بقلم د. ياسر الدرشابي أفجعني ما سَمعته اليوم عن مظاهرة لتأييد المجلس الأعلي للقوات المسلحة. أفجعني لأننا نحتاج أن نتظاهر من أجل التطهير و من أجل محاكمة الفاسدين، نحتاج أن نتظاهر من أجل إعمال سيادة القانون و إطلاق الحريات و لكننا بالطبع لا نحتاج أن نتظاهر لتأييد المجلس الأعلي. نعم نحن نؤيد المجلس الأعلي حتي لو إختلفنا معه أو تعارضنا و إعترضنا فلا يعني ذلك بأي وجه علي الإطلاق أننا لا نؤيده و لا نسانده. و لكنني أري في التظاهر لتأييد المجلس الأعلي خطراً كبيراً، أري في ذلك أن صفوف الثوار تتفرق و جموع الشعب تنقسم بين مؤيد و معارض ليس للمخلوع هذه المرة بل للجيش الذي ساند الثورة و ساعد علي خلع مبارك. و دعونا نتذكر أن الثورة المضادة قد تنبع من رحم الثورة الأصلية و يكون ذلك بتفرق الثوار و تعدد أهدافهم بعد أن كانوا في ميدان واحد يطالبون بتحقيق هدف واحد إتفق عليه الجميع و إجتمعت عليه كافة طوائف الشعب. و هذا النوع من الثورة المضادة هو أكثر و أخطر من أي فلول و أي بلطجية. فالأفضل لنا جميعاً هو أن نصطف صفاً واحداً و نطالب المجلس الأعلي بكل ما نريد و لا يستطيع أحد أن ينكر أننا تعلمنا الأن كيفية المطالبة بالحقوق بدون قطع الطرق أو تعطيل الحياة اليومية و لا يستطيع أحد أن ينكركذلك أن المجلس الأعلي إستجاب لكثير من مطالبنا لاسيما و نحن نعرف الطريق الذي ينتهي دائماً بالإستجابة، بل إن الإستجابة كانت تأتي في بعض الأحيان قبل أن نصل إلي نهاية هذا الطريق و الشكر ليوم الجمعة من كل إسبوع. و علينا أن نأخذ في الإعتبار أن أي وقيعة بين الشعب و الجيش إنما تصب في مصلحة جهة واحدة ألا و هي الثورة المضادة ، هذا الإتجاه العنيف من قبل المنتفعين من النظام السابق الذين يخافون أن يخسروا كل شئ بعد ثورة 25 يناير. فهي مسألة حياة أو موت، إذا إنتصرت ثورتنا و وصلت إلي بر الأمان فهم أموات و إذا لا قدر الله سُرقت ثورتنا فهم أحياء كما كانوا قبل الثورة، سيسهل عليهم مرة أخري ممارسة الفساد بكل أشكاله من إتاوات و رشاوي و ظلم و إستبداد. فنحن الأن بين خيارين، إما أن نتحد و نكون يداً واحدة مع الجيش حتي نصل بثورتنا إلي بر الأمان، و إما أن نتفرق و ننقسم حتي نري الثورة المضادة تنتصر و نستعد حينئذ لثلاثين عاماً أخرين من الفساد و الذل و الإستبداد، لا قدر الله هذا لمصر أبداً. الأن جاء الدور علي المجلس الأعلي ليقطع الشك باليقين و يمنع حدوث وقيعة بين الجيش و الشعب أو بين طوائف الشعب و بعضها بسبب الجبش و قراراته. الأن حان وقت الأفعال لا الأقوال و جاء وقت الوفاء بالعهود، عهود قطعها الجيش للشعب تقضي بحماية الثورة و مكتسباتها وعهود قطعها رجال الجيش جميعاً عندما أقسموا علي حماية هذا الوطن و شعبه. و دائماً... عظيمة يا مصر