البطالة قنبلة موقوتة.. وواحدة من أهم التحديات التي تواجه المجتمع المصري وتنذر بكارثة كبرى إذا لم يتم تداركها، وإذا كانت الأرقام الرسمية تشير إلى أن معدل البطالة وصل في نهاية عام 2012 إلى 13% (أكثر من 3.5 مليون عاطل) وهي نسبة خطيرة بكل المقاييس العالمية فإن بعض خبراء الاقتصاد يرون أن المعدل الحقيقي يتجاوز هذا الرقم. وتزيد المشكلة صعوبة بشكل مستمر لأن هناك أعداد متزايدة من الداخلين الجدد لسوق العمل سنويًا كما أدت الأحداث التالية للثورة إلى المزيد من فقدان فرص العمل فى كافة القطاعات والمجالات. وبحسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2012/2013 التي وضعتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإن خفض معدل البطالة تدريجيًا إلى 9.5% في نهاية الخمس سنوات القادمة يتطلب توفير 4 ملايين فرصة عمل بتكلفة تصل إلى 800 مليار جنيه. الأرقام الرسمية للبطالة التي غالبا لا تحمل كل الحقيقة مفزعة وتحتاج إلى تحركات عاجلة، نحاول في السطور القادمة إلقاء نظرة عليها لتصور حجم المشكلة التي نواجهها والتي يجب أن تتصدر قائمة الأولويات لدى أي حكومة: "قوة العمل" في أي دولة يقصد بها تعداد الأشخاص الذين يعملون أو الذين يبحثون عن عمل مدفوع الأجر ولكنهم لا يجدونه (المتعطلون) من بداية مرحلة الشباب (15 سنة بحسب قانون العمل المصري) إلي سن التقاعد (65 سنة) ، ولا يحتسب ضمن القوة العاملة الطلبة والمتقاعدين وربات البيوت والعاطلين (الذين لا يبحثون عن عمل) ونزلاء السجون. ووفقًا للتعريف السابق، بلغت قوة العمل في مصر نحو 26.2 مليون فرد في نهاية عام 2010، وارتفعت إلى حوالي 26.79 مليون فرد في نهاية عام 2011، وارتفع هذا العدد إلى نحو 27.025 مليون فرد في نهاية عام 2013 ويتوقع استمرار تصاعد هذه النسبة خلال العام الجاري. وبحسب تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تنامي أعداد المتعطلين بشكل طردي مع ارتفاع قوة العمل ليصل المتعطلين نحو 2.4 مليون فرد عام 2010 بنسبة (8.9%) إلى نحو 3.3 مليون فرد (12.4%) في عام 2011 ومع الأحداث المتلاحقة وتداعيات ما بعد الثورة من إضرابات واعتصامات وغياب الأمن والمشاكل الاقتصادية التي أدت إلى إغلاق عدد من المنشآت الاقتصادية،، بجانب عودة أعداد كبيرة من المصريين العاملين في بعض الدول العربية التي شهدت ثورات مماثلة وعلى رأسها ليبيا وسوريا، ارتفع العدد إلى أكثر من 3.5 مليون متعطل (13%) بنهاية عام 2012، أي فقدان ما يقرب من 162 ألف وظيفة في مختلف قطاعات الاقتصاد. ويوضح الشكل التالي تطور معدلات البطالة في نهاية العام في الفترة من 2009 إلى 2012 تزداد مشكلة البطالة صعوبة وكارثية مع انتشار وتزايد معدل البطالة بين الفئات الشابة والفئات المتعلمة ، فتشير أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نسبة البطالة تصل إلى 27% في الفئة العمرية (15 – 19 سنة) وإلى 37% في الفئة العمرية (20 – 24 سنة) كما تنتشر البطالة بين الفئات المتعلمة (ثانوي/ فوق المتوسط / عالي)، وخاصة خريجي الجامعات، إذ أن نحو 20% (خمس) القوى العاملة المؤهلة تأهيلا جامعيًا لا تجد فرصة عمل. وترجع التقارير الرسمية هذه الظاهرة إلى عدم ارتباط مخرجات التعليم المدرس والجامعي باحتياجات سوق العمل وضعف مستوى الخريجين، وما يعنيه ذلك من هدر للموارد البشرية المتعلمة، ومن انخفاض أو سلبية المردود الاقتصادي للإنفاق على التعليم كاستثمار في تنمية رأس المال البشري. ويضاعف من خطورة الأمر أن نحو 49% من المتعطلين عامة و45% من حملة المؤهلات الجامعية بلغت مدة تعطلهم ثلاث سنوات أو أكثر وهو ما يمثل طاقة إنتاجية غير مستغلة، ويشكل تبعات اقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة. كما تشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة المتعطلين الذين سبق لهم العمل وبالتالي عدم استقرار أوضاعهم المعيشية أثناء فترى التعطل، نتيجة اتجاه بعض المنشآت القائمة للتخلص من قدر من العاملين بها، وعلى رأسها المنشآت السياحية والصناعية. على المستوى الجغرافي نجد أن هناك تفاوت صارخ في معدلات البطالة بين الريف والحضر، نتيجة التزايد المطرد في الهجرة إلى الحضر وزيادة المعروض من قوة العمل بالمراكز الحضرية مقارنة بالريف. وتحتل القاهرة المرتبة الأولى في عدد المتعطلين لعام 2011 بعدد 477.1 ألف فرد، تليها محافظة الأسكندرية بعدد 280 ألف، وتأتي ثالثة الغربية 255.6 ألف ثم الجيزة 248.9 ألف. أما فيما يتعلق بنسب البطالة وفقًا لقوة العمل في كل محافظة، تتساوى القاهرة والبحر الأحمر في احتلال المركز الأول في نسبة البطالة التي تبلغ 43.1%، وتأتي جنوبسيناء في المرتبة الثانية بنسبة 40.7%، ثم الإسكندرية بنسبة 35.8%. ويوضح الجدول التالي عدد المتعطلين ونسبة البطالة بحسب المحافظة عام 2011 وبحسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2012/2013 التي وضعتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإنه يتعين توفير 4 مليون فرصة عمل خلال الفترة (2012/2013 – 2016/2017) بتكلفة تربو على 800 مليار جنيه لإمكان خفض معدل البطالة في نهاية الفترة إلى 9.5%، أي أنه يتعين تدبير نحو 800 ألف فرصة عمل كمتوسط سنوي، بتكلفة تقدر بنحو 160 مليار جنيه لإمكان تراجع معدل البطالة إلى المستوى المستهدف.