قال الفيلسوف الصينى كونفوشيوس «إن الموسيقى مرآة حضارة الشعوب» والموسيقى والغناء ليست أداة للهو والتسلية أو لقتل الوقت. لأنها أداة للتقفيف والتهذيب ومتعة الذهن والروح وتسمو بنفوس مستمعيها بما فيها من سحر وجمال خصوصا عند الأطفال والشباب فى مقتبل العمر. وحتى المسنيين حيث تكون لهم ذكريات مرافقة لما تسمعه آذانهم. فى الأسبوع الماضى جرت ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعى والساحة الفنية والغنائية والإعلامية بعد قرار منع مطربى المهرجانات من الغناء، وتأكيد الفنان الكبير هانى شاكر، نقيب المهن الموسيقية، على أنه قرار نهائى ولا رجعة فيه وأن هذا القرار جاء بعد الكلام «غير المحترم» الذى قيل فى حفل استاد القاهرة الدولى مساء الجمعة الماضية ليلة عيد الفلانين عيد الحب مع نخبة من أبرز مطربى الغناء فى العالم العربى وتقديمها أمام عشرات الآلاف من المشاهدين بعد أن كان مزمعًا «أن يكون حفلاً راقياً» فى مكان متميز ليفرح بعيد الحب كل المصريين. واقع الحياة الفنية فى مصر الآن يكشف أنها فقدت الكثير من سحرها وبريقها الخاص، الموسيقى غذاء العقل ولم يعد المغنَى حياة الروح، وظهرت على السطح فئة جديدة تدّعى أنها من أهل الطرب، فئة لا تهدف للغناء وإسعاد الناس، بل لإفساد الذوق العام، وأصبحت هناك موجة جديدة للأغنية مثل أغانى «الميكروباصات» و«التوك توك » و«أغانى المهرجانات»، والشباب أصبح ضحية لهذه الموجة، أغان لا طعم لها ولا معنى، بعد ثورة يناير بالتحديد انتشرت نوعية جديدة من الأغانى تُسمى «أغانى المهرجانات»، وهى أغانٍ تدخل فى تصنيف الأغانى الشعبية، ويقدمها مطربون حققوا شهرة سريعة على الساحة الفنية، رغم عدم امتلاكهم لمؤهلات المطربين، سواء فى الموهبة والدراسة أو مساحة الصوت أو حتى الشكل، يتكلون على تقنيات حديثة من الموسيقى الإلكترونية، وأسماؤهم كلها مستعارة أصبحوا الآن الأكثر طلباً فى سوق الحفلات والإعلانات والأفلام. وتبدل الحال وتغير الزمان وتغير معه شكل الأغنية الشعبية التى تحول اسمها كذباً إلى اسم أغنية المهرجانات. وللأسف تذاع من خلال الإعلانات فى التليفزيونات والفضائيات وتدخل كل بيت مصرى. وقد انتشرت عبر قنوات «قنوات الإنترنت» وهذه القنوات لا تخضع للرقابة من حيث المحتوى الذى تقدمه. وتلعب دورًا كبيرًا فى تشكيل ذهنية الشباب وتحرض على سلوكيات سلبية نظرًا لما تقدمه من محتوى هابط ومنخفض متمثل فى كلمات متدنية وموحية. أغانى المهرجانات قفزات غريبة تخرج من تحت السيطرة وتطرح نفسها على المجتمع، لابد من المطالبة بضبط المشهد الفنى والتحكم فى المحتوى المعروض للجمهور باعتبار أن الفن قوى ناعمة تؤثر فى المجتمع. وأنّ الانتشار الواسع لهذا النوع من الغناء لا يعكس الجودة أبدًا وأنه نجاح بلا قيمة أو هدف، وبالتالى لن يدوم طويلاً. هناك فرق كبير بين الأغنية الشعبية والمهرجان فالأولى لها أصول وقواعد وملحنون ومطربون وفن هادف وجميل وكان هناك فرق قومية شعبية وكانت وتمثل مصر فى مهرجانات عالمية ومحلية بأغان شعبية محترمة. وإذا كنا نريد حماية الغناء من التشويه وحماية الذوق العام فيجب علينا أن نطالب بقانون يجرم كل إنسان يقدم أعمالا رديئة أو يشوه تراثنا الغنائى. ويجب على النقابة الموسيقية والمصنفات الفنية أن يكون لهما دور وموقف حازم كما فعل نقيب الموسيقيين الفنان هانى شاكر فى منع هذه النوعية التى تؤدى إلى هدم الفن المصرى العظيم والمورث الثقافى والتراث المجتمعى والذوق العام للفن الراقى.