د. معتز خورشيد يكتب: مستقبل التنمية فى مصر.. «سياسات رأس المال البشرى»

فى ظل تواضع الأداء المصرى بالمؤشرات التجميعية «لرأس المال البشرى» بتقارير التنمية الدولية، كما أشرت فى مقالى السابق فى جريدة «المصرى اليوم»، تكون مراجعة السياسات والبرامج أمرًا ضروريًا، من أجل تحقيق استدامة النمو والإنتاجية. وسأتناول فى هذا المقال بعض أسباب تواضع الأداء، والتحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى فى هذا المجال.
يُعد القصور فى استخدام الموارد البشرية، ومعدلات مشاركتها فى قوة العمل، ومعدلات التشغيل والبطالة بأسواق العمل المصرية، من أهم أسباب تراجع أداء مصر فى الدليل العالمى «لرأس المال البشرى». إذ تُبيِّن مؤشرات مُشاركة السكان فى قوة العمل أن معدل مساهمة فئة الشباب (من 15 إلى 24 عاما) لم تتعد (33.1) فى المائة، حيث حققت مصر المرتبة المتأخرة (109) من (130) دولة بالعينة. ورغم تحسن معدلات المشاركة فى الشريحة العمرية (من 25 إلى 54 عاما) إلى (63. 1) فى المائة، فمازال ترتيب مصر متأخرا على المستوى العام بواقع الدولة (121) على المستوى العالمى.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن معدل مشاركة السكان فى قوة العمل فى الفئة العمرية التى تسبق مرحلة التقاعد عن العمل (55- 64 عاما) قد تراجعت إلى (41) فى المائة، كما كان ترتيب مصر الدولة رقم (117). وتعكس النتائج السابقة فى مجملها ضرورة الارتفاع بمعدلات المشاركة من أجل تحسين مستوى تنافسية الاقتصاد المصرى. من ناحية أُخرى، فإن نسبة النساء إلى الرجال فى قوة العمل مازالت أقل من المستوى المرغوب. إذ برغم تحسن هذه النسبة على مستوى المجتمع الشبابى (من 15 إلى 24 عاما) لتحقق (48) فى المائة، (أى أن الإناث يمثلون نصف عدد الرجال فى قوة العمل)، فإن فجوة الجنس فى الفئة العمرية (من 25 إلى 54 عاما) لم تتعد (30) فى المائة. وفى كل الأحوال فإن مصر احتلت مرتبة تتراوح بين (120) و(125) من (130) دولة بالتقرير، وهو ما يُعد أداء يتطلب مراجعة من مُتَّخِذ القرار، والبحث فى بدائل سياسات التطوير الممكنة فى هذا الصدد.
ورغم تراجع المعدل الإجمالى للبطالة، وفق المؤشرات الرسمية لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية خلال عامى 2018 و2019، فإن نتائج التقرير الدولى لرأس المال البشرى، والمقارنات الدولية فى هذا المجال، تشير الى استمرار المعدل المرتفع لهذا المؤشر على مستوى أسواق العمل المصرية، وخصوصا بالنسبة لفئة الشباب. إذ يُقدر معدل البطالة للشريحة العمرية (من 15 إلى 24 عاما) بنحو (33) فى المائة، ومن ثم تحتل مصر المرتبة (112) بين (130) دولة. بيد أن معدلات البطالة للشريحة العمرية (من 25 إلى 54 عاما) تنخفض بشكل كبير إلى (8.5) فى المائة، وتحصد مصر من خلالها المرتبة (90) على المستوى الدولى. ويشير هذا التحليل إلى ضرورة ربط معدلات البطالة بالفئات العمرية للسكان من أجل الحصول على مؤشرات أكثر واقعية، ومن ثم اتخاذ القرار الأكثر ملاءمة. فعلى سبيل المثال، من المفروض أن توجه الدولة جهدا مضاعفا لمواجهة تحدى البطالة بين الشباب من خلال خلق فرص عمل إضافية لهم، بالإضافة إلى ضرورة تأهيل الشباب لمناخ العمل الجديد وما يتطلبه من التوسع فى المهارات والجدارات، وعلى وجه الخصوص المهارات المعرفية والذهنية. من ناحية أخرى، يتضمن التقرير العالمى لرأس المال البشرى مؤشرا يقيس رغبة المُشتغل فى زيادة ساعات عمله، أو البحث عن عمل إضافى من أجل زيادة الدخل، أو تحسين الإنتاجية. وهو مؤشر يعكس نوعا من القصور فى أداء أسواق العمل من ناحية، ووجود بطالة مقنعة ببعض قطاعات الإنتاج والخدمات من ناحية أخرى. وتوضح نتائج الدليل أن نحو (10) فى المائة من الفئة العمرية (15- 24 عاما) تسعى إلى عمل إضافى أو زيادة فى ساعات العمل، بحثا عن تحسين وضعهم الاجتماعى وزيادة دخلهم. ومازال للحديث بقية.