صناعة القرار السياسى فى مصر لم تتغير كما كانت فى عهد مبارك سياسة تتصف بالغموض وعدم الوضوح أهدافها المعلنة غير الاهداف الحقيقية للقرار معزولة بل قد تكون بعيدة تماما عن القاعدة العريضة من الشعب و لا تلبى أحتياجات المواطنين الحقيقية لا تعمل على حل المشكلات بل تعمل على تقديم المسكنات و المهدئات نتيجة ضغط شعبى او تحسبا لانفجار شعبى متوقع سياسة تدور فى دائرة مغلقة لا نعلم عنها شيئا و لكن هدفها هو إدخال الرأى العام فى متاهات لصرف الاذهان عن قضايا المجتمع الملحة لا تسعى لتلبية و تحقيق مطالب الشعب ولكنها تسعى بقوتها الى حماية مصالحها الخاصة ومصالح القوى الأخرى المسيطرة عليها بغض النظر عن المطالب الشعبية تدور فى فلكها الخاص بها و عندما تتصف السياسة بالغموض فلابد أن يصاحبها الشك و مظنة السوء لا علاقة لها بالثورة من قريب او من بعيد فهى سياسة أصبحت معوقة للثورة أكثر منها سياسة داعمة للثورة لان تعاملها جزئى مع القضايا بحيث تتخذ القرارات دون ان تنظمها رؤية استراتيجية الامر الذى يؤدى الى إبطال مفعولها بالتبادل لان الرؤية الاستراتيجية رؤية شاملة تحل المشكلة من كافة جوانبها و تأتى القرارات و القوانين فوقية من أعلى الى أسفل بدون سابق إنذار غير خاضعة للتشاور الا فى الحد الادنى وغير ملبية للمطالب الشعبية الا فى الحد الادنى فلذلك فأن مفعولها ليس له آثر ملموس على حياة المواطنين و يمكن تعطيل ذلك المفعول على أرض الواقع قبل أن يصل الى الناس مما يعطى أنطباع بتسلط متخذ القرار و أن هناك فجوة أو تناقض بين القول والفعل مما يفقد متخذ القرار السياسى المصداقية امام المواطنين مما يكون له آثر سلبى على هيبة الدولة و عندما يزداد الغضب والضغط الشعبى فلا تكون الاستجابة الا فى حدها الادنى و بعد تهدئة الرأى العام وعودة الامور الى طبيعتها يتم التراجع عن تلك الاستجابة تدريجيا لنعود الى النقطة صفر مرة أخرى لتفريغ الاشياء من مضمونها اعتمادا على سياسة النفس الطويل لكسب الوقت حتى يصل الشعب الى درجة الملل و اليأس من المطالبة بحقوقه المشروعة لانه سيعود مرة أخرى للمطالبة بنفس المطالب التى ترواغ السلطة وتناور حتى لا تلبى مطالب الشعب مع و جود حالة من البطء والتراخى فى اتخاذ القرارات بحيث تتخذ القرارات فى التوقيت غير الملائم او بعد فوات الاوان فهذا ما يعرف بسوء اختيار التوقيت مع ما يكون لذلك من تكلفة عالية و هناك أيضا العديد من القرارات مسكوت عنها و التى يؤجل البت فيها الى أجل غير معلوم على الرغم من أنها تشغل بال الرأى العام مثل مطالب بوضع حد أدنى وحد أقصى للاجور حل المجالس المحلية و قد تتسم عملية القرار بدرجة عالية من العشوائية وهى قرين أفتقارها للمؤسسية و هذا يؤدى الى فشلها فى معالجة القضية مما تجبر متخذ القرار بسرعة العدول عنها هناك من يسعى بمنتهى جدية لفرض نموذج مطور من النموذج القديم و كأن الثورة لم تقم لانه لا يمكن أن يشارك فى لجنة الحوار الوطنى أعضاء الحزب الوطنى المنحل التى تناقش قضايا المستقبل فى مصر كأن شيئا لم يكن نحن لا نريد لجنة حوار وطنى لتصوغ لنا المستقبل على غرار نظام الحكم السابق و كأن شيئا يدار فى كواليس الحكم لا يراه الشعب او لا تريد السلطة أن يراه الشعب و لذلك فالسياسة الغامضة هى التى تحكم المرحلة الانتقالية تحاول أن تجعل الشعب فى رؤية ضبابية لا يرى المستقبل الا فى حدود تلك الرؤية الضبابية بحيث يتحرك فى الحدود المرسومة له من قبل القوى المؤثرة فى صناعة القرار السياسى فى تلك المرحلة ليتمكنوا فيها من تحقيق أهدافهم الخاصة من خلال حماية مصالحهم و ركوب موجة الثورة لاعادة تشكيل النظام السياسى بما يتناسب مع تحقيق تلك المصالح الخاصة للاستيلاء على النصر الذى حققته ثورة 25 يناير لان هدفهم السيطرة على زمام الامور و الانقضاض على ثورة الشعب و أنتاج نظام قمعى جديد تزداد فيه سلطة الشرطة و الامن الوطنى و حماية دائرة الفساد التى تسيطر على مجتمع الاعمال باصدار قوانين للتصالح و التسوية لان هياكل نظام الحكم السابق ما زالت قائمة لم يتم تفكيكها وهم يحاولون بكل جدية القضاء على الحرية التى نالها الشعب عن طريق المرواغة و اللف و الدوران لتفقد الثورة مكتسباتها من خلال شق الصفوف و إحداث الانقسامات و أختلاف الرؤى التى تصل بأبناء الوطن الى درجة الصراع حتى يسيطر هؤلاء على زمام الامور اتباعا لمذهب فرق تسد فهم يريدون تحريك الشعب كقطع الشطرنج من خلال تجربتهم السابق للطبيعة النفسية للشعب المصرى لانهم لا يريدون ان ينال الشعب المصرى حريته لانه عندما نالها طالب بتطهير البلاد من الفساد و ان ذلك لا يحلو لهم لانهم فاسدون و مفسدون ان القول الشائع لا تأتى الحرية مجانا هو قول صحيح لان هناك حرب نفسية تدار ضد الشعب المصرى هدفها ارهاقه ليتوقف عن المطالبة بحقوقه المشروعة التى منها محاكمة الفساد و تطهير البلاد منه و لكن ما لابد ان يعرفه الكثيرون ان تلك الثورة التى بدأت و أجبرت الرئيس السابق على التخلى عن سلطته سوف تسير بخطى ثابتة و فى الاتجاه الصحيح لاننا لابد أن نتذكر قاعدة هامة جدا أن السحر دائما ينقلب على الساحر