وزير الصحة يلتقي نظيره السوداني لبحث أوجه التعاون المشترك    الجامعة البريطانية تحتفل بتخرج الدفعة الثانية من برنامج زمالة زراعة الأسنان    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 20 جنيهًا    السيسي يصدق على ربط الحساب الختامي لموازنة هيئة التنمية السياحية 2023-2024    السيسي يبحث مع رئيس وزراء بريطانيا تعزيز التعاون المشترك بمختلف المجالات    الزمالك يكشف تطورات شكوى ميشالاك وجوميز    فيرنانديز يثير التكهنات حول مستقبله مع مانشستر يونايتد    «تنفيذ الوعد».. قرار هام من مجلس الزمالك للاعبين    أدى لإصابة 16 شخصًا.. النيابة العامة تحقق في حادث انقلاب ميكروباص بشمال سيناء    ضبط عصابة تخصصت في جلب المخدرات بحوزتهم مواد ب27 مليون جنيه في الإسماعيلية    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    تموين البحيرة: ضبط 2214 أسطوانة غاز منزلية بأبو المطامير قبل بيعها بالسوق السوداء    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    بمناسبة اليوم العالمي ل«نظافة الأيدي».. المستشفيات الجامعية تنظم احتفالية    مجلس وزراء الصحة العرب يؤكد دعمه للقطاع الصحي الفلسطيني    المؤتمر: تعديلات قوانين الانتخابات استجابة للواقع الديموجرافي الجديد    "وسطاء فقط".. مفاجأة بشأن رحيل إمام عاشور للدوري السعودي    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    "طيب وبعدين؟ ده انتوا ملحقتوش".. شوبير يحذر الزمالك بعد الشكوى الجديدة    الرئيس يوجه باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات بشكل مسبق لضمان استقرار التغذية الكهربائية    زلزال يضرب بني سويف دون خسائر أو إصابات    أوروجواي تستدعي السفيرة الإسرائيلية بعد الهجوم على دبلوماسيين في جنين    أمريكا ستتحمل المسؤولية.. إيران تحذر من نوايا إسرائيلية للهجوم على منشآتها النووية    3 مصابين في حريق منزل بالشرقية    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    رئيس المنطقة الأزهرية بالمنوفية يتابع امتحانات الشفوي لمعاهد القراءات بشبين الكوم    برنامج "فضفضت أوى" يتصدر الأكثر مشاهدة على Watch it بعد عرض حلقته الأولي    مملكة الحرير على "ON" قريبا    أول تعليق من مايان السيد بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي في احتفالية "أسرتي.. قوتي"    مكتبة الإسكندرية تحتفل باليوم العالمي للمتاحف    مهرجان كان، إيل فانينج تخطف الأنظار في جلسة تصوير فيلم Sentimental Value    بدلة فريدة وإطلالة عصرية.. «مسلم» يخطف الأنظار في حفل زفافه (صور)    الجوازات السعودية تكشف حقيقة إعفاء مواليد المملكة من رسوم المرافقين لعام 2025    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    خالد الجندي: يوضح حكم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة؟    رئيس مصلحة الضرائب: إصلاحات ضريبية شاملة لدمج الاقتصاد غير الرسمي    بحوث "مباشر" تحدد القيمة العادلة لسهم "بنيان" عند 7.94 جنيه    وزير الصحة يبحث دعم تصنيع اللقاحات والتوسع في خدمات التطعيم بأفريقيا    الدكتور محمد خليل رئيسًا لفرع التأمين الصحي في كفر الشيخ    الجامعة البريطانية تحتفل بتخرج الدفعة الثانية من برنامج زمالة زراعة الأسنان    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    إعلام عبري: إسرائيل تستعد للسيطرة على 75% من أراضي غزة    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    «القومي للمرأة»: استحداث اختصاص اضافي للجنة البحث العلمي    سون هيونج مين يقود توتنهام لتحقيق لقب الدوري الأوروبي ويصف نفسه ب"أسطورة ليوم واحد"    مباشر مباراة الأهلي والمنتدى المغربي في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    وزير البيئة: ربط التنوع البيولوجي بأهداف التنمية المستدامة أولوية قصوى    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    وزارة الخارجية تشارك فى تدشين مسارات مستدامة لأول مرة بمطار القاهرة    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طاعة المرأة مقابل إنفاق الرجل قانون استعباد
نشر في المصري اليوم يوم 23 - 02 - 2020

من خلال قوانين الأحوال الشخصية، والزواج والطلاق، يتجلى، بوضوح، جذور الازدواجية الأخلاقية، والفساد الأخلاقى. أول بند من قانون الزواج فى بلادنا، ينص على أن واجب الزوج هو الإنفاق على الزوجة، وفى المقابل واجب الزوجة هو الطاعة مقابل الإنفاق. من هذا القانون المستمد من الشرائع الدينية، تتوالى حقوق الزوج، وامتيازاته،
وسلطته المطلقة، فى عقاب الزوجة وتأديبها وتطليقها شفويًّا. فى الحقيقة، العلاقة بين الزوج وزوجته، لا تختلف عن علاقة السيد بالعبد، طرف يملك كل شىء، وطرف لا يملك شيئًا حتى أقرب الأشياء إليه، وهى جسده. علاقة بين مالك ومملوك. يمكن للزوج أن يخلع زوجته كما يخلع حذاءه، ويطلق زوجته كما يشاء ومتى يشاء دون سبب، ويشردها فى الشوارع هى والأطفال، لمجرد مزاجه الذى يشتهى امرأة أخرى. وقد حاول رئيس الدولة المصرية الحالى إلغاء الطلاق الشفهى، ولكن الأزهر والمؤسسات الدينية، اعترضت، واعتبرته دعوة ضد أحد الثوابت الإسلامية، لا يمكن نقاشها والمساس بها. وهذا شىء مؤسف للغاية، فالدولة منذ عام 2014، تتكلم عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى، والأزهر والمؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية، تتفق على أن هذا التجديد ضرورة للتقدم والنهضة، ولكنها لا تفعل شيئًا لتحقيق هذه الضرورة.
المشكلة الرئيسية هى أن لا أحد يخلخل البناء الأسمنتى الراسخ الذى يحكم العلاقة بين نصفى المجتمع، النساء والرجال، تلك العلاقة التى تصلح لزمن استعباد البشر، وليس عام 2020.
يؤسفنى القول بأن حتى أصحاب الفكر التنويرى، لا يعتبرون أساسًا أن هناك قضية للمرأة، وإذا وجدت فهى تافهة أو فى مرتبة أدنى، من القضايا الكبيرة الهامة المصيرية، ولا يجب تضييع الوقت فى إثارة «ما هو شخصى».
إن الأخلاق الذكورية تتحكم فى مصير النساء، وتحولهن بالقانون والشرع، إلى مملوكات للأزواج، وتدمر طموحاتهن الشخصية فى العلم والإبداع والعمل وتحقيق الذات، باسم طاعة الزوج المقدسة وخدمته وتربية الأطفال المنسوبين إلى الأب، وليس إلى الأم. فى الواقع أن اسم الأم، محتقر، ومعيب، فى بلادنا، رغم كثرة الأغنيات التى تتغنى بحب الأم.
لا أفهم كيف تكون قضية المرأة تافهة أو شخصية، والمجتمع كله بثقل أخلاقه المزدوجة يكتب عقود الزواج. فقوانين الأحوال الشخصية ليست شخصية على الإطلاق، لكنها سياسية، وثقافية ودينية واجتماعية، فى المقام الأول. وهى التى تحدد كل ما فى الدولة، ولذلك أى تغيير فى هذه القوانين يقابل بالهجوم الشرس، والاعتراض المطلق، لأنها من ثوابت
الدولة فى جوهرها. وكيف تكون قضية المرأة تافهة، وهى التى فى كنفها تتربى الأجيال، وتتشرب قيمها الموروثة. إن قيم ومفاهيم وتقسيم السلطة فى البيت، هى نفسها قيم ومفاهيم وتقسيم السلطة فى البرلمان.
لقد كتبت كثيرا عن فساد الأخلاق الذكورية، وازدواجيتها المعيبة، المليئة بالتناقض وغياب العدالة، وقلت إن الحجاب وتغطية المرأة، ليس أخلاقًا، على العكس هو ضد الأخلاق الحقيقية. فاعتبار المرأة كائنًا جنسيًّا يثير شهوات الرجال المسلمين، ولابد بالتالى من تغطيتها، بقطعة من القماش، هو فساد، وتخريب لشخصية المرأة والرجل على حد سواء.
ليس من العدالة أن تدفع النساء ثمن قلة أخلاق الرجال وشهواتهم التى لا تخمد. وليس من العدالة تصوير الرجال على أنهم ذئاب بشرية. وكتبت أن جوهر الأخلاق للنساء والرجال هو الاستقامة، وإتقان العمل، والضمير الحى اليقظ، ومقاومة الظلم والقهر، وأن الشرف ينتهك باسم قيم الشرف، وأن الأخلاق تدمر باسم مفاهيم الأخلاق. وكانت النتيجة أننى منذ سبعينيات القرن الماضى، هوجمت بشراسة، وتم تكفيرى، ورُفعت ضدى ست قضايا حسبة، مع مطالبة الحكومة بسحب جنسيتى المصرية، وعشت المنفى حتى لا أتعرض للاغتيال من قبل الإخوان وتنظيماتهم المسلحة حيث كان اسمى فى أولى قوائم التصفية الجسدية، وتعاونت الدولة وقتها مع هذه التنظيمات، وفرض التعتيم الإعلامى على كتاباتى، وتمت مصادرة رواياتى حتى اضطررت لنشرها فى بيروت.
تعرضت لكل هذا، ولم تفعل النخب الثقافية والفكرية والصحفية، والأحزاب السياسية، بكل أطيافها، شيئًا لمساندتى، بل شاركت فى تدعيم موجات التأسلم ومغازلة التيارات الإسلامية، التى تدور معظم أفكارها عن تغطية عورات النساء، ورجوع المرأة إلى البيت، والزواج المبكر، واستحسان تعدد الزوجات، وترسيخ التفرقة بين المرأة والرجل.
إن الفساد الأخلاقى يرتبط بالفساد الاقتصادى والفساد الثقافى والفساد السياسى والفساد الإعلامى والفساد التعليمى والفساد المهنى والفساد التربوى. وهذا الفساد هو محلى بقدر ما هو عالمى.
ما زلت أذكر حينما كنت شابة، وأستعد للخروج ذات مساء، فجاء أخى الأكبر وقال لأبى:
«سأخرج معها عشان أراقبها». غضب أبى بشدة، ونهره وقال له «دى هى اللى تراقبك».
هذه الجملة هى التى صنعت استقامة أخلاقى، ومسؤوليتى الأخلاقية تجاه نفسى، وتجاه الآخرين، حيث أنا مصدر الفضيلة والأخلاق، وليس أبى أو أخى أو زوجى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.