تشهد السوق المصرية مؤخرًا حالة من الحراك على صعيد نشاط الاستحواذات وتدفق الاستثمارات المباشرة على عدد من الشركات المدرجة بالبورصة، بدعم من برامج الاصلاح الاقتصادى واستقرار أسعار الصرف، فضلًا عن الفرص الاستثمارية الناتجة عن تراجع القيمة السوقية لأغلب الشركات المدرجة بالقطاعات الحيوية. أكد عدد من خبراء ومسؤولى شركات الاستثمار المباشر أن البيئة الاستثمارية مؤهلة لمضاعفة وتنشيط حركة الاستحواذات والاستثمارات المباشرة، بشرط سرعة الانتهاء من البيئة التشريعية وحل النزاعات القضائية والقضاء على مظاهر البيروقراطية. أضاف الخبراء أن التعديلات والتيسيرات المتوقع أن تحملها القوانين والتشريعات الجديدة لاسيما قانون الاستثمار الجديد، فضلًا عن ضمان التخارج الآمن والسريع للأموال وتراجع قيمة الجنيه، محاور حيوية تتطلب سرعة الترويج لها أمام المؤسسات الخارجية. توقع الخبراء أن تستحوذ القطاعات الاستهلاكية الممثلة فى الأدوية والأغذية والتعليم على النصيب الأكبر من الاستثمارات الأجنبية خلال الفترات المقبلة، وذلك فى ظل المقاومات التى تتمتع بها والتأقلم السريع مع المتغيرات المحيطة ومعدلات النمو المتوقعة خلال المدى المتوسط والبعيد. وشهدت عمليات الاستحواذات والصفقات ذات الحجم الكبيرة نشاطاً ملحوظاً خلال 2017 بالبورصة المصرية، لتتجاوز 6 مليارات جنيه، بمعدل نمو 146% مقارنة بعام 2016 والذى شهد صفقات بقيمة 2.4 مليار جنيه. وقال كريم سعادة المؤسس والمدير الإقليمى لشركة «أموال الخليج» للاستثمار المباشر، أن سلسلة القرارات الأخيرة بداية من تحرير سعر الصرف ومرورًا بمشروعات البنية التحتية ومشروعات الكهرباء ساهمت فى دعم مناخ الاستثمار وزيادة جاذبيته بدرجة كبيرة أمام المؤسسات والمستثمرين الخارجيين. أضاف أن تلك الإجراءات ساهمت فى تذليل التحديات الأساسية أمام قدرة مصر نحو جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية ودعم الصورة الذهنية بصورة كبيرة، مشيرًا إلى أن السوق تتمتع حاليًا بعدد من العوامل الجاذبة استثماريًا تتمثل فى تراجع القيمة السوقية لأغلب الشركات المحلية نتيجة تحرير سعر الصرف. أوضح أن هناك عوامل داعمة لزيادة صفقات الاستحواذات خلال 2018، ممثلة فى تراجع قيمة الجنيه والتى تعظم ربحية الاستثمار عبر دعم قدرة المستثمرين على قياس المخاطر خلال المدى المتوسط والطويل، فضلاً عن الاتفاقيات التجارية الموقعة بين الدول الإفريقية والأوروبية، مؤكداً على ضرورة أن تتزامن تلك المقومات مع سرعة الانتهاء من البيئة التشريعية. وتطرق خالد بدوى الرئيس التنفيذى السابق لشركة الأهلى كابيتال، إلى الحديث عن فرص نمو الاستثمارات الأجنبية خلال العام الجديد، مؤكدًا أن حجم الاستثمارات الأجنبية التى شهدتها السوق خلال العام الماضى لا توازى حجم الفرص التى تتمتع بها السوق بعدد من القطاعات الدفاعية، وذلك فى ظل سيطرة الترقب على قرارات المستثمرين خاصة غير المحليين تجاه الوضع الاقتصادى ومدى قدرته على استيعاب التحول الذى شهده سواء على الصعيد المالى أو النقدى. أوضح أن البورصة وأدوات الدين الحكومية اقتنصت النصيب الأكبر من الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة الأخيرة، وذلك بدعم ارتفاع أسعار الفائدة، والنشاط الذى شهده سوق المال عقب قرار تحرير سعر الصرف. توقع أن يشهد عام 2018 نشاط صناعة الاستثمار المباشر سواء من خلال تأسيس استثمارات جديدة أو تنفيذ عمليات استحواذ أو اندماجات على شركات مدرجة بالسوق لاسيما القطاعات الاستهلاكية لاسيما الأغذية والصحة والتعليم، بالإضافة إلى القطاعات التى تعتمد على التصدير. أكد على أن البيئة الاستثمارية مؤهلة لجذب هذه الاستثمارات، خاصة فى ظل التعديلات والتيسيرات المتوقع أن تحملها القوانين والتشريعات الجديدة لاسيما قانون الاستثمار الجديد، فضلًا عن ضمان التخارج الأمن والسريع للأموال. وعلى صعيد القطاعات الأكثر جذبًا، أكدت رضوى السويفى رئيس قسم البحوث ببنك استثمار «فاروس»، على أن القطاعات الاستهلاكية الممثلة فى الأدوية والأغذية والتعليم تتصدر ترتيب القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية خلال الفترات الآخيرة، وذلك فى ظل المقومات التى تتمتع بها والتى تؤهلها لتحقيق معدلات نمو مرتفعة على المديين المتوسط والبعيد. أضافت أن تلك القطاعات مُرشحة بقوة لإقتناص حصة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة المتوقع ضخها خلال العام الجارى فى ظل الإجراءات الإصلاحية التى يتم إتخاذها على الصعيد الاقتصادى. وفى ذات السياق أكدت أن عام 2018 يُعد عام الإنطلاق على صعيد الاقتصاد الكلى خاصة مع بدء تلاشى السلبيات قصيرة الأجل التى تزامنت مع برنامج الإصلاح، وذلك بصدارة عدد من القطاعات تشمل قطاع الأدوية والمتوقع أن يبدأ تعافيه ورحلة إنطلاقه بداية من العام المقبل. وتطرق عمر الشنيطى المدير التنفيذى لشركة «مالتيبلز» للاستثمار، إلى متطلبات المرحلة الحالية لمضاعفة نشاط الاستحواذات والتدفقات الخارجية إلى السوق، مؤكدًا على أهمية الاستفادة من المقومات التى تتمتع بها السوق المصرية وتسخيرها لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمختلف أشكالها، لاسيما التنوع القطاعى والفرص الاستثمارية المتاحة. أضاف أن أبرز متطلبات المرحلة تتمثل فى القضاء على كافة مظاهر البيروقراطية والروتين وطول إجراءات الحصول على التراخيص فضلاً عن قضايا التحكيم والنزاعات التى لم يتم حسمها حتى الآن مع بعض المستثمرين الخليجيين. أشار إلى أن صناعة الاستثمار المباشر تعد من أبرز المجالات المتأثرة بصورة إيجابية من سلسلة القرارات الاقتصادية التى شهدها العام الماضى، لاسيما استقرار سعر الصرف واستعادة ثقة المستثمر الأجنبى من خلال المساهمة فى القضاء على السوق الموزاية وتوفير السيولة الدولارية بالسوق الرسمى. وأكد على أن السوق المصرية تعد من أكثر أسواق المنطقة استقرارً بدعم من الفرص المتنامية بعدد من القطاعات يتصدرها قطاع البترول، خاصة وأن حجم استثماراته تستحوذ على ما أكثر من نصف قيمة الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات الأخيرة، يليه القطاعات الأستهلاكية بالإضافة إلى القطاع العقارى. وتوقع بدء تلاشى التأثيرات السلبية للقرارات الإصلاحية تدريجيًا، مُشيرًا للإنخفاض الذى سجله معدل التضخم خلال شهر نوفمبر، ومن ثم عودة معدلات الاستهلاك المحلية والقوى الشرائية لمستوياتها الطبيعية، خاصة وأنها تشكل الحصة الأكبر من الناتج المحلى، مما يدعم رغبة المستثمر الأجنبى فى ضخ أموال جديدة فى بعض الاستثمارات والمشاريع خاصة الاستهلاكية منها.