الأحد.. "مجلس الشيوخ" يناقش خطة وزير التعليم لمواجهة التحرش والتنمر والعنف بالمدارس    تعرف على اختصاصات لجنة التعليم العالي بقانون ذوي الإعاقة الجديد وفقًا للقانون.. تفاصيل    سعر صرف الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 20-6-2025    سامية سامي: عودة جميع حجاج السياحة البري بسلام إلى أرض الوطن    هوندا NSX توفر الأجزاء الجديدة للسيارات القديمة في 2026    إيران: استهدفنا المركز التكنولوجي في بئر السبع والذي يضم مؤسسات عسكرية وسيبرانية    الكرملين عن احتمال ضرب إيران بسلاح نووي أمريكي: سيكون كارثيًا    جروسي يحذّر: تقاريرنا بريئة من ذرائع ضرب إيران    إنتر ميامى ضد بورتو.. ميسى أفضل هداف فى تاريخ بطولات الفيفا    فاجئ الجميع، بوتافوجو يحقق العلامة الكاملة بكأس العالم للأندية ويضمن الصعود لدور ال16    40 في الصعيد، معلومات الوزراء يرصد درجات الحرارة اليوم الجمعة    الدولار يسجل 50.71 جنيه، أسعار الذهب والعملات الأجنبية اليوم الجمعة (إنفوجراف)    نشوب حريق هائل بعدد من أشجار النخيل بإسنا جنوب الأقصر    روبي ووائل جسار نجما حفلات مهرجان موازين الليلة    وزارة البيئة تشارك في مؤتمر "الصحة الواحدة.. مستقبل واحد" بتونس    المستشار القانوني لرابطة المستأجرين: قانون الإيجار القديم سيُقضى بعدم دستوريته حال صدوره    بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين    إعلام إيراني: إطلاق 3 صواريخ باتجاه مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل    برقم الجلوس نتيجة الصف الثالث الإعدادي في 10 محافظات.. رسميًا الآن    أسعار سبائك الذهب اليوم الجمعة 20 يونيو 2025.. 50 جرام تكسر حاجز ال250 ألف جنيه    التأهل يتأجل.. السعودية تخسر أمام أمريكا في الكأس الذهبية    إعلام إيرانى: دفعة صواريخ جديدة تستهدف النقب بالقرب من قاعدة نواتيم الجوية    شيرين رضا: جمالي سبب لي مشاكل.. بس الأهم إن أنا مبسوطة (فيديو)    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 20-6-2025 بعد الارتفاع وبورصة الدواجن الرئيسية    انطلاق مباراة باريس سان جيرمان وبوتافوجو في مونديال الأندية    الشكاوى من المعلمين وليس الطلاب.. بداية هادئة لامتحانات «الثانوية العامة»    فايننشال تايمز: وزير الخارجية البريطاني ينقل رسالة من أمريكا لإيران    إعلام إيراني: معارك جوية فوق مدينة جرجان بمحافظة جولستان شمال شرقي إيران    "مش كل لاعب راح نادي كبير نعمله نجم".. تعليق مثير للجدل من ميدو بعد خسارة الأهلي    «خرج من المستشفى».. ريال مدريد يكشف عن تطور جديد في إصابة مبابي    الجبهة الداخلية المصرية متماسكة في مواجهة كل الأخطار    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    قبل الغلق.. رابط التقديم لوظائف المدارس المصرية اليابانية 2026    محافظ المنيا يشهد مراسم تجليس نيافة الأنبا بُقطر أسقفًا لإيبارشية ديرمواس    10 صور لاحتفال وزير الشباب والرياضة بعقد قران ابنته    ثقافة الفيوم تناقش أثر المخدرات على الشباب وتقدم مسابقات ترفيهية للأطفال.. صور    إير كايرو توسّع أسطولها الجوي بتوقيع اتفاقية جديدة في معرض باريس للطيران    «إنجاز طبي جديد».. تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل    خبير في الحركات الإسلامية: الإخوان يستخدمون غزة كغطاء لأجنداتهم التخريبية    خبير اقتصادي: البنوك المركزية قد تعود لرفع الفائدة هربًا من موجة تضخم جديدة    ريبييرو: أغلقنا ملف بالميراس.. ونستعد لمواجهة بورتو    خبير يكشف كمية المياه المسربة من بحيرة سد النهضة خلال شهرين    قادة كنائس يستعرضون دروس مقاومة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا    هل من حق مريض الإيدز الزواج؟ نقيب المأذونين يجيب (فيديو)    بسبب بلاغ للنائب العام.. محمد رمضان يعتذر لعائلة «هلهل»    هنا الزاهد ب"جيبة قصيرة" وصبا مبارك جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| وفاة والدة مخرجة وفنانة تستغيث ونجمة ترد على شائعة زواجها    "وحش البحار" و"ليو".. أعمال يشاهدها الجمهور على "نتفليكس" في الصيف    تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بعد خسارته وفوز ميامي على بورتو    خلافات عائلية تنهي حياة خفير نظامي في الفيوم    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف الأردنية نسرين الوادي.. طريقة عمل شوربة البروكلي    باحث: 36 سببًا لمرض ألزهايمر    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين تتحرك البرازيل
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 05 - 2010

عبرت البرازيل آلاف الأميال، ولم تكتف بعمقها السياسى والاستراتيجى فى القارة الأمريكية، وبعلاقاتها العميقة مع دول الجوار الجغرافى كبيرو وبوليفيا والأرجنتين وفنزويلا، إنما جاءت على قدميها وبمحض إرادتها إلى عرين «محور الشر»، ممثلا فى إيران، وقامت، مع تركيا، برعاية اتفاق فى طهران من أجل تبادل اليورانيوم الإيرانى ضعيف التخصيب (5.3%) بوقود نووى عالى التخصيب (20%) يعد فى تركيا.
وقد وقع على هذا الاتفاق وزراء خارجية الدول الثلاث: التركى أحمد داوود أوجلو، والبرازيلى سيلسو أموريم، والإيرانى منوشهر متقى، وحضر المراسم الرئيسان الإيرانى محمود أحمدى نجاد والبرازيلى لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان، فى محاولة لقطع الطريق على العقوبات التى تنوى الأمم المتحدة فرضها على إيران بضغوط أمريكية - أوروبية.
ويحمل هذا المشهد رسالة شديدة الأهمية والدلالة لتحرك دولة من العالم الثالث فى قلب الأحداث، أو بالأحرى إلى أتون معركة دولية غير مضمونة النتائج بين إيران والقوى الكبرى فى العالم، وهو تقريبا يمثل «معكوس» ما يجرى فى مصر التى كرست لثقافة «مالناش دعوة» واختزلت تحركاتها الخارجية من أجل رضا الولايات المتحدة وإسرائيل، وتركت وراءها فشلا مدويا ليس فقط فى فلسطين والسودان والعراق ولبنان والجزائر، إنما حتى مع دول منابع النيل الذى يمثل شريان الحياة فى مصر.
ومثلت زيارة الرئيس البرازيلى إلى إيران (مقطوعة علاقتها مع مصر منذ ثلاثين عاما) رسالة صارخة لكل دعاة الركود والتبلد فى مصر حين تصور البعض، بسذاجة أو بسوء نية يصل لحد الجرم، أن الدور الخارجى يعنى الدخول فى حروب أو مغامرات عسكرية، وهو أمر لا أساس له من الصحة، إنما بالعكس يفترض أن يحول هذا الدور دون حدوث هذه الحروب، ويحفظ أمن البلاد القومى بالسياسة الخارجية النشطة، والنفوذ الإقليمى والاحترام الدولى.
والمؤكد أن فقدان مصر دورها الإقليمى والعربى تم بالأساس بإرادة مصرية ونتيجة فشل داخلى ومحدودية تصل لحد الفقر التام فى فهم كل ما هو استراتيجى، وبمعنى القوة الناعمة لبلد من البلدان، وهى كلها أمور غابت عن القيادة السياسية التى أدارت البلاد «يوم بيوم»، واكتفت بشعارات الريادة والخمسة آلاف سنة حضارة، ونسيت أن مصر لم تعد مؤثره فى عالمها العربى وبين دول حوض النيل، متصورة أن الدور الخارجى يكمن فى زيارات لا تتوقف لأوروبا وأمريكا،
وهو تقريبا عكس ما فعلة الأتراك والبرازيليون الذين حافظوا على علاقاتهم بأمريكا وأوروبا، ولكنهم تحركوا جنوبا ليحصدوا شمالا كما سبق أن تحدث وزير خارجية تركيا، معتبرا أن عودة بلاده للشرق الأوسط والعالم العربى هى عودة لروابط قديمة ثقافية وتاريخية، ولكنها ستعنى أوراقاً أكثر فى يد تركيا فى مفاوضاتها الصعبة من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبى.
وفعلت البرازيل شيئا مشابها، حين راهنت على أن رغبتها فى الانضمام إلى عضوية مجلس الكبار (مجلس الأمن) لن تتم بطاعة أمريكا فى كل شىء وكسب ود إسرائيل ورضاها بأى ثمن ولو على حساب حصار أطفال غزة، إنما أيضا بامتلاك رؤية سياسية واقتصادية للتحرك جنوبا حتى لو كان لدى دولة متهمة برعاية الإرهاب وقيادة «محور الشر» وفق التقسيم الأمريكى، واعتبرت هذا التحرك من أجل الدفاع عن مصالحها الوطنية وليس عن إيران.
والمؤكد أن الحضور البرازيلى المتصاعد على الساحة الدولية لم يكن وليد مصادفة أو رغبة فى «الفسحة» إلى إيران، إنما جاء نتيجة جهد وعرق وتطور ديمقراطى، تماما مثل تركيا التى اتضح تأثيرها الإقليمى والدولى عقب قيامها بإصلاحات سياسية واقتصادية داخلية.
لقد استعاد الاقتصاد البرازيلى أداءه المتوازن خلال فترة لا تتجاوز عشرين عاماً، وتخطى معدلات التضخم المرتفعة التى وصلت فى التسعينيات إلى حوالى 2300% سنوياً، وعاد مع بداية الألفية الثالثة ومع انتخاب زعيم حزب العمال لولا دا سيلفا رئيسا للجمهورية فى 2002 ليحقق معدل نمو لا يقل عن 5% سنويًا حتى بعد الأزمة المالية العالمية عام 2007. وتمكنت البرازيل من زيادة احتياطاتها النقدية إلى حوالى 200 مليار دولار، كما تجاوز حجم الناتج المحلى الإجمالى للبرازيل، فى نهاية عام 2008، حوالى 1.6 تريليون دولار، مما مكن الاقتصاد البرازيلى من احتلال المرتبة العاشرة على المستوى العالمى من حيث مؤشرات النمو.
ومن خلال مبادرات التصدى للفقر، تمكنت البرازيل من تحسين الأوضاع الاجتماعية لمواطنيها من خلال توفير حد أدنى من الدخل الثابت لحوالى 45 مليون مواطن برازيلى. وإلى زيادة دخل أفقر 10% من مواطنى البرازيل بنسبة 58% بين عامى 2001 و2006، وهو ما تواكب مع زيادة دخل أغنى 10% من المواطنين بنسبة 7% خلال الفترة نفسها.
ويعد الاقتصاد البرازيلى من أكثر الاقتصادات الصاعدة جذبًا للاستثمار، فقد بلغ حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى عام 2007 حوالى 37 مليار دولار، وهو ما يقدر بضعف حجم الاستثمارات الأجنبية التى تدفقت على الاقتصاد البرازيلى خلال عام 2006.
وعلى الرغم من السياسة الليبرالية التى تبناها الرئيس الحالى لولا دا سيلفا، فقد ظل الاقتصاد البرازيلى محافظا على دور للدولة وحرص الرئيس الاشتراكى الديمقراطى على العدالة الاجتماعية والاهتمام بالطبقات الأكثر فقرا فى البرازيل، واستكمال برامج الخصخصة بشفافية كاملة. وقد بدأت البرازيل عملية التحول الديمقراطى بعد نهاية فترة الحكم العسكرى،
وانتخبت الرئيس فيرناندو كاردوسو عام 1994، الذى تمكن من إقامة دعائم النظام المدنى مستعينًا بخلفيته العلمية كأستاذ لعلم الاجتماع وخبراته كناشط سياسى قضى فترة طويلة من عمره فى المنفى إبان فترة الحكم العسكرى، وعقب فوزه فى الانتخابات الرئاسية عام 1994 على منافسه لولا دا سيلفا، بدأ الرجل فى تنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسية ساهمت فى إعادة انتخابه مجددا للرئاسة عام 1998.
وقد رفض الرئيس كاردوسو، مثل سلفه الرئيس الحالى، تغيير الدستور وإعادة انتخابه مرة ثالثة، وهو الأمر الذى ساهم بشكل غير مباشر فى انتخاب لولا دا سيلفا كرئيس للبلاد فى 2002، ثم إعادة انتخابه لمدة ثانية وأخيرة فى 2006 (تنتهى بعد أشهر)، وهو الأمر الذى رسخ من عملية التحول الديمقراطى، بنجاح مرشح يسارى معارض فى الوصول لسدة الرئاسة دون حدوث انقلاب عسكرى، وهو الأمر الذى طور من كفاءة النظام فى الداخل وعمق من فاعليته فى الخارج.
من المؤكد أن هذا المشهد الداخلى فى البرازيل ليست له علاقة بما نشهده فى مصر، فالأخيرة اختارت الركود الطويل واخترعت نظريات مضحكة لا علاقة لها بالعلم ولا السياسة لتبرير هذا الركود، فقالت إن حروب فلسطين سبب مشاكلنا رغم أننا لم نحارب منذ 38 عاما، وقلنا إن عبدالناصر «خرب البلد» لاهتمامه بالعرب وأفريقيا،
واكتشفنا أن هذا هو الرصيد الوحيد الباقى قبل أن نحوله لمناسبات للمعايرة لإخفاء فشلنا الحالى، وقلنا أيضا إننا لا نستطيع أن نحارب إسرائيل، فاكتشفنا أن لا تركيا ولا البرازيل ترغبان فى محاربتها، بل لهما مثلنا علاقات معها، ومع ذلك عارضاها وبنيا نفوذا واسعا خارج الحدود لحماية هذه الحدود، ولم يفعلا مثلنا حين انغلقنا على أنفسنا فلم نستطع بناء شىء فى الداخل يساعدنا على التأثير أو حتى الحضور فى الخارج.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.