حققت محادثات السلام بين حركة «طالبان» الأفغانية، وواشنطن فى قطر، تقدما كبيرا، وقال مسؤولون فى «طالبان»، إن واشنطن وافقت على مسودة اتفاق سلام تنص على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان فى غضون 18 شهرا، مقابل عدم إيواء الحركة أى متطرفين من تنظيمى «القاعدة» و«داعش» يشنان هجمات على الولاياتالمتحدة، بينما قال مبعوث واشنطن فى المحادثات زلماى خليل زاد، المبعوث الأمريكى فى المحادثات، إنه تم إحراز «تقدم كبير» فى المحادثات المنعقدة فى قطر، التى تهدف إلى إنهاء الحرب الدموية فى أفغانستان. وقدمت مصادر من «طالبان» تفاصيل نشرتها وكالة «رويترز»، بعد 6 أيام من المحادثات مع خليل زاد فى قطر التى كانت تهدف لإنهاء الحرب بعد أكثر من 17 عاما على غزو القوات التى قادتها الولاياتالمتحدةلأفغانستان، وتنص المسودة على مغادرة القوات خلال 18 شهرا من تاريخ توقيع الاتفاق، وبينما لم يصدر بيان مشترك بين واشنطن و«طالبان» بعد 6 أيام من المحادثات بين الجانبين فى العاصمة القطرية، الدوحة، قال مصدر من طالبان لم يذكر اسمه، نقلا عن المسودة: «فى غضون 18 شهرا إذا تم سحب القوات الأجنبية ووقف إطلاق النار يمكن تطبيق جوانب أخرى من عملية السلام»، وذكرت المصادر أن بنودا أخرى تشمل تبادل السجناء وإطلاق سراحهم ورفع حظر دولى على السفر فرضته الولاياتالمتحدة على عدد من قادة «طالبان» واحتمالات تشكيل حكومة أفغانية انتقالية بعد وقف إطلاق النار، وأكدت المصادر وجود بنود بالاتفاقية لها تأثيرات واسعة على علاقات أفغانستان مع جيرانها، خاصة باكستان والهند والصين، موضحة أن الاتفاق شمل بنودا بألا يتم السماح لمتشددين انفصاليين من إقليم بلوشستان الباكستانى باستخدام الأراضى الأفغانية لاستهداف باكستان. وقال المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، فى بيان، إنه رغم حدوث «تقدم» أثناء المحادثات، إلا أن التقارير عن التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار وإجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية «ليست صحيحة»، وأضاف أنه «نظراً لأن القضايا ذات طبيعة حساسة وتحتاج إلى مناقشات شاملة، فقد تقرر استئناف المحادثات حول القضايا التى لم تُحل فى لقاءات مستقبلية مماثلة»، إلا أن قائداً بارزاً فى «طالبان»، لم يذكر اسمه، أعرب عن تفاؤله بعد المحادثات، وقال: «لقد قبلت الولاياتالمتحدة العديد من مطالبنا، والطرفان متفقان بشكل كبير على نقاط أساسية، ولكن بعض النقاط لاتزال خاضعة للنقاش»، ورفضت «طالبان» التعامل مع حكومة الرئيس الأفغانى، أشرف غنى المعترف بها دولياً. وبدوره، كتب زلماى خليل زاد على «تويتر»، بعد 6 أيام من المحادثات مع «طالبان» فى قطر، أن «الاجتماعات كانت مثمرة، لقد أحرزنا تقدماً كبيراً بشأن قضايا حيوية»، موضحا أنه سيعود إلى أفغانستان لبحث نتائج المحادثات، وقال: «سنبنى على الزخم ونستأنف المحادثات قريبا، لايزال لدينا عدد من القضايا التى يجب أن نعمل عليها»، وأضاف: «لن يتم الاتفاق على شىء إلا إذا تم الاتفاق على كل شىء، وكل شىء، يجب أن يشتمل على حوار بين الأفغان، ووقف إطلاق نار شامل»، ومن بين المقترحات التى تم طرحها، سحب الولاياتالمتحدة قواتها مقابل ضمانات من حركة «طالبان» بعدم إيواء أى متطرفين أجانب، وهو السبب الأول للغزو الأمريكى أفغانستان بعد وقوع هجمات 11 سبتمبر عام 2001. وقال وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو على «تويتر»، إنّه سمع «أخباراً مشجّعة» من خليل زاد، وأضاف أنّ «الولايات المتّحدة جادّة فى السعى إلى السلام، ومنع أفغانستان من الاستمرار فى أن تكون مساحة للإرهاب الدولى وفى إعادة القوات إلى الوطن، وأن الولايات المتّحدة تعمل مع الحكومة الأفغانية وجميع الأطراف المعنيّة لتعزيز سيادة أفغانستان واستقلالها وازدهارها»، ويسعى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب إلى إنهاء أطول حرب أمريكية شنتها واشنطن فى الخارج، عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، وأعلن ترامب أنه سيسحب نصف القوات الأمريكية فى أفغانستان والتى يبلغ عددها 14 ألف جندى. ومؤخراً، أعرب عبدالله عبدالله، رئيس الوزراء الفعلى لأفغانستان، عن خيبة أمله بسبب استبعاد «طالبان» لحكومة كابول، من المحادثات، محذراً من أن عملية السلام «لا يمكن أن تتم عبر أطراف أخرى»، وكان أشرف غنّى أكد أن 45 ألفا من عناصر قوات الأمن الأفغانية قتلوا منذ سبتمبر 2014، بما يعنى 28 قتيلا يوميا، ويخوض غنّى الانتخابات الرئاسية فى يوليو المقبل، أملا فى إعادة انتخابه لولاية ثانية، ويتزامن موعد الانتخابات مع الفترة التى تكثف فيها طالبان هجماتها عادة بعد انتهاء فصل الشتاء. ويعتبر طول المحادثات مع طالبان أمرا غير مسبوق، وهو ما يشير إلى أن الولاياتالمتحدة وطالبان عازمتان على إنهاء أطول حرب أمريكية فى الخارج، وفى مؤشر على جدية المفاوضات عيّنت طالبان أحد مؤسسيها، وهو الملا عبدالغنى برادر مديراً لمكتبها السياسى فى الدوحة، وكان برادر الرجل الثانى فى الحركة، وساعد قائد «طالبان» السابق الملا محمد عمر الذى توفى فى 2013، فى تأسيس طالبان.
