شارل بودلير شاعر وناقد فرنسى مولود في 1821 ويعتبر من أبرز شعراء القرن التاسع عشر ومن رموز الحداثة في العالم وكان شعره متقدما عن شعر زمنه فلم يفهم جيدا إلا بعد وفاته، ومن أشهر مجموعاته الشعرية ديوانا (سأم باريس) و(أزهار الشر) الذي نشر قصائده النثرية في 1875 بعد صدوره وكان في هذه القصائد النثرية مدفوعا بالرغبة في شكل شعرى يمكنه استيعاب العديد من تناقضات الحياة اليومية في المدن الكبرى ليقف على ما يمكن وصفه بأنه الوجه النسبى للجمال وقد وجد ضالته في كتابته لهذه القصائد فيما عرف حينها ب(البالاد) المستوحاة من ترجمات البالادات الاسكتلندية والألمانية إلى الفرنسية، والبالاد نص أقرب إلى صيغة الموال القصصى في العربية وهو نفس الشكل الشعرى الدرامى الذي استوحاه وردزورث وكوليريدج في ثورتهما الشعرية على الأنماط الكلاسيكية. وكان الشاعر شارل بودلير يرى أن الحياة الباريسية غنية بالموضوعات الشعرية الرائعة، وكانت قصائده تلك وبعض من القصائد التالية قد جمعها بودلير في كتاب واحد وهى القصائد التي أضيفت إلى أزهار الشر مع الطبعة الثانية وتميز بجرأة كبيرة جعلته عرضة لانتقادات حادة من الاتجاهات المحافظة، حيث صودر أزهار الشر ولوحق بودليرقضائيا بتهمة انتهاك حرمة الآداب العامة، ومثل أمام المجلس التأديبي فحكم عليه بغرامة نقدية قدرها 300 فرنك، وحذف بعض قصائد الديوان لم يكف بودلير يوماً عن المطالبة برد شرفه إليه وظل فريسة الألم والقنوط يعيش في عزلة، على الرغم من مظاهرالتشجيع التي أحاطه بها كبار الأدباء كتب شارل بودلير في 1857 يصف قضاته بعدما تفرس في ملامحهم في إحدى المحاكم الباريسية: «إنهم دميمون، ولا تختلف قلوبهم عن وجوههم»، ذلك بأن بودلير كان قد أوقف بتهمة إفساد الأخلاق بنشره ديوانه «أزهار الشر» وقد احتج بشدة على الغرامة التي فرضت عليه. وفي آخر مايو 1949 تقدم «جماعة الأدباء» بعريضة إلى محكمة النقض والإبرام الفرنسية، بموجب القانون الصادر قبل ذلك بثلاث سنوات، يطالبون فيها بإزالة اللطخة التي علقت بالشاعر بودلير ونقض الحكم الجائر. وقد برئت ساحة صاحب «أزهار الشر» بعد مرور اثنتين وتسعين سنة على «تجريمه» ومما يذكر أن المدعي العام كان من مؤيدي طلب «جماعة الأدباء» من أزهار الشر في كتاب واحد بعنوان لوحات باريسية. ويذكر أن ديوان «سأم باريس» لم ينشرفى حياة بودلير وإنما بعد وفاته «زي النهارده» في 31 أغسطس 1867، ورغم أن هذا الديوان ترك أثرا واضحا في الأجيال الشعرية اللاحقة إلا أن جوستاف لانسون وسانت بيف لم يتحمسا له بعد صدوره.