تعلموا.. الهيروغليفية: لماذا؟

ليس صعباً تعلم المصريين الكتابة الهيروغليفية.. وعيب «قوى» أن يكون الأجانب هم الذين كشفوا أسرار هذه الكتابة.. بينما ليس بين المصريين من يجيد هذه القراءة ولا يصل عددهم إلى 100 شخص.. مصرى!! بل هو العيب ذاته أن يقف المصرى أمام واجهة معبد فرعونى أو سطح مسلة.. أو قدس الأقداس ولا يعرف ماذا تقول هذه الكتابة، نقول ذلك رغم أن عندنا كلية للآثار.. وعشرات المعاهد يدرس طلبتها السياحة والآثار.. بل الترجمة.. وبالمناسبة من يتعلمها يزيد دخله عندما يقف أمام فوج سياحى ويقرأ لهم ماذا تقول هذه الكتابات على واجهات المعابد.. أو أمام لفائف البردى.. أو المسلات المنتشرة فى كثير من مدن العالم.
وأعلم أن هناك مبادرة طالب فيها أشهر عالم آثار مصرى «معاصر» هو الدكتور زاهى حواس وزارة التربية والتعليم بأن تتبنى المدارس تعليم الطلبة لغة الأجداد، ولما كانت هذه الكتابة- التى هى أقدم كتابة فى التاريخ- تقوم على الحروف ذات الأشكال.. فإن الدكتور حواس يرى أن أفضل من يقوم بهذه المهمة «القومية» هم مدرسو الرسم.. وهى ليست صعبة بالمرة، إذ إن عدد حروفها 24 حرفاً، كلها عبارة عن أشكال لحيوانات وبشر ونباتات وغيرها.. وأن تكون هناك حصص لتعليم كيفية رسم هذه الأشكال.. حتى نصل فى النهاية إلى تعليم المصريين لغة أجدادنا.
وعالمنا الكبير الدكتور زاهى يرى أن سر دعوته لمدرسى الرسم بالقيام بهذه المهمة ينبع من أن كتابتها قديماً كانت تتطلب من الكاتب أن يجيد رسم شكل الجسم البشرى وأشكال الحيوانات والطيور وأجزائها التفصيلية بل كان يحسن رسم الثعابين والحشرات والأشجار والأسلحة والملابس.
وهو يرى أن عدد حروف هذه الكتابة 24 حرفاً.. وليس بالعشرات كما فى اللغة الصينية أو اليابانية.. وتخيلوا أن الكتابة الهيروغليفية بدأ المصرى يستخدمها لتدوين تاريخ الملوك وبدأت سواء بالنحت البارز أو النحت الغائر على جدران المعابد والمقابر والمسلات والنصب التذكارية.. ثم كانت القفزة الكبرى عندما ابتدع المصريون أوراق البردى ليكتبوا عليها بطريقة أسهل كثيراً من الكتابة على الحجر.
■ من هنا يأتى سر اقتراح الدكتور حواس بأن يقوم مدرسو الرسم بهذه المهمة ولا نريد أن نقول هنا إن اليهود نجحوا فى إحياء اللغة العبرية.. ولما كان مدرس الرسم يعلم الطالب قواعد الرسم.. والحروف الهيروغليفية تقوم على الرسم.. فلماذا لا تستجيب مدارسنا لهذا الاقتراح؟!.
ولكن الهيروغليفية ليست وحدها.. هناك الخط الهيراطيقى وله استخداماته.. والخط الديموطيقى.. وله أيضاً استخداماته.. وربما نطالب باختبار يجرى للطالب المتقدم لمعاهد وكليات الآثار والسياحة قبل أن يقبل للدراسة فيها.. حتى نخرج أيضاً «المرشد السياحى» المثقف فرعونياً.. وهذا ما نذكره غداً.