بعد أن غادر القطار محطة الجيزة، رأى «محمد» الشاب الثلاثينى، أن يختبئ داخل حمام العربة الثامنة، هرباً من رئيس القطار، الذى تحرك بالفعل للمرور لفحص تذاكر الركاب، وفرض غرامات على ركاب القطار ممن لا يحملون تذاكر، أو ممن لم يسعفهم الوقت لحجز تذاكر من شبابيك محطة رمسيس. «محمد» كان فى زيارة لشقيقه فى القاهرة، وقرر أن يعود لمسقط رأسه فى أبوتيج بأسيوط، لحضور إحدى ليالى الذكر التى سيحييها منشد دينى، استقل القطار المكيف لكنه كان عازماً على ألا يدفع ثمن التذكرة. قال «محمد» ل«المصرى اليوم»: «بعد أن غادر القطار محطة الجيزة، اختبأت فى حمام العربة، هرباً من الكمسرى، وأغلقت الباب علىّ جيداً، مرت دقائق، وفوجئت بأن القطار اهتز بشدة، ثم انقلبت العربة، وأنا بداخل الحمام، وملأ التراب الحمام، وكدت أن أموت اختناقاً». يحكى «محمد» لحظات الرعب التى عاشها داخل قطار «986 المكيف»: «حاولت أن أفتح باب الحمام دون جدوى، وسمعت أصوات صراخ الركاب فى الخارج، ولا أعرف ماذا حدث، فبدأت بمحاولة كسر زجاج الحمام بيدى». يشير محمد ليده المصابة بجروح: «تمكنت من كسر نافذة الحمام وخرجت منها، وساعدت فى انتشال الركاب من العربات، معظم العالقين كانوا أطفالا وسيدات». على رصيف محطة المرازيق فى البدرشين، انقلبت عربات القطار، جلس 5 من عمال الشركة المصرية للخدمات المتكاملة، مرتدين زيهم الأخضر المميز، وبدا على ملامحهم الهلع. وقال أحدهم: «80 مكالمة هاتفية جاءتنى من البلد للاطمئنان علىّ، بعد أن علموا من التليفزيون بوقوع الحادث، أقول لهم إننى بخير وهم ما زالوا غير مصدقين». وأضاف: «خرجت فى مأموريات عمل كثيرة على القطار، لم يتوقف أبدا فى محطة المرازيق، وإن قدر له التوقف فى المحطة لأى ظرف، يدخل الرصيف بسرعة بطيئة وهو ما لم يحدث». وأشار العامل إلى وجود نخل بجوار ترعة تفصل شريط السكة الحديد عن الجزء الشرقى من قرية المرازيق، قائلا: «لولا النخل لسقطت العربات بالترعة، وتفاقمت الكارثة». فى تلك الأوقات، لم يتوقف أهالى القرية، عن تقديم يد العون إلى الركاب المتواجدين بمسجد الرحمن بالقرية، حيث قدموا لهم الطعام والشراب، وبدأت محافظة الجيزة فى نقل عدد منهم على نفقة المحافظة، فيما تبرع أحد أعضاء البرلمان، بتوصيل الباقين لمحال إقاماتهم فى المحافظات.
