هل يدخل القطاع السياحى شريكاً فى تمويل صفقة الطائرات الجديدة؟

لم نكن نتصور أن المعلومات التى سردناها، وانفردنا بها فى المقال السابق حول الصفقة الأهم فى تاريخ الشركة الوطنية مصر للطيران، والتى كان مفادها أن هذه الشركة التى عانت كثيراً منذ عام 2011، بصدد الإعلان عن شراء 33 طائرة جديدة دفعة واحدة من طرازات مختلفة، أهمها طائرة الأحلام B787-9، والتى أطلقنا عليها مصطلح «صفقة القرن»- ستحدث حالة فرح بين بعض المصريين، كالتى حدثت عقب صعود منتخب كرة القدم لنهائيات كأس العالم! وهذا ليس غريباً، فهذه الشركة، وذاك الفريق غابا طويلاً عن المضمار، لكن المؤكد أن الشركة لا تزال مستمرة فى التفاوض مع ثلاثة بنوك مصرية، للحصول على 750 مليون دولار كجزء من تمويل الصفقة، هذا التفاوض لن يعطل الإعلان عن الصفقة بعد أسبوعين خلال انعقاد معرض دبى للطيران، ولن يعطل أيضا موعد استلام أى طائرة من هذه الصفقة فى مارس المقبل 2018 بمشيئة الله.
وبما أن العنصر الأهم فى هذه الصفقة هو تمويل شراء الطائرات، فلزم علينا أن نسترجع بعض الأطروحات والأفكار التى نادى وحارب من أجلها عدد من المسؤولين السابقين والحاليين، وخبراء من القطاع السياحى، وهى ضرورة تكوين شركة طيران «شارتر» مملوكة لقطاع السياحة أو تكون تابعة لمصر للطيران، تعمل على نقل سياح المقصد السياحى المصرى من مختلف الأسواق العالمية، وتكون أداة لكسر الحصار المفروض على مصر، ولكى نثبت للعالم أن مصر قادرة على نقل سائحيها ومواجهة أزمتها بفاعلية وجرأة، بل إن بعضهم طالب وزارة السياحة بضرورة توجيهه دعم الطيران «الشارتر» المخصص لشركات الطيران الأجنبية ومنظمى الرحلات إلى الشركة الوطنية للطيران وشركة «إير كايرو» التابعة للقابضة لمصر للطيران، بل طالبوا أيضا بأن يتم استخدام هذا الدعم لتخفيض سعر تذاكر مصر للطيران، بحيث لا يزيد على 150 دولارا للتذكرة حتى يكون حافزا، خاصة إذا علمنا أن هذه التكلفة لا تتساوى مع الملايين من الدولارات التى تتكلفها حملات التنشيط وتضيع هباء بمجرد الإعلان عن حادث هنا أو هناك.
الأفكار السابقة لم تكن مجرد أطروحات، فقد دخلت بالفعل فى حيز التنفيذ، بل إنهم فوضوا إحدى الجهات الأجنبية المتخصصة بدراسة إنشاء هذا الكيان، وكونوا تحالفا يستهدف دخول قطاع السياحة شريكا رئيسيا فى هذه الشركة المزمع تكوينها، وأجمع الخبراء على أن نجاحهم فى ذلك سيمثل نقلة غير مسبوقة لصناعة السياحة، إننا بذلك سنمتلك، ولأول مرة، فى تاريخنا عناصر النجاح والتفوق.
لذا فإن حلم هؤلاء أصبح الآن قريب المنال وفى متناول اليد، وبإمكان قطاع السياحة بشقيه الحكومى والخاص والتحالفات السابقة التى تم تكوينها أن تصبح حقيقة، وبإمكانها المشاركة الفعلية فى «صفقة القرن» ورفع سقف الطموح لدى المسؤولين عن قطاع الطيران وبإمكان أن يكون إجمالى عدد الطائرات التى سيتم شراؤها أكثر من 40 طائرة، وليس 33 فقط، خاصة أن المفاوضات الدائرة يمكن تطويرها والاتفاقات التى تم التوصل إليها يمكن تعديلها، إذا ما تعلقت بعملية بيع وشراء، إضافة إلى ما سبق، فإن مصر للطيران لن يكون لديها مشكلة فى التشغيل والصيانة على الإطلاق، فطواقم الطيارين والضيافة والمهندسين متوفرة وجاهزة للطيران، والسوق المصرية تعج بالكفاءات.
الأمر الآخر هو أن نوعية الطرازات التى تم الاتفاق على شرائها صالحة للتشغيل على المسافات الطويلة والمتوسطة والقصيرة، وكذلك صالحة للعمل فى الرحلات الشارتر، لأنه بشكل نهائى تم الاتفاق على شراء 6 طائرات من طائرة الأحلام «دريملاينر B787-9»، وهذه الطائرة صالحة للطيران لمسافات بعيدة تصل إلى 14 ألف ميل، دون توقف أى أنه باستطاعتها نقل السياح من أمريكا وأقصى نقطة فى آسيا، وكذلك أستراليا، كما تم الاتفاق على شراء 15 طائرة إيرباص 330 نيو الحديثة، وهذه الطائرة عريضة وصالحة لخدمة الأسواق الرئيسية للمقصد المصرى، كروسيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا، وتركيا، وتتبقى مشكلة الطيران الداخلى، لذا فقد تم الاتفاق على شراء 12 طائرة من طراز بومبارديه «سيسر» الكندية، وهو أول تعاون لمصر للطيران مع هذه الشركة، وهذه الطائرات ستكون بديلا للطائرة الإمبارير البرازيلية التى تتسع لنحو 70 راكبا فقط، أما الطائرة الجديدة، فسعتها تتراوح بين 120 و130 راكبا، وهو ما يعنى مضاعفة السعة المقعدية، ولن يبقى الإ عنصر التسويق السياحى الذى يجب العمل عليه بقوة خلال الفترة المقبلة.