القضاء الفرنسي يطالب بغرامة تاريخية على لافارج بتهمة تمويل الإرهاب بسوريا    سوريا.. اكتشاف مقبرة جماعية داخل مبنى أمن الدولة سابقا بمدينة معرة النعمان في ريف إدلب    واشنطن: لن نسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية    طقس اليوم الأربعاء.. موجة الأمطار مستمرة والسيول تضرب هذه المناطق    اليوم انطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في 13 محافظة    صحة أسيوط تنفذ 40 ألف زيارة وسحب 21 ألف عينة مياه لتوفير بيئة آمنة    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. 17 ديسمبر    واشنطن تهدد الاتحاد الأوروبي بالرد على قيود الشركات الأمريكية    البريد المصري يستضيف ورشة عمل "نظم وأدوات تكنولوجيا المعلومات"    في غياب مرموش، مانشستر سيتي يواجه برينتفورد في ربع نهائي كأس الرابطة الليلة    محمد رمضان: أمتلك أدلة تثبت أحقيتي بلقب «نمبر وان»    محمد علي السيد يكتب: عن العشاق.. سألوني؟!    حبس المتهمين باستغلال نادى صحى لممارسة الرذيلة بالقاهرة    هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على «كراسنودار» الروسية يتسبب في انقطاع الكهرباء    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بحلوان    مسئولو "الإسكان" يُشاركون بجلسات نقاشية بالمنتدى الوزارى العربي السادس للإسكان والتنمية الحضرية بقطر    وزير الاتصالات: تأهيل الشباب للعمل كمهنيين مستقلين يساعد فى توسيع نطاق سوق العمل وخلق فرص عمل لا ترتبط بالحدود الجغرافية    إنطلاق المهرجان الشبابي الرياضي للتوعية بالأنشطة المالية غير المصرفية    سيد محمود ل«الشروق»: رواية «عسل السنيورة» تدافع عن الحداثة وتضيء مناطق معتمة في تاريخنا    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    حالة من الغضب داخل مانشستر يونايتد بشأن رفض المغرب مشاركة مزراوي مع الفريق    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    مصرع شاب داخل مصحة علاج الإدمان بالعجوزة    رئيس محكمة النقض يترأس لجنة المناقشة والحكم على رسالة دكتوراه بحقوق المنصورة    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    38 مرشحًا على 19 مقعدًا في جولة الإعادة بالشرقية    حملة تشويه الإخوان وربطها بغزة .. ناشطون يكشفون تسريبا للباز :"قولوا إنهم أخدوا مساعدات غزة"    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    بعد العودة من الإصابة، رسالة مؤثرة من إمام عاشور تشعل مواقع التواصل عقب فوز مصر على نيجيريا    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    تفاصيل مداهمة مجزر «بير سلم» ليلاً وضبط 3 أطنان دواجن فاسدة بالغربية    رجال السكة الحديد يواصلون العمل لإعادة الحركة بعد حادث قطار البضائع.. صور    اتحاد الكرة: نهدف لتتويج مصر بكأس أفريقيا    مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران    فيفا يكشف تفاصيل تصويت العرب فى «ذا بيست» 2025    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    ترامب يعلن أنه سيوجه خطابا هاما للشعب الأمريكي مساء غد الأربعاء    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    تليفزيون اليوم السابع يستعرض قائمة الأفلام العربية المرشحة لجوائز الأوسكار ال 98    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    مجلس النواب 2025.. محافظ كفر الشيخ يتابع جاهزية اللجان الانتخابية    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    المصريون بالأردن يواصلون الإدلاء بأصواتهم خلال اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراقي برهان شاوي صاحب رواية «المتاهات» الممنوعة في العالم العربي: نعيش فترة مظلمة من تاريخنا (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 09 - 2018

برهان شاوي شاعر وروائي عراقي كبير وهو أيضا سينمائي ومترجم وأكاديمي مقيم في ألمانيا منذ 1986وقد درس السينما في موسكو بين عامي 1980 و1986 والإعلام في ألمانيا، ثم التاريخ والعلوم السياسية في جامعة موسكو الدولية لعلوم الاجتماع في روسيا وكان قد بدأ النشر في الصحافة العراقية والعربية منذ العام 1973، وقد غادر العراق العام 1978 إلى سوريا ومنها إلى لبنان حيث عمل هناك في الصحافة، ومن هناك غادر إلى موسكو لدراسة السينما إلى أن استقر به المقام في ألمانيا وفيها أسس فرقة مسرحية مع عدد من الممثلين الأجانب فأخرج لهم بدءا من 1991 وحتى 1995 مسرحيات منها «القائل نعم والقائل لا» و«الرجل الطيب من سشوان» لبرتولد بريخت و«اندروماك» لجان راسين و«آدم والآخرون» وهي إعداد عن الملك لير لشكسبير، كما أخرج عددا من الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة وكتب السيناريو والنقد السينمائي.
وما بين 1997و2003 عمل في الصحافة الإماراتية كما كان أستاذا زائر للإعلام في جامعة هناك بأبوظبي وله 36 كتابًا، تأليفاً وترجمة ومن مجموعاته الشعرية «مراثى الطوطم» و«رماد المجوسي» و«ضوء أسود» و«تراب الشمس» و«رماد القمر» و«شموع السيدة السومرية» و«خطوات»ومن رواياته «الجحيم المقدس»و«مشرحة بغداد» إلى جانب ملحمته الروائية الأشهر «المتاهات» والتي جاءت في سلسلة روايات هي «متاهة آدم» و«متاهة حواء» و«متاهة قابيل» و«متاهة الأشباح» و«متاهة إبليس» و«متاهة الأرواح المنسية» و«متاهة العميان» و«متاهة الأنبياء» وهو عاكف حاليا على الرواية الختام في هذه السلسلة ألا وهي روايته المقبلة «متاهة العدم العظيم» ولديه ترجمات شعرية من اللغة الروسية لكبار الشعراء الروس ومن كتبه الأخرى: «مدخل إلى الاتصال الجماهيري» و«الدعاية والاتصال الجماهيري عبر التاريخ» و«نظريات التأثير الإعلامي» و«وهم الحرية» و«أزمة الثقافة الفاشية في العراق»، و«عن الإبداع وسلوك المبدع»، كما ترجم العديد من الكتب العلمية عن الألمانية إلى جانب كتاب «لغة الفن التشكيلي» عن الروسية.
وقبل أيام كان برهان شاوي في القاهرة حيث احتفل بصدور طبعات مصرية من سلسلة»المتاهات«، عن دار النخبة للنشر، في القاهرة التي منعت في بعض الدول العربية وكان لنا معه هذا اللقاء.
▪ لماذا منعت المتاهات في بعض الدول العربية وأي الدول التي منعتها؟
لا أعرف..هذا السؤال يوجه لموظفي الرقابة في البلدان العربية، لكن ناشري أخبرني بأنها منعت من التداول لأنها روايات جريئة وتتوغل بعمق في المسكوت عنه. وقد مُنعت في دول الخليج كلها، الأردن، ولم يتم توزيعها في سوريا ولا المغرب!
▪ في سلسلتك الروائية المتاهات نشعر أن كل هذه الأجزاء في تلك الملحمة الروائية أنها وكأنها توثق لتاريخ من التحولات العراقية فهل يمكن القول بأنها تأريخ وتوثيق سردي لما آل إليه العراق؟
رواية «المتاهات» بسلسلتها تنطلق من العراق لكنها لا تتوقف عنده وأنما تتخذ من بعض البلدان العربية مسرحا لأحداثها كسوريا والأردن والمغرب جغرافيا لأحداثها، ثم تخرج إلى إيطاليا وألمانياوفرنسا ولندن كجغرافيا أوربية، لذا فهي تحمل أوجاع الإنسان أينما وجد، بل إنها تحاول أن تكون مرآة إنسانية إذ فيها أكثر من 85 حواء و135 آدم.. والرواية تتماهى في بنائها المعماري السردي مع «الجحيم» للشاعرالايطالي الخالد دانتي أليجيري ذي الطبقات التسع لذا فأن المتاهات ستكون تسع روايات.
▪ هل هجرت الشعر لأنك مثل جابر عفور تري أننا نعيش زمن الرواية أم أن التعبير عن الواقع العراقي المعقد بعد الغزو الأمريكي لاتناسبه سوي الرواية للتعبير عنه؟
أنا لم أهجر الشعر قط، وأنما توجّهت إلى الرواية بروح الشاعر كنت أبحث عن أشكال أخرى للقول الأدبي وأبحث عن فضاء لاستيعاب كل هاذا الضجيج في أعماقي وكل هذا الاصطخاب لأمواج الأسئلة والشكوك..، فأنا مكتظ بأسئلة وجودية وفلسفية وإنسانية عن الوضع البشري وحقيقة الإنسان وحقيقة الوجود ومعنى الحياة..ومن هنا وكما قلت في أكثر من مرة بان هناك قلبا لمقولة المتصوف الكبير عبدالجبار النفري.. فليس كما قال «كلما اتستعت الرؤية ضاقت العبارة» وإنما العكس «كلما اتسعت الرؤية تفجرت اللغة وفاض الكلام» ناهيك أن كل أعمدة الرواية العالمية وفي كل اللغات وعند كل الشعوب كانوا شعراء مجيدين وتوجهوا إلى الرواية بعد ذلك بدءا من بوشكين وليرمنتوف مرورا بفكتور هيجو وديفيد لورنس وكونديرا وبول أوستر.. والعشرات غيرهم.
▪ كانت ألمانيا هي نهاية المطاف ماحكاية ألمانيا مع المبدعين العراقيين لماذا ألمانيا تحديدا وليس غيرها صارت مستقرا ومقامالأكثرمن أديب عراقي؟
أنا غادرت موسكو متجها إلى ألمانيا العام 1986 أي قبل أن أعمل في الإمارات والعراق،ولم ينته بي المطاف فيها وأنما هي وطني الثاني فأنا أحمل الجنسية الألمانية منذ أكثر من ربع قرن ولا أعتقد إن ألمانيا وحدها صارت مستقرا للأدباء العراقيين وأنما العالم كله صار مكتظاً بالشتات العراقي، فهم في كل مكان في البلدان الإسكندنافية وفي فرنسا وبلجيكاواسبانيا وبريطانيا وأميركا واستراليا وحتى في أفريقيا وجزر الواق واق.
▪ نجد أنفسنا في رواية«مشرحة بغداد» إزاء مشاهد دموية مثل أفلام الرعب الخيالية حيث الجميع موتى،جثث ممثّل بها، حتى حارس المشرحة نفسه جثة، وكأن بغداد المثال قد ضاقت باسمها وأهلها،وليس من أمل يُرتقب،كما في قول الطفل الصغير للحارس بأن لا أمل في الانتظار لمعرفة الحقيقة، أي من خلال ما هو قائم هل نقول أنك اعتمدت الرمز والإسقاط في قراءتك المشهد العراقي؟
لا أعتقد هناك أي إسقاط على المشهد العراقي وأنما توغل مباشر وصريح فيه، فعنوان الرواية واضح ومباشر«مشرحة بغداد»وفي المتن الروائي هناك ذكر صريح لشارع المتنبي والباب الشرقي وسط بغداد وأماكن أخرى..كما فيها وصف لما يجري في المنطقة الخضراء وحكاياتها، وفيها ذكر للحلة وللبصرة، أي أن الرواية أعادت سرد الواقع العراقي من الضفة الأخرى، ضفة الموت.لا رمزية هنا سوى في الإستعارة الفنتازية بأن كل الجثث هربت من المشرحة وشوارع بغداد مليئة بالجثث فالكل ليسوا سوى جثث تمشي والمجتمع مجتمع موتى لكن رمزية الرواية الحقيقية هو أن «مشرحة بغداد» تجدها في كل العواصم العربية ،وهذا ما وصلني من انطباعات الكثير من القراء والأدباء العرب الذين قرأوا الرواية وقالوا بأني أكاد أتحدث عن بلدانهم.
▪ في «متاهة أبليس» ترصد التحولات في شخصية الفرد فأنت تدقق في مشاعر العراقي، ورغباته الدفينة وميوله الخاضعة لعوامل نفسية وسياسية وتكتشف المسارات المعقدة للعراقي في العقد الأخير إلى أي حد يصح هذا التصور؟
الحقيقة أنا لا أكرّس كتابتي للعراق والعراقيين فقط، فلست مهووسا بالجغرافيا، والإنسان العراقي حاله حال بقية البشر، لذا في رواياتي لا أتوقف عند الجنسية والهوية الوطنية، وأنما تجد فيها العراقي والسوري واللبناني والمغربي والجزائري والفرنسي والألماني والإنجليزي والايطالي والهندي، لكني كما أسلفت أنطلق من العراق ومن الشخصية العراقية لأني أعرفها أكثر من غيرها، لأجد المشتركان الإنسانية والبشرية بينها وبين الآخر في رواياتي أسعى لرصد التحولات في شخصياتي الروائية بوصفها كائنات بشرية وبايولوجية تواجه سؤال الوجود وسؤال معنى الحياة، وليس بوصفها الجغراقي وهويتها الوطنية.
▪ شهد المشهد الأدبي العراقي سطوع أسماء كبيرة مثل على بدر وسنان انطون ولطفية الدليمي وعبدالخالق الركابي، وعشرات الأسماء الأخرى، ما طبيعة المنجز الروائي الذي قدموه وهل هناك أعمال روائية تفاعلت مع ما استجد على المشهد العراقي وعبرت عنه فيما يشبه التوثيق السردي الروائي الذي يرصد تجليات ما طرأ على الواقع العراقي وعلي رأسها الصراع الطائفي؟
بعد 2003 حدث انفجار في المشهد الروائي العراقي. وبرزت عشرات الأسماء الروائية المجيدة بحيث صار من المحرج الحديث عن أسماء الروائيين العراقيين حتى لا تنسى هذا الاسم أو ذاك. هناك اسماء برزت وهناك أسماء حقيقية واصيلة لم تأخذ حقها الإعلامي والنقدي، أشير هنا إلى صديقي الروائي والشاعر الراحل حميد العقابي الذي أجده من أفضل الروائيين الذين قدمتهم الرواية العراقية على مر تاريخها لاسيما في رواياته: القلادة، الضلع، وأصغي إلى رمادي. لكنه لم يأخذ حقه النقدي ولا الحفاوة التي تليق بمنجزه الإبداعي، أما في ما يخص الأعمال الروائية العراقية التي تفاعلت مع المستجدات فمعظم الروايات العراقية توقفت عند هذا المشهد العراقي المرعب، ونجد ذلك في كتاب «الرواية العراقية– صورة الوجع العراقي»للروائي والناقد حسين السكّاف حصرا لأكثر من 400 رواية ما بين 2004-2012.
▪ هل أثرت ثورات الربيع العربي بالإيجاب أم بالسلب على الإبداع العربي؟
الحقيقة ليست لدي تصورات واضحة عن أعمال أدبية بارزة تناولت ما يسمى ب«ثورات الربيع العربي» وربما ستكتب أعمال أدبية مهمة عما حملته هذه التي تسمى ثورات من أوجاع وآلام لشعوبها.
▪ قلت إن الأمريكان زرعوا الروح الطائفية في العراق فهل حين انطلقت لكتابة الرواية كان العراق قد تحول إلى «مشرحة كبرى» هل نعتبر هذا أحد الدوافع والمبررات لميلاد سلسلة روايات المتاهات؟
نعم.. الأميركان أسسوا للنظام الطائفي في العراق. رئيس البرلمان سني ورئيس الجمهورية كوردي ورئيس الوزراء شيعي كرّسوا هذا الأمر منذ لحظة احتلالهم للعراق. لكن هذا أمر سياسي وتاريخي، وتوجهي لكتابة المتاهات ليس له علاقة بهذا التقسيم وأنما أنا تناولته كمشهد مرعب قاد العراق إلى ما يشبه الحرب الأهلية. بيد أن دافعي لكتابة المتاهات هو أن أطرح أسئلة وجودية تمس الإنسان والوجود البشري منطلقا من العراق. ثمة جدارية إنسانية في المتاهات لا تلتزم ببلاد بعينها. المتاهات تتماهى مع «الجحيم» للشاعر العظيم دانتي أليغيري بطبقاتها التسع، وتجد مرجعيتها في الفكر الإنساني وفلسفاته الميتافيزيقية والوجودية وعلم النفس التحليلي وبالتحديد اليسار الفرويدي، أكثر مهما تنشغل بالجانب الطائفي والسياسي في العراق، مع العلم أن زكّزت عليه في «متاهة قابيل» بشكل واضح وفككته أيضا في «متاهة إبليس»..إذ لا يمكن أن تقدم مشهدا تاريخيا دون أن تقترب من حقول السياسة.
▪ ألا تفكر ضمن سلسلة المتاهات أن تنجز عملا روائيا يمزج بين التاريخ والحاضر من خلال القواسم المشتركة بين سقوط بغداد قديما وسقوطها حديثا؟
لا أفكر بذلك.. أنا لا أكتب روايات تاريخية..ومسألة احتلال العراق يجب أن نرجع بها إلى بدء الحرب العراقية – الإيرانية..فمن هناك بدأ السير نحو الهاوية.
▪ إذا كان للإبداع رسالة ودور في مواجهة الفكر التكفيري المتعاظم فكيف تتصور هذه الرسالة وتحددها؟ وهل المشهد الثقافي والفكري مؤهل لها الدور؟ ولماذا انقطعت الجسور بين المثقف والشارع العربي ولم تبق سوي ثقافة الصالونات المغلقة المقتصرة على النخبة وانعدم وجود المثقف العضوي؟
لا أعتقد أن الفكر التكفيري يمكن مواجهته برواية أو قصيدة شعر فحسب، كما أن المشهد الثقافي العربي والإسلامي بشكل عام ليس مؤهلا لمواجهة الفكر التكفيري ما لم يعيد قراءة ذاته قراءة تاريخية وإنسانية ومن جانب آخر فأن لأنظمة العربية والإسلامية هي التي تساعد على ترويجه لأنها محتاجة له وجوديا بحجة مواجهته أما المثقف العضوي فهو موجود، وفي المشهد الثقافي والفكري نجد أن الآلاف من المثقفين العضويين يعملون في وسائل إعلام ممولة من جهات أصولية وتكفيرية ويعملون في جامعات ومدارس لتروج للسلفية والفكر الأصولي.. أي هناك ردة تاريخية في دور المثقف العضوي، ونحن بهذا المعنى نعيش فترة مظلمة من تاريخنا.
▪ مسيرتك الروائية بدأتها برواية «الجحيم المقدس» في نهاية ثمانينات القرن الماضي، والتي وصفتها ب «الرواية المسينمة» والأكثر وضوحا من الروايات التالية لها باعتبارها رصد الطغيان النظام العراقي ضدّ الكرد،فكيف ترصد أوضاع الأكرادبالعالم الإسلامي؟ وهل هناك عمل روائي يتعرض سرديا وإنسانيا لمأساتهم التاريخية؟
الأكراد أكثرشعب تعرض ويتعرض للظلم على هذه الأرض إلى الآن كوردستان ممزقة ومحتلة من قبل أخوة في الدين هم العرب والفرس والترك أما على المستوى الروائي فأعمال سليم بركات وهيثم حسين وهوشنك أوسي وجان دوست وغيرهم تؤشر لذلك من سوريا وهناك روايات قليلة اقتربت من مأساتهم.
▪ هل تتفق مع ما وصفه بك إبراهيم محمود بأنك مسكون بلغة كافكا ومتأثر بدوستويفسكي؟
هذا وصف جميل من قبل إبراهيم محمود المفكر والباحث في فلسفة الأديان والإنثربولوجيا وهي قراءة ونظرة أحترمها جدا، ويسعدني أنه قارنني بهؤلاء المعلمين العظام حتى ولو من باب الاتباع والتأثر فأنا تلميذهم فعلا وتعلمت السرد وفنه من خلال قراءة ودراسة أعمالهم.
▪ هل تعتقد أن في العالم العربي أديب يمكن التوقع له بجائزة نوبل؟
كان لدينا الكثيرون..محمود درويش، وحنا مينا، ومنيف، وأدريس، غيرهم لكنهم رحلوا..نوبل جائزة تقف خلفها الدوافع السياسية أكثر مما تمنح للإبداع بإنصاف لكن أعتقد برغم صراع حشد من المثقفين العرب لأسباب سياسية أو موقف شخصي أو إبداعي مع أدونيس فهو يستحقها.
▪ هل مازلت لا ترى أملا لأوضاعنا؟
نعم.. لا أرى غير الظلام والغيوم السود التي تقبل كجيش مخيف.. نحن نعيش فترة مظلمة وستطول.
▪ هل تري المنظومة التعليمية العربية مؤهلة لحماية عقول أبنائنا وتنشئتهما تنشئة صحيحة تحميهم من الإغواء التكفيري؟
الكارثة الحقيقة في انتشار التكفير والفكر الأصولي التكفيري هو منظوماتنا التعليمة المتخلفة ولا يمكن أن نواجه الفكر التكفيري إلا من خلال إعادة النظر بالمنظومات التعليمية من مرحلة الإبتدائية وصولا إلى الجامعية بل وإلى الدراسات العليا التي لا تفسح المجال والأفق للبحث الأكاديمي التنويري.
▪ هل ترى أن الإسلام السياسي كمكون أساسي في ثورات الربيع العربي هو إلى خلق روح التنازع على ثمار هذه الثورات وهو الذي أجهض ثمارها الإيجابية وجعلها تنحرف عن مسارها؟
أنا ضد تسمية ما جرى ب«الربيع» فهو لم يكن ربيعا أبدا، وإنما هي اندفاعات تاريخية تفجرت نتيجة عقود من الاستبداد والطغيان وقد اختلط فيها كل شيء كأي سيل وانجراف تاريخي فقد ظهرت المومياءات من القبوربراياتها السودحاملة كتبها الصفراء .وزحفت هلى كل شيء وقادته إلى دروب مقفلة، فارتد علينا بأسوأ ما يمكن كأي ارتجاع للزلزال، فقد خرجت المومياءات من القبور وزحفت على كل شيء وقادته إلى دروب مقفلة، فارتد علينا هذا«الربيع الأسود» بأسوأ ما يمكن كأي ارتجاع لزلزال أو تراجع مضاد لسيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.