اتفق المفاوضون الأمريكيون مع نظرائهم من حركة طالبان الأفغانية على إطار مقترح لاتفاق سلام يضع حداً للصراع الذى استمر حوالى 17 عاماً، وفقاً لكبير المفاوضين الأمريكيين، زلماى خليل زاد، بعد انتهاء 6 أيام من المفاوضات بين الجانبين فى الدوحة. ووصل «زاد» إلى كابول لإطلاع الحكومة الأفغانية على نتائج المحادثات مع طالبان، وقال «زاد»، لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: «توصلنا إلى اتفاق على إطار عام يحتاج بلورة حتى يتحول إلى اتفاق»، وأضاف أن الاتفاق المقترح يقتضى أن تتعهد طالبان بألا تسمح بأن تُستغل أفغانستان بؤرة للإرهاب. وأوضح أن الولاياتالمتحدة وطالبان رسمتا الخطوط العامة لاتفاق سلام ينهى الحرب المستمرة منذ 17 عاماً فى أفغانستان، وقال: «لدينا مسودة إطار عمل يجب إتمام العمل على تفاصيلها قبل أن تصبح اتفاقاً». وأضاف: «طالبان تعهدت- وهو ما يُرضينا- بأن تفعل ما هو لازم للحيلولة دون أن تصبح أفغانستان منصة لجماعات أو أفراد منخرطين فى الإرهاب الدولى». وتحدث مسؤول أمريكى فى كابول، طالباً عدم نشر اسمه، عن تقدم كبير فى محادثات قطر، لكنه قال إن الأمر يستدعى مزيداً من التفاوض بشأن مسألة توقيت وقف إطلاق النار، التى تبدو عقبة فى جولة المحادثات القادمة فى 25 فبراير المقبل، وأضاف المسؤول أن مفاوضى طالبان يريدون انسحاباً كاملاً قبل وقف إطلاق النار، فى حين يريد الأمريكيون العكس. من جانبه، قال مسؤول كبير فى طالبان، حضر محادثات قطر، إن عطلة نهاية الأسبوع شهدت اتفاقاً بين الجانبين على تشكيل لجنتين لوضع الخطط التفصيلية لتنفيذ الاتفاقات التى تم التوصل إليها من حيث المبدأ فيما يتعلق بتعهد طالبان بألا تسمح للجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة بأن تتخذ من أفغانستان مركزاً لنشاطها فى المستقبل. وأضاف: «اللجنتان ستحددان مسار انسحاب القوات الأمريكية، والوقت الذى يحتاجه إتمام الانسحاب»، مرجحاً أن الانسحاب قد يستغرق 6 أشهر، «لكن مع توافر القدر الكافى من المرونة». وبدوره، طالب الرئيس الأفغانى، أشرف غنى، حركة طالبان بالتفاوض مع حكومته لإحلال السلام، وقال: «نتعهد بإقرار السلام، لكن هناك قيم غير قابلة للتفاوض، وهى الوحدة الوطنية، والسيادة الوطنية، ووحدة الأرض، ووجود حكومة مركزية قوية تتمتع بالكفاءة وغيرها من الحقوق الأساسية المكفولة للمواطنين فى البلاد». وقال مكتب الرئيس الأفغانى إن المبعوث الأمريكى لأفغانستان نفى أن تكون مناقشات قد دارت بينه وبين «غنى» حول ترتيبات مستقبلية لحكم البلاد. وأضاف «غنى»: «علينا ألا ننسى أن ضحايا هذه الحرب هم أفغان، وأن عملية السلام يجب أن تكون بقيادة أفغانية، ليس هناك أى أفغانى يريد بقاء قوات أجنبية فى بلده إلى ما لا نهاية، لا أفغانى يريد أن يواجه هجمات انتحارية فى المستشفيات والمدارس والمساجد والحدائق». وفى واشنطن، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلنطى «ناتو»، ينس ستولتنبرج، أن قوات الحلف لن تبقى فى أفغانستان «أكثر من اللازم»، ولكنه أكد أن هناك حاجة للتواجد العسكرى حالياً للتوصل إلى «حل سلمى» للصراع. وأضاف، خلال لقاء القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكى، باتريك شاناهان: «لن نبقى فترة أطول من اللازم، لكننا لن نغادر حتى نصل لوضع يسمح لنا بسحب أو تخفيض عدد القوات، دون تعريض الهدف الرئيسى لوجودنا للخطر». وبدوره، قال «شاناهان»: «المحادثات مع طالبان مشجعة»، وامتنع عن الرد على سؤال حول احتمال انسحاب نصف القوات الأمريكية، البالغ عددها 14 ألف جندى فى أفغانستان، وهو ما يريده الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. وهناك 8 آلاف جندى آخر من 38 دولة فى أفغانستان. وحكمت «طالبان» أفغانستان فى الفترة من 1996 إلى 2001، وانتهى حكمها باحتلال الجيش الأمريكى لأفغانستان عقب شن تنظيم القاعدة هجمات 11 سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة، وأسفر الصراع عن خسائر هائلة فى الأرواح، وأكدت إحصائيات الأممالمتحدة أن ما بين 6000 و11000 مدنى لقوا حتفهم بسبب الحرب فى أفغانستان منذ عام 2009، وتزايد نفوذ وقوة حركة طالبان فى أفغانستان بعد انسحاب القوات الدولية فى 2014، ويعيش حوالى 15 مليون أفغانى فى مناطق خاضعة لحركة طالبان أو فى مناطق تتحرك فيها عناصر الجماعة بشكل معلن وينفذون هجماتهم دون رادع. وقامت سياسة إدارة ترامب فى التعامل مع ملف أفغانستان على الضغط على طالبان للجلوس على مائدة المفاوضات مع حكومة البلاد، وتتضمن الاستراتيجية الأمريكية انسحاباً كاملاً للقوات الأمريكية مقابل وقف إطلاق النار، وتعهد طالبان بالدخول فى مفاوضات مباشرة مع كابول. فى المقابل، أكدت طالبان أن المفاوضات المباشرة مع الحكومة ممكنة بمجرد الاتفاق على موعد محدد لانسحاب القوات الأمريكية.
