تقع مدينة عكا على بعد 95 كيلومترا من القدس، وهي مدينة قديمة جدًا ورد ذكرها في التوراة وغزاها ذو القرنين والفرنجة، ويرجع المؤرخون تأسيسها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد على يد القبائل الكنعانية التي أطلقت عليها اسم «عكر» أي الرمل الحار، وفى العهدين الرومانى والبيزنطى كانت أهم موانئ البحر المتوسط، وفى 636 وصلها الفاتحون المسلمون بقيادة شرحبيل بن حسنة وفى ولاية معاوية لبلاد الشام في عهد عثمان بن عفان وضعت نواة الأسطول الإسلامى، حيث بُنى حوض لبناء السفن، وحقق هذا الأسطول انتصارًا شهيرًا في معركة ذات الصوارى الشهيرة، وفى 12 أكتوبر 1187 ثار الغرب عندما جاءته أنباء انتصار حطين واسترداد بيت المقدس. وجهزت أوروبا حملتها المعروفة بالحملة الصليبية الثالثة التي تزعمها فردريك باربروسا إمبراطور ألمانيا، وفيليب أوغسطس ملك فرنسا، وريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا، واتجه الصليبيون إلى عكا بقيادة ملك بيت المقدس وأقام الملك الصليبى معسكره على مقربة من عكا، ووصلت مقدمات الحملة الصليبية الثالثة وحاصرت المدينة من البحر، وكان لذلك فعل السحر في نفوس الصليبيين، فارتفعت معنوياتهم ثم لم يلبث أن جاءت قوات صليبية من صور وأحاطوا المدينة بخندق يفصل بينهم وبين صلاح الدين، وانقطع طريق المسلمين بذلك إلى عكا. ووقعت المواجهة بين صلاح الدين والصليبيين دون أن يحقق أحد الفريقين نصرا حاسما، حتى وصلت قوات فيليب أوغسطس في أبريل 1191، فجمع الصليبيين تحت رايته بعد خلافات دبت في صفوفهم وبدأت مهاجمة عكا وقصفها بلا توقف ثم وصل ريتشارد قلب الأسد إلى عكا في يونيو 1191 فازداد به الصليبيون قوة، وفى 11 يوليو 1191 بدأ هجوم عام كان ريتشارد من اقترحه، ورغم ما أظهرته الحامية الإسلامية في عكا من شجاعة ومقاومة برا وبحرا لكن ذلك لم يكن كافيا أمام أكبر قوتين في أوروبا، وصار محتما سقوط المدينة، و«زي النهارده» 12 يوليو 1191 استسلمت المدينة، وفى 2 سبتمبر 1192 عقد قلب الأسد صلحا مع صلاح الدين بما عرف بصلح الرملة، وظلت عكا في قبضة الصليبيين حتى حررها القائد الأشرف بن قلاوون بعد أكثر من 100 عام.