ارتفاع محلي وانخفاض عالمي.. كم سجل سعر صرف الدولار اليوم الخميس 16 مايو 2024؟    وزيرا النقل والري يناقشان إعادة تأهيل الممر الملاحى لترعة الاسماعيلية    الخارجية البحرنية تكشف دلالة مشاركة الرئيس السيسي في القمة العربية    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    هيئة شؤون الأسرى: ارتفاع حصيلة المعتقلين الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر ل 8755    غياب جديد.. قائمة برشلونة أمام ألميريا في الدوري الإسباني    تحرير 13 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    السجن المشدد 15 عاما وغرامة 500 ألف جنيه لعامل لاتهامه بالإتجار بالمخدرات في قنا    بسبب سوء الأحوال الجوية.. وقف جميع رحلات الأنشطة البحرية بالغردقة    توريد 188 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    البحيرة: توريد 188 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    حالات الحصول على إجازة سنوية لمدة شهر في قانون العمل الجديد    محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    جامعة قناة السويس تصنف من أفضل 6.5 % جامعة عالميا وفقا لتصنيف CWUR 2024    تفاصيل الحالة الصحية لرئيس وزراء سلوفاكيا.. خضع لجراحة 5 ساعات    بوتين وشي جين يعتمدان بيانا مشتركا حول تعميق علاقات الشراكة    الكيلو ب 285 جنيها.. تموين جنوب سيناء يوفر لحوم طازجة بأسعار مخفضة    تمهيدا لإعلان الرحيل؟ أليجري يتحدث عن لقطته مع جيونتولي "سأترك فريقا قويا"    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    صدام جديد مع ليفربول؟.. مفاجأة بشأن انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر    نزع ملكية قطعة الأرض رقم «27س» لإقامة جراج متعدد الطوابق عليها    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    أستاذ طب وقائي يحذر من زيت الطعام المستعمل: مادة خطيرة تدخل في تبييضه    «مترو الأنفاق» يُعلن انتطام حركة القطارات بالخط الثاني    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    يسري نصر الله يحكي تاريخ السينما في مهرجان الفيمتو آرت الدولي الثالث للأفلام القصيرة    ختام فعاليات مهرجان المسرح بجامعة قناة السويس، اليوم    الأحد.. الفنان عمر الشناوي حفيد النجم كمال الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس    «الرقابة الصحية»: حل 100% من شكاوى المنتفعين ب«التأمين الشامل» خلال أبريل    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان مشروع إنشاء مستشفى منفلوط المركزي    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيرات للحوثيين في اليمن    مواعيد مباريات اليوم الخميس 16 مايو 2024 في الدوري المصري والبطولات العالمية    نجم الترجي السابق ل«أهل مصر»: الأهلي مع كولر اختلف عن الجيل الذهبي    ياسمين عبدالعزيز تنشر صورة مفاجئة: زوجي الجديد    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    تطور جديد في قضية سائق أوبر المتهم بالتحرش بفتاة التجمع    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    طريقة عمل دجاج ال«بينك صوص» في خطوات بسيطة.. «مكونات متوفرة»    تنظيف كبدة الفراخ بمكون سحري.. «هيودي الطعم في حتة تانية»    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    غارات إسرائيلية على منطقة البقاع شرق لبنان    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    «سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    محمود عاشور يسجل ظهوره الأول في الدوري السعودي    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مضيق هرمز.. «باب الشرق السحري» من مملكة «لا ثاني لها» إلى الحماية الدولية
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 07 - 2019

قبل مئات السنين كان «هرمز» ليس مجرد مضيق يستلب اهتمام القوى العالمية من أجل تأمين تجارتها عبر الشرق، وإنما مملكة أو على الأحرى إمبراطورية عربية تحظى بنصيب الأسد من التجارة العالمية، ما دفع الرحالة والمستكشفون من أمثال ابن بطوطة وماركو بولو إلى إبداء تعجبهم من تحول جزيرة بركانية قاحلة مثلها من مد نفوذها على منطقة الخليج كلها ومن ثم على العالم أجمع. إن الأهمية الاستراتيجية التى حظت بها «هرمز» فى الماضى لم ينتقص منها تبدل الأزمان وتغير الأحوال، فاليوم باتت القوى العالمية تتسارع على تأمينها ضد إيران التى ترغب فى بسط نفوذ على المضيق الذى يعد شريان الحياة لدول الغرب والولايات المتحدة التى تمر ناقلات النفط الخاصة بها من الخليج عبر المضيق إليها.
زمان.. «هرمز» إمبراطورية تغزل بها الرحالة ..أوائل حكامها عرب .. واشتهرت بالخيول «المطهمة»
هرمز
يعد مضيق هرمز واحداً من أهم 10 مضائق فى العالم. يبلغ عرض مضيق هرمز 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة)، فيما يبلغ عمقه 60 م فقط، ويبلغ عرض ممرّى الدخول والخروج فيه 10.5 كم. يعتبر المضيق فى نظر القانون الدولى جزءاً من أعالى البحار، ولكل السفن الحق والحرية فى المرور عبره بما لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها، وفى 30 إبريل 1982 تمّ اعتماد الاتفاقية الدولية لقانون البحار، وأهمّ ما ورد فيها كان المادة 38 ونصها: «تتمتع جميع السفن العابرة للمضائق الدولية، بما فيها مضيق هرمز، بحق المرور دون أى عراقيل، سواء كانت هذه السفن أو الناقلات تجارية أو عسكرية».
وفى مؤتمر قانون البحار (جنيف 1958- 1960): حاولت إيران خلال المؤتمرين الأول والثانى لانعقادهما لوضع «قانون البحار»، واللذين عُقدا تحت راية الأمم المتحدة، المطالبة بحقها فى الإشراف على مضيق هرمز باعتباره يقع ضمن مياهها الإقليمية، إلا أن طلبها رُفض من قِبل جميع المشاركين. وفى مؤتمر قانون البحار (30 إبريل 1980)، جددت طهران مطالبتها بالإشراف على مضيق هرمز، فتم رفض طلبها كليًا وللمرة الثالثة. حتى جاء القانون الدولى لحماية المضائق البحرية فى إبريل 1982.
المثير أن اسم مضيق هرمز مأخوذ عن مملكة هرمز التى يتوسطها المضيق والذى أطلق عليه البعض «باب الشرق السحرى». أما مملكة هرمز فحكى عنها ما حكى وأسهب البحارة والمستكشفون فى وصف تفاصيلها واستفاضوا فى تعديد محاسنها ومزاياها.
يوضح كتاب «مملكة هرمز: الفقاعة الذهبية»، من تأليف إبراهيم بشمى، أن هرمز لم تصل إلى قدر كبير من الأهمية إلا بعد الفتح الإسلامى، وأن خيولها كانت تصدر إلى الهند حتى القرن 15، مشيرا إلى أنها اشتهرت بالخيول، وتحدث عنها الرحالة الإيطالى ماركو بولو قائلاً إن هرمز «مدينة عظيمة ونبيلة على البحر.. بها أعداد كبيرة من الخيول المطهمة»، ويقصد بال«مطهمة» «متناهية الحسن»، التى كان أهل المدينة يأخذونها إلى الهند للبيع لارتفاع سعرها. لم تكن الخيول وحدها هى ما يميز هرمز، فالحمير كذلك التى كانت موجودة بها عرف عنها أنها من أجود الحمير فى العالم لما اتصفت به من سرعة وخفة وكبر حجم.
يتابع «باولو» وصفه للمدينة قائلاً: «حين تأتى إلى البحر المحيط وعلى الشاطئ، تجد مدينة ذات مرفأ يقال لها هرمز، والتجار يأتون إلى هناك من الهند بسفن محملة بالتوابل والأحجار الكريمة واللؤلؤ وأقمشة الحرير والذهب والعاج، وبضائع أخرى كثيرة يتم بيعها لتجار هرمز الذين يقومون بدورهم بحملها إلى جميع أنحاء العالم وبيعها مرة أخرى. أما الإدريسى، العالم الجغرافى العربى، فقال فى وصفه ل «هرمز» إنها: «السوق الرئيسية لكرمان، وهى مدينة واسعة حسنة البنيان، وهرمز مبنية على ضفاف خور يقال له هير حيز مشتق من الخليج وتصل السفن للمدينة بواسطة هذا القنال».
يوضح كتاب «بشمى» أن هرمز كان لها حكام من العرب، وأولهم يدعى «محمد»، أمير عربى عبر الخليج من اليمن وكون نفسه هناك، وأنه فى خلال حكم الأمير الخامس عشر فى سنة 1301، ناوشت هرمز القديمة الغارات الوحشية التى شنها الفرسان التتار، ما دفع الأمير وشعبه إلى الرحيل عنها، والانتقال إلى جزيرة «قشم» ومنها إلى جزيرة «جيرون» الجديدة التى تقع وسط البحر ويفصل بينها قنال عرضه 3 فراسخ وسموها «هرمز» والتى تحولت إلى امبراطورية خليجية مستقلة، حيث وصفها أحد الرحالة الغربيين بقوله: «أصبحت هرمز عاصمة لإمبراطورية اشتملت على جانب كبير من شبه جزيرة العرب من ناحية وعلى فارس من ناحية أخرى، وفى أيام وصول التجار الأجانب كانت تبدو بمنظر أفخر وأجمل من أى مدينة أخرى فى الشرق، وكان الناس من جميع أنحاء المعمورة يغدون إليها يتبادلون السلع ويعقدون الصفقات التجارية فى جو من الأدب والرعاية مما يندر مثله فى أى مكان تجارى آخر، وكانت الشوارع مغطاة بالحصر وفى بعض الأماكن بالسجاجيد، وكانت الأصص المذهبة والخزف الصينى الملىء بالنباتات المزهرة أو الأزهار المعطرة تزين بيوتهم». ويتابع كتاب «مملكة هرمز: الفقاعة الذهبية» أن تمكن مؤسسة سياسية محدودة الحجم فى جزيرة بركانية ضئيلة وقاحلة كهرمز من مد نفوذها على مختلف مناطق الخليج كان مثال تعجب البعض. غير أن المعابر البحرية والمحطات والجزر ظلت ذات أهمية بالغة لهرمز، أهمية الحياة نفسها، ومن ثم كان انغلاق المضيق معناه الموت المحقق لهرمز.
ظلت مدينة هرمز لفترة تقترب من قرنين تنعم بالرخاء وامتدت سلطتها على طول جانبى الخليج حتى البصرة، وفى عام 1503، وصفها مسافر غربى، أى قبل دخول البرتغاليين بقليل، قائلاً: «جئنا إلى مدينة تدعى هرمز بعيدة جدا، وهى لا ثانية لها فى الموقع الممتاز وكثرة اللآلئ، ويرى أحيانا ما يقرب من 300 سفينة وغيرها من أنواع السفن التى تأتى إلى هناك من أماكن بعيدة وبلاد عدة ويوجد هنا حوالى 400 تاجر ووكيل».
وتابع الكتاب أن مدينة هرمز على الرغم من غناها المسرف فإن تكاليف المعيشة بها كانت مرتفعة، نظرا لأن كل السلع كانت تأتيها من الخارج فيما عدا الملح فقط، وحتى الماء كان يأتى إليها من الخارج من الجزر الأصلية والمجاورة فى قوارب صغيرة لأغراض الشرب وكل الأماكن المفتوحة مملوءة بصورة مستمرة بكل هذا الطعام. كان العالم الأوروبى يرسل المستكشفين إلى الشرق المملوء بالثروات، وفى سنة 1505 قرر إيمانويل الأول، ملك البرتغال، أن يقضى على سيطرة الدول العربية التجارية مرة واحدة وللأبد عن طريق احتلال عدن وهرمز وملقا.
تشير ورقة بحثية بعنوان «تاريخ مملكة هرمز حتى سقوطها عام 1622» أعدها حسنين محمد ربيع، الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، وليلى عبدالجواد إسماعيل، الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن اسم هرمز برز خلال العصور الوسطى وأوائل العصور الحديثة، وأحيطت سيرتها ببريق ظلت تحتفى به حتى سقوط مملكتها فى عام 1031 هجرية و1622 ميلادية، ولفتت الورقة البحثية إلى تمييز ابن بطوطة أثناء زيارته لهرمز بين مدينتين باسم هرمز: فوضح أن هناك هرمز القديمة التى تقع على ساحل البحر وتسمى أيضاً «موج ستان» وتقابلها فى البحر هرمز الجديدة، وبينهما فى البحر 3 فراسخ.
تتفق الورقة البحثية مع ما ورد فى الكتاب المشار إليه سلفاً بخصوص الحكام الأوائل ل«هرمز» وتؤكد أن ملوك هرمز القديمة ينحدرون من أصول عربية، استناداً إلى رواية توران شاه، أحد ملوك مملكة هرمز، الذى قال إن مملكة هرمز القديمة ترجع فى الأصل إلى الملك محمد، الذى كان حاكماً على عمان، وتطلع فى بداية حكمه لتوسيع رقعة مملكته وجمع مستشاريه من أجل هذا الغرض، وأخبرهم أن كل الأراضى الواقعة على ساحل فاروس كانت ملكاً لأسلافه لكنهم فقدوها بسبب الإهمال، ومن ثم فإنه قرر عبور الخليج هو ورجال مملكته من أجل استعادتها وتوسعة مملكته. وأضاف توران شاه أن الجميع وافق على فكرة الملك محمد الذى خرج بصحبة رجاله من عمان واتجهوا أولاً إلى قلهات ووجدوها ميناء مناسباً لهم، يمكن منه ممارسة التجارة مع السفن المارة بهذا الطريق، ولذا ترك الملك محمد ابنه فيها مع عدد من الرجال حتى يحقق حلم أخيه. وبعدها تحرك الملك محمد عبر البحر على متن عدد من السفن التى أمر بتجهيزها وعبروا إلى ساحل فارس، ووصلوا إلى المكان الذى توجد فيه هرمز وفرح الملك وأتباعه بالبلد وقرروا الاستقرار فيه وشرعوا على الفور فى بناء المنازل وإصلاح شؤون البلد.
الآن.. المضيق ورقة ضغط بيد طهران.. وسعودى: «جسر الملك سلمان مع مصر هو الحل»
هرمز
قبل أيام، أعلن الحرس الثورى الإيرانى «مصادرة» ناقلة نفط بريطانية فى مضيق هرمز، وأشار إلى أن الناقلة المحتجزة «ستينا إمبيرو» لم تلتزم بقوانين الملاحة، وحينها قالت الشركة المشغلة لناقلة النفط البريطانية المحتجزة، نورثرن مارين: «لسنا قادرين على التواصل مع الناقلة وهى متوجهة نحو المياه الإيرانية»، مضيفة أن «23 بحارا على متن الناقلة ولا تقارير عن إصابات».
جاءت هذه التطورات بعد أن صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن على إيران الإفراج فورًا عن سفينة تحتجزها فى الخليج وأفراد طاقمها، وقال المتحدث ل «رويترز» إن «الولايات المتحدة تندد بقوة بما تقوم به السفن التابعة للحرس الثورى من مضايقة مستمرة للسفن وعرقلته للمرور الآمن فى مضيق هرمز وحوله»، وذلك بعد إعلان إيران أنها تحتجز ناقلة نفط «تهرب الوقود فى الخليج».
هذه الانتهاكات الإيرانية تكشف عن الأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز الذى تمر خُمس الإمدادات العالمية من النفط من خلاله، ومن ثم تعد حرية الملاحة به أمرًا ضروريًا لاستقرار الاقتصاد العالمى، ما يؤكد أن أهمية الأمس هى ذاتها أهمية اليوم. غير أن الاختلاف الوحيد بين «زمان» و«الآن»، هو أن المنطقة التى كانت فى الماضى ملكية عربية خاصة صارت اليوم بانتظار بعثات حمائية دولية، حيث طالبت بريطانيا فى بيان بضرورة وجود «مسعى دولى لضمان مرور السفن بسلام»، واقترحت تشكيل مهمة بحرية بقيادة أوروبية لضمان حرية الملاحة عبر مضيق هرمز.
لقى الاقتراح البريطانى صدى لدى العديد من الدول، وسرعان ما أعلنت الدنمارك أنها رحبت باقتراح من الحكومة البريطانية وقالت إنها ستبحث المشاركة العسكرية فيها، وقال وزير خارجيتها، جيب كوفود، فى بيان، إن «الحكومة الدنماركية تنظر بإيجابية إلى مساهمة محتملة فى المبادرة البريطانية» لحماية الملاحة فى هرمز. وأضاف: «وبصفتها دولة بحرية، من الضرورى بالنسبة للدنمارك استمرار حرية الملاحة»، مشيراً إلى أن القرار النهائى سيظل رهناً لبحث الأمر فى البرلمان بمجرد أن تكون هناك «صورة أوضح للمهام المحددة والشركاء، كما قال وزير الخارجية الألمانى، هايكو ماس، إن بلاده ستتخذ قراراً بشأن المشاركة فى تلك المهمة البحرية بقيادة أوروبية بمجرد حصولها على مزيد من الإيضاح لشكل مثل هذه المهمة، ولم تستبعد وزيرة الدفاع الألمانية الجديدة، أنيجرت كرامب- كارنباور، من حيث المبدأ، مشاركة عسكرية فى مهمة حماية أوروبية للسفن التجارية فى مضيق هرمز، وأبدت فرنسا وإيطاليا وهولندا أبدت دعمها لمهمة بحرية بقيادة أوروبية لضمان أمن الملاحة عبر مضيق هرمز، وأبدت إسبانيا والسويد وبولندا وألمانيا كذلك اهتماما بالقيام بدور. من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان أن بلاده تعمل مع بريطانيا وألمانيا على تشكيل «مهمة لمتابعة ومراقبة الأمن البحرى فى الخليج» بعد احتجاز إيران ناقلة نفط بريطانية فى مضيق هرمز.
مع تجدد المطالبات واستجابة بعض الدول لها، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، ملتزم بحماية مصالح واشنطن وحلفائها ضد تهديدات إيران فى مضيق هرمز، وأضاف البيت الأبيض أن ترامب يرغب فى مساعدة رئيس الوزراء البريطانى، بوريس جونسون، لحل أزمة الناقلة البريطانية المحتجزة فى إيران. كان وزير الخارجية الأمريكى، مايك بومبيو، أكد أن بلاده ستفعل كل شىء من أجل مواصلة شراكتها مع السعودية ضد إيران. وقال، فى حوار مع «فوكس نيوز»، إن «السعوديين يمثلون حليفاً جيداً للأمريكيين»، مشيراً إلى أن إيران هى «تهديد حقيقى»، والسعودية تمثل «شريكاً للولايات المتحدة فى التصدى لطهران». كذلك صرح «بومبيو» بأن واشنطن اقترحت على فرنسا وألمانيا والنرويج واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا الانضمام إلى التحالف لتأمين الملاحة فى مضيق هرمز. وأوضح بومبيو أن أى دولة مهتمة بأمن مضيق هرمز «يتعين عليها المشاركة للحماية، ليس فقط مصالحها الخاصة، بل كذلك حرية المعابر المائية المفتوحة». من جانبه قال الرئيس الإيرانى، حسن روحانى، إن إيران لن تسمح بحدوث فوضى فى منطقة الخليج ومضيق هرمز، لكنها لا تسعى إلى مواجهة عسكرية وتصعيد التوتر، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة «ليست مكانًا للعب».
التهديدات التى تمثلها إيران على مضيق هرمز دفع الكثيرين إلى التفكير فى بدائل أخرى له حتى لا يكون ورقة ضغط يمكن أن تستغلها إيران، ومنهم الدكتور حمد اللحيدان، الذى كتب فى جريدة «الرياض» السعودية مقالًا يقترح من خلاله بعض البدائل وهى كالتالى: «الأول: شق قناة مائية تربط الخليج العربى بخليج عمان على بعد (15- 30) كلم جنوب غرب مضيق هرمز، إذ لا تتجاوز المسافة بينهما عند هذا المكان (30- 40) كلم.. وإذا لم يتحقق ذلك فإن مد عدد من الأنابيب الضخمة يقوم مقام القناة بين الخليجيين، والثانى: زيادة عدد الأنابيب الناقلة للنفط من الخليج إلى ساحل البحر الأحمر لضمان تصدير البترول الخليجى إلى أوروبا وأمريكا ودول حوض المتوسط، كما يمكن مد الأنابيب الناقلة للنفط عبر نفق أو جسر الملك سلمان المزمع إنشاؤه لربط المملكة بمصر حتى تصل إلى مدينة العريش شمال سيناء على البحر المتوسط، وهذا سوف يكون كفيلاً بخفض تكلفة وزمن نقل البترول من الخليج العربى عبر مضيق هرمز ثم باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس إلى البحر المتوسط. الثالث: مد عدد من الأنابيب الناقلة للنفط إلى سواحل بحر العرب أو خليج عمان عبر الأراضى الإماراتية أو العمانية أو اليمنية أو عبرها كلها، ولعل أقصر مسافة لتلك الأنابيب تلك التى تصل بين حقل الشيبة فى الربع الخالى وساحل عمان على بحر العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.