«بقلم عبدالناصر»: فولتير أول مقالاته.. و«مذكرات 48» على «لمبة جاز» (عرض كتاب)

هل كان جمال عبدالناصر قارئًا نهمًا؟، هل اهتم بالثقافة؟، هل كان كاتبًا له إبداعاته؟، إلى أي مدي يمكن أن نقرأ شخصيته من كتاباته؟ هل لو لم يكن رئيسًا هل كان سيصبح أديبًا؟.
تساؤلات عدة يطرحها كتاب «بقلم جمال عبدالناصر»، للكاتب الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات بمكتبة الإسكندرية، والباحثة صفاء خليفة، والصادر حديثا عن دار «أطلس»، بمناسبة مئوية ميلاد الزعيم الراحل.
يحاول الكتاب إعادة اكتشاف شخصية الزعيم من خلال قلمه، كاشفا بعض مما كان يضمره في رأسه ويفكر فيه، حيث عُرف دائمًا بأنه «أفضل قارئ»، فكان شغوفًا بالمطالعة، ولديه قدرة خارقة على القراءة، وكذلك القدرة على الاستيعاب والتذكر بنفس المستوي وذلك في المراحل المختلفة من حياته، كما كانت كتاباته صدى لعصره ولحياته.
مما يطالعه القارئ أن أول كتابات عبدالناصر جاءت مع نشر مقالة بعنوان «فولتير، رجل الحرية»، في مجلة مدرسة النهضة الثانوية، وهو في سن ال16 عاما.
فيقول: «لقد أعجبني فولتير لأنه كان هادئًا ولم يلجأ إلى استخدام القسوة والعنف كبقية الزعماء الذين اعتادوا على القتل وسفك الدماء».
وفي عام 1934 بدأ الطالب جمال بتأليف رواية «في سبيل الحرية»، وتتناول في مضمونها المعركة الخالدة التي خاضها أهل رشيد بمصر عام 1807.
كما لم تقتصر علاقة عبدالناصر بالثقافة على الكتاب، ففي عام 1935 لعب دور «يوليوس قيصر» في مسرحية شكسبير، التي قدمها ضمن برنامج الحفلة التمثيلية السنوية لمدرسة النهضة.
وعندما التحق عبدالناصر بالكلية الحربية ظل مواظبًا على القراءة، حيث قرأ سير الزعماء «غاليباردي»، و«بسمارك»، و«فوش»، كما قرأ الكتب التي تعالج شؤون الشرق الأوسط والسودان، وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى، وتاريخ ثورة 1919.
ويذكر المؤلفان أن أشهر ما كتبه ناصر هو «فلسفة الثورة» الصادر 1953، وهو بمثابة أول وثيقة تصدر عن ثورة يوليو ومفاهيمها، وهو عبارة عن خواطر ليست لشرح أهداف ثورة.
كان لحرب فلسطين 1948 كبير الأثر على فكر جمال عبدالناصر وقلمه أيضًا، مما دفعه لكتابة سلسلة من المقالات التي نشرتها مجلة آخر ساعة، عام 1955 تحت عنوان: «يوميات الرئيس جمال عبدالناصر وحرب فلسطين».
فقد كانت لدى جمال عبدالناصر نزعة قوية للتدوين، وقد سجل بخط يده يومياته عن حرب فلسطين تحت قصف المدافع مرتين في اليوم الواحد.
وهي المذكرات التي قال عنها لمحمد حسنين هيكل: «يمكنك أن تأخذ معك هذا الدفتر، وأن تقرأ فيه، وأن تكتشف نفسك ما جال بخاطري تحت وهج النيران في حرب فلسطين، وما كتبته يومًا بيوم في خنادق القتال على ضوء لمبة جاز».
ويذكر الكتاب أن جمال عبدالناصر لم يكن مجرد رجل دولة، بل زعيمًا جعل للثقافة دورًا محوريًا في دولته، ولهذا عرفت مصر –والعرب عمومًا- على يديه أول وزارة ثقافة عام 1952. كما اهتم عبدالناصر بمشروع الألف كتاب، وحركة التأليف والترجمة والنشر، وب«عيد العلم والعلماء».
كذلك حرص جمال عبدالناصر على توطيد الصلة مع الفن وأهله، وبعد أن أصبح رئيسًا اقتنى آلة عرض سينمائي وحرص على المتابعة للأعمال الفنية الجادة، وفي عام 1957 تم إنشاء مؤسسة دعم السينما، كما تم فتح باب القروض للسينمائيين مع ضمان الدولة لهم وتدعيم تصوير الأفلام التي تحتاج إلى إمكانات عسكرية وحربة، وبصدور قوانين يوليو الاشتراكية عام 1961 تحولت مؤسسة دعم السينما إلى مؤسسة ذات شركات تسعى في مجملها إلى الإنتاج والتسويق محليًا وخارجيًا.