بى ويخبروننى أن المسؤولين فى الطريق وسيتم نقلنا إلى المطار لاستقلال الطائرة، فتبدد خوفى على نفسى وعلى الجنين، خصوصًا أن كلام مسؤولى السفارة تحول فى دقائق إلى واقع عملى، وتم نقلنا مع مراعاة وضعى الصحى كحامل».
وتابع الحسينى نوار، أستاذ مساعد بكلية الزراعة فى جامعة بنها: «الحمد لله أننا عدنا بسلام لأرض الوطن، وكنا متأكدين أن مصر لن تترك أبناءها، وكنا متوقعين اهتمام مصر بنا.. كنت فى جامعة أرجو بووهان، وتعرضت لظروف صعبة، لكن توقعنا أن الحكومة المصرية لن تتركنا.. وعندما وصلنا مصر وجدنا معاملة طبية جيدة ولا أستطيع وصف حجم الراحة بعد رحلة كاملة من الرعب».
وقال الباحث محمود أحمد سليمان من كلية العلوم بجامعة الإسكندرية: «إحنا مبسوطين إننا خلصنا الحجر الصحى على خير ورجعنا لأهلنا، والدولة قامت معانا بالواجب وزيادة، ونحب أن نشكر كل من ساعدنا على الوصول لأرض مصر».
وأشار أحد الباحثين العائدين إلى أن ما حدث معهم هو جهد كبير يتطلب توجيه الشكر للسفير محمد البدرى، سفير مصر فى الصين، الذى لم يترك العائدين لحظة واحدة، وبفضل مجهوداته وغيره من مسؤولى الحكومة عاد الجميع سالمين إلى أرض الوطن.
وقال إبراهيم عبدالحميد عطية، مدرس بكلية العلوم فى جامعة الزقازيق: «أنا موجود فى جامعة ووهان منذ عام، ومررت بظروف عصيبة جدًا منذ اكتشاف الفيروس هناك، وظروفنا كانت صعبة، وبعدها بدأت الحكومة المصرية فى الإجلاء، والتعامل معنا كان فى غاية الرقى والتحضر، وأحب أن أطمئن الجميع إلى أننا جميعًا فى حالة صحية جيدة ولا توجد إصابات بيننا نهائيًا، وأول ما وصلنا بلدنا شعرنا بالراحة.. وأحب أن أقول إن تعامل الطاقم الطبى معنا كان على وجه لائق، وكذلك الطاقم المصرى من وزارة الطيران ووزارة الصحة والسفارة المصرية والحكومة كلها.. اطمئن الجميع علينا، ونوجه الشكر للحكومة والسفير المصرى بالصين والرئيس على رعايتهم لنا».
وأكد طاقم الإسعاف الذى كان مكلفًا بنقل بعض الحالات بالسيارات المعقمة ذاتيًا أنهم فخورون بما فعلوا، وأن ما تم بتكليف من رئاسة هيئة الإسعاف ووزارة الصحة يعد إنجازًا للدولة، و«بعد نجاحنا فى فترة الحجر الصحى لأسبوعين يمكن لنا أن نؤكد جاهزيتنا لتلك المهام بشكل أسرع مما حدث، ونحن جميعًا جنود فى خدمة الوطن، ولابد أن نؤكد الوازع الوطنى الذى فقط هو الذى دفعنا لإتقان أدوارنا، ومستعدون لتكرار التجربة وتقديم المساعدة للدول التى تحتاج دعمًا ولسمعة مصر الطبية».
وأكدت طواقم التمريض التى تعاملت مع العائدين أنهم سعداء بالتجربة، واصفين لحظة انتهاء فترة الحجر الصحى بأنها صعبة من الناحية العاطفية بعد أن تحول الجميع من عائدين ومشرفين لإخوة، كما أن هذه التجربة منحتهم هم وطواقم التمريض والانتشار السريع والطوائ خبرة كبيرة فى أعمالهم المستقبلية.
وقال الكابتن أشرف الهوارى، قائد الطائرة التى نقلت المصريين العائدين من ووهان إلى مصر، إنه تم تكليف الطاقم بالمهمة بقرار رئاسى ومن هيئة الطيران المدنى، وطاقم الطائرة وطاقم الضيافة عالى التأهيل، لأن المهمة تتضمن مخاطر، حيث تم رسم سيناريو محكم لتفادى أى مشكلات تعترض تنفيذ السيناريو، ومن شاركوا فى الإجلاء كانوا مقدرين هذه المخاطر وتمت مراعاة أعلى مستوى من السلامة الصحية والمهنية لطاقم الطائرة والركاب فى رحلتى الذهاب والعودة لتفادى أى إصابات أو أخطاء. وتستعد وزارة الصحة بعد انتهاء فترة ملاحظة المصريين العائدين من الصين لإعادة المكان الفندقى الذى كانوا يقيمون فيه إلى ما كان عليه بعد مغادرتهم، وتم التأكيد على ضرورة جمع متعلقات المصريين العائدين وملابسهم وأدواتهم الشخصية فى النظافة وأدوات الطاقم الطبى المشرف عليهم والأدوات الطبية، من حقن تحاليل وأجهزة طبية استعمال شخصى وطواقم سرنجات وحقن ومقاييس وأمبولات ونواتج أجهزة القياس للسكر والحرارة وكل الأدوات المتخلفة عن الاستعمال الطبى والأدوات الوقائية والكمامات المستعملة من قبل الطواقم الطبية والعائدين وأسرهم، التى تم استخدامها طيلة الفترة التى بقوا فيها تحت الملاحظة الطبية وتجميلها بشكل وقائى والتخلص منها فى المحارق الطبية المختصة.