فندق المرسم بالأقصر يجذب السائحين والرسّامين حول العالم

جذبت نداهة الفن القديم بغرب الأقصر الفنانين والمصورين والأثريين حول العالم على مر السنوات الماضية للتعبير فى نقوش فنية وتشكيلية عن سحر وإبداع الفراعنة، يرصدون جمال الطبيعة الممتزج بالحضارة الفرعونية القديمة.
وإذا قادتك قدماك إلى البر الغربى، وتحديدًا فندق المرسم، فلابد أن تقع عيناك على قطعة من تاريخ امتزجت فيه الحضارة القديمة مع الطبيعة الخلابة المحيطة به، حتى أصبح يمثل للكثير من رواده مرسماً، حيث كان يدرس فيه المتفوقون من كليات الفنون الجميلة لمدة سنتين، اختير له بيتاً ريفياً مميزاً يطل على جبل ممنونيا، ويطالع آثار البر الغربى الرائعة، ويقترب من الريف الصعيدى والمعابد القديمة، هو بيت الشيخ على عبد الرسول، أشهر آلِ عبد الرسول، شيوخ جبل القرنة وحاملى أسرار آثارها، وكان المرسم يمنح المتميزين جائزة مرسم الأقصر.
كما أن موقع المرسم بالبر الغربى، والذى يجد الفنان التاريخ من حوله وأمامه الجبل ومن خلفه المزارع والبيئة الطبيعية، وبجواره المعابد الفرعونية القديمة، مما جعله ملتقى الفنانين والأثريين، لبعده التاريخى والأثرى فى خدمة المنطقة، وتوافد عليه الكثير من الفنانين والعاشقين لسحر الحضارة الفرعونية، والتى ما زالت لهم بقايا ورسوم وشواهد تشكيلية لهذه الرسومات، وَمِمَّا يزيد من روعة المكان قيام إدارة الفندق بالحفاظ عليها، كمزار أمام محبى وعشاق الفن التشكيلى من السائحين والمصريين، مما كان سبباً فيما بعد فى افتتاح كلية الفنون الجميلة بالأقصر.
ويروى سيد عبد الرسول، صاحب المرسم، أن الفندق يحوى بين جدرانه مجموعة من الصور والشواهد التشكيلية التى تركها المبدعون خلال زيارتهم وإقامتهم به، والذى ما زال يسجل التاريخ به، كما لو كان وصفاً جديدًا للبر الغربى، وهو التراث الذى تم الحفاظ عليه طوال 100 عام من إنشائه، والذى بدأ البناء فيه عام 1918، والانتهاء منه فى عام 1920، والذى قام ببنائه بيت شيكاغو للآثار، وكان الهدف من إنشائه عمل رفع مساحى لجميع المناطق الأثرية الموجودة فى الغرب، وخاصة معبد مدينة هابو.
وأضاف أنه فى عام 1939 اشتراه الشيخ على عبد الرسول، وحول المبنى إلى فندق يُستقبل فيه السائحون والمهتمون بالآثار، وفى عام 1952 قامت كلية الفنون الجميلة بالقاهرة بعمل تعاقد مع الفندق لإرسال ال10 الأوائل بالكلية كبعثات داخلية للأقصر والإقامة بها وتخصيص قاعات لهم للرسم وإنتاج لوحات تعبيرية وتشكيلية وتصميمات مختلفة تحاكى الواقع المحيط بالفندق من الحضارة القديمة، وجمال الطبيعة، على أن تكون مدة الدراسة عامين يحصل بعدها الطالب على دبلومة المرسم، والتى استمرت لأكثر من 15 سنة، حيث توافد عليه الكثير من فنانى ومبدعى الفن التشكيلى للحصول على هذه الدبلومة، ومنها تمت تسمية الفندق باسم المرسم.
ومن الواضح أن الفندق استقبل من قبل العديد من البعثات الأجنبية التى عملت بالبر الغربى وساهمت فى العديد من الاكتشافات للمعابد الأثرية، ولعل أبرز من أقام به على مدار 20 عاما عالم المصريات الدكتور «ياريس»، للعمل بمعبد مرن بتاح، كرئيس للبعثة الأثرية، والتى أظهرت جمال المعبد أمام السائحين والمهتمين بالآثار.
وذكر أحمد الطيب عبد الرسول، حفيد آل عبد الرسول، أن تصميم الفندق وإمكانياته الداخلية تعتبر عودة للطبيعة التى افتقدناها فى ظل الحادثة والتطور التكنولوجى، فالسائحون دائماً ما يبحثون عن جمال الطبيعة والهدوء، لافتاً إلى أن أثاث الفندق من أسرة وكراسى من الجريد، بجانب الكروتات الصعيدى، والفندق يتكون من طابقين من الطوب اللبن.
وأوضح أن الفندق ملتقى للعديد من الندوات الفنية والثقافية المستمرة لتشجيع المواهب الفتية الشابة لعمل معارض بالمجان، موضحاً أن تطوير الفندق يتم باستمرار مع الحفاظ على هوية المكان من حيث الجودة والخدمة ومساعدة السائحين والأثريين على الاستجمام الحقيقى.
ومن ناحية أخرى، ناشدت مراكز الأقصر للدراسات والحوار، وطيبة للتنمية الشاملة، والجنوب للتراث، المستشار مصطفى الهم، محافظ الأقصر، أن يتبنى فكرة إعادة مرسم الأقصر وتحويله إلى ملتقى علمى للفنانين الحريصين على دراسة الفنون الفرعونية، بالإضافة إلى مخاطبته كلية الفنون بالقاهرة لفتح مخازن المرسم لعرض مقتنيات المرسم التى تحمل إبداعات خيرة فنانى مصر الذين درسوا بالمرسم، مثل يوسف فرنسيس، وجورج البهجورى، وحامد ندا، وأحمد الجزار، والدكتور ناجى شاكر، والنحات سيد أبو السعود عارف، وصبحى عياد، وصلاح طاهر، وكامل جاويش، وغالب مطر، وكمال النحاس، وناجى كامل، وغيرهم ممن حصلوا على دبلومة المرسم.
لافتاً إلى أن هذه الإبداعات موجودة بفندق المرسم ومغلقة ومعرضة للعوامل الجوية، خاصة أن معظم فنانى المرسم وافاهم الأجل وبدأ يدور فى دائرة النسيان وإلى الآن مازال الفنانون الأجانب الذين درسوا تاريخ الفن يأتون إلى الأقصر ويزرون فندق المرسم ويتباكون.
ومن أشهر الفنانين الذين أقاموا بفندق المرسم الفنان الكبير يوسف وهبى، والذى كان صديقا لعلى عبد الرسول، صاحب الفندق، والذى أقام خلال تصويره لفيلم «ذهب النيل»، وهو إنتاج مصرى - فرنسى، فى سنة 50، وعمر الشريف، والذى قام بدوره فى فيلم صراع فى الوادى، وحسين فهمى ومحمد منير أثناء أداء دوريهما فى فيلم «البحث عن توت عنخ آمون»، والذى أدى فيه حسين فهمى دور هيوارد كارتر، مكتشف كنوز الفرعون الذهبى بالبر الغربى.