هذه السطور من وحي نقاش دار بيني وبين صديق مسلم رأي من واجبه أن يعتذر لي عما يحدث للأقباط في الأحداث الأخيرة، ويعبر عن نفوره من دعاوى التقليل من حقوقهم ومواطنتهم حتى أنه انتقد العهدة العمرية ورآها مجحفة وغير مقبولة. كان ردي عليه بأن عصر العهدة العمرية كان مقبولاً فيه هذا النوع من التفضل بالحقوق من الغازي للمحتل، وكان ما فيها من تمييز مقبولاً في عصرها ليس في العالم الإسلامي فقط ولكن حتى في العالم المسيحي الذي كان وظل بعدها لقرون يعرف العبودية ومختلف أشكال العرقية والتمييز الديني. إلا أن حديثنا جعلني أفكر في سنوات حياتي في فرنسا. ووجدت في نفسي أني على استعداد لأن أقايض مواطنتي في مصر بحقوقي كأجنبي مقيم في فرنسا دون أن أحمل جنسيتها أو أتمتع بحقوق المواطنة فيها. وجدتني أقول في نفسي، خذوا مواطنتي وأعطوني حقي في أن أعيش في بلد أجد فيه مساحة الحرية وحق العيش والتعبير والحركة والتفكير وتداول المواد الثقافية والكتب وحق العمل وحقوق الإنسان وسيادة القانون وحماية الدولة. حقي في أن أؤمن أو أكفر، في أن التزم أو أفجر، في أن أشرب الشاي أو الويسكي، في أن أشكك في الأديان دون إهانتها، في أن أجد عملاً وحياة كريمة وبلداً نظيفاً، في أن يرد إلي حقي، في أن يزود عني المجتمع والدولة لو اعتدي علي، في أن ينصفني قضاءها، وأعرف فيها معنى الكرامة والحرية. أنا لا أريد مناصب سياسية. بل أنا أعلنها: أنا على استعداد لأن أتعهد بألا أتقدم أو أتطلع لأي منصب سياسي سيادي أو غير سيادي، وعلى استعداد لأن أتنازل عن حق التصويت في الانتخابات، أو حتى الانضمام لحزب، في مقابل بسيط أرضاه وأرتضيه واستغني به عن كل ذلك: حقوق مهاجر في أي دولة أوربية !!! خذوا مواطنتي وأعطوني يوماً من أيامي في فرنسا .... مينا بباوي [email protected]