وزارة العمل تعقد اختبارات للمتقدمين ل 8 مهن في دولة الإمارات    «تعليم الغربية» تتفقد انتظام الدراسة وتوافر وسائل الأمن والسلامة في عدة مدارس    المشاط: مصر والاتحاد الأوروبي يشهدان تقاربًا تاريخيًا في عهد السيسي    لمدة عام.. مد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية    بوتين يغيب عن قمة العشرين في جنوب أفريقيا.. وزيلينسكي في النرويج    الأمم المتحدة: أنقاض قطاع غزة تعادل 13 هرمًا من أهرامات الجيزة (تفاصيل)    جدل في غزة حول مصير "أبو عبيدة".. أين اختفى المتحدث باسم القسام؟    المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات: ندعو لوقف فوري لإطلاق النار في السودان    وفد برلماني دنماركي يتفقد معبر رفح البري    الأورومتوسطي: لم ينجُ أحد بغزة من الإبادة.. وإسرائيل قتلت وأصابت واعتقلت 12% من سكان القطاع    جوائز كاف - صلاح على رأس المرشحين لجائزة أفضل لاعب    محافظ القاهرة: توفير كل أوجه الدعم والرعاية للشباب والنشء    تورام: مبابي هو أفضل لاعب في العالم حاليا    تأجيل محاكمة عصابة قتلت شابًا بالخانكة بعد استدراجه لمكان مهجور وإطلاق النار عليه    حبس المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية 4 أيام على ذمة التحقيقات    على أنغام «3 دقات».. رقص يسرا ومحمد رمضان في الجونة يشعل السوشيال ميديا    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات: ونكيد العوازل بقى"    «المنوفية» ترفع درجة الاستعداد لمتابعة الوضع الصحي بمدارس الباجور بعد إصابات الجدري    «الرعاية الصحية» : تقنية حديثة لعلاج دوالي الساقين دون جراحة بمستشفى السلام التخصصي ببورسعيد    "الأونروا": يجب فتح جميع المعابر إلى غزة مع ضرورة أن تكون المساعدات غير مقيدة    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    تراجع ظاهرة السحابة السوداء بالشرقية    محافظ دمياط يفتتح محطة رفع صرف صحي النجارين بكفر البطيخ    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    لبنى عبد الله: أمير عبد الحميد رحب بالاستمرار في الأهلى من موقع الرجل الثالث    رئيس جامعة دمياط يشارك في فعاليات معرض الخليج للتعليم والتدريب بجدة    تأهل كلية الاستزراع المائي بالعريش لجائزة مصر للتميز الحكومي    على خطى «لصوص لكن ظرفاء».. اعترافات المتهمين ب«سرقة ذهب» من فيلا التجمع    محافظ أسيوط: غدا فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه – 2026م وحتى 6 نوفمبر المقبل    إزالة مخالفات بناء في جزيرة محمد بالوراق| صور    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    القبض على المتهم بقتل طليقته أمام مدرسة في مدينة السادات بالمنوفية    رئيس جامعة سوهاج يفحص حالات إكلينيكية أثناء إلقاء درس عملي لطلاب الطب (صور)    وزيرة التضامن تفتتح حضانة "برايت ستارز" بحدائق العاصمة    «مدبولي»: نعمل على قدم وساق استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    محافظ الغربية يتابع أعمال رصف وتطوير طريق حصة آبار ببسيون    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ للمواطنين بمنطقة الرابية    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    بينها الأسماك الدهنية وممارسة الرياضة.. أطعمة صحية للمحافظة على القلب    منتخب مصر للسيدات يختتم استعداداته لمواجهة غانا في تصفيات أمم إفريقيا    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    الغندور: عبدالقادر يرفض الانتقال للزمالك ويقرر تجديد عقده مع الأهلي    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    وزير الأوقاف يهنئ القارئ الشيخ الطاروطي لاختياره أفضل شخصية قرآنية بموسكو    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته السابعة عشرة إلى زياد الرحباني    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    دبلوماسي روسي سابق: النزاع مع أوكرانيا قائم على خلافات جوهرية    الصحة وصندوق مكافحة الإدمان يفتتحان قسما جديدا للحجز الإلزامي بمستشفى إمبابة    وزير المالية: نتطلع لدور أكبر للبنوك التنموية متعددة الأطراف فى خفض تكاليف التمويل للدول الأعضاء والقطاع الخاص    منال عوض: نسعى لحل مشاكل المواطنين والتواجد المستمر على أرض الواقع    رئيس جامعة أسيوط يرأس اجتماع لجنة متابعة مشروع مستشفى الأورام الجامعي الجديد    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رضا شحاتة مساعد وزير الخارجية الأسبق يقرأ ويحلل مذكرات عمرو موسى: «كتابيه».. تحليل واستقراء لسيرة ذاتية وموضوعية (3)
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 09 - 2017

عاد عمرو موسى إلى مصر يملؤه الإعجاب والإحساس بالزهو بالقيادة التاريخية لعبدالناصر الذى اقتحم بسياسته الخارجية العروبية آفاق العالم العربى والخليج ووقوفه صلباً مستقلاً فى قراره قبل حرب 1956 بتأميم قناة السويس وتحدى قوتين استعماريتين كبيرتين أخضعتا مصر والعالم العربى منذ الحرب العالمية الأولى ومواجهة حليفتهما إسرائيل فى حرب 1956 ليخرج منتصراً بكل المعايير السياسية والدولية ومستكملاً مسيرة الحياد الإيجابى وعدم الانحياز مع رمزين عظيمين من رموز الاستقلال فى آسيا وأوروبا نهرو وتيتو كان هو ثالثهما يقود حركة تحرر آسيوية وأخرى أفريقية لتصفية الاستعمار فى أفريقيا.
مقالات متعلقة
* د. رضا شحاتة يقرأ ويحلل مذكرات عمرو موسى: «كتابيه» «2»
* د. رضا شحاتة مساعد وزير الخارجية الأسبق يقرأ ويحلل مذكرات عمرو موسى «كتابيه» «1»
- فى مثل هذا المناخ الوطنى والدولى يستأنف موسى مسيرته ليلتقى لأول مرة مع عبدالناصر فى نيودلهى عام 66 فى قمة تجمع بين أنديرا غاندى وتيتو ليكونوا ثلاثية صاعدة تتحدى إرادة قوى الهيمنة فى العالم العربى وفى آسيا، بل وفى أوروبا، حيث استقل تيتو بخط اشتراكى متميز فى تجربته اليوغوسلافية.
شهدت سنوات الستينيات التى تفاعل معها موسى وهو يمارس مهامه السياسية من مكتب محمود رياض، وزير الخارجية، حيث كانت سياسات مصر الخارجية قد وجهت بوصلتها تجاه موسكو فيما أطلق عليه عندئذ بالتجربة الاشتراكية أو تجربة التطبيق الاشتراكى فى نسخته العربية أو المصرية على مستوى السياسات الداخلية وما صحبها بالتوازى مع هذه التجربة من محاكاة النظر لمنظمات الشباب فى الاتحاد السوفيتى والدول الاشتراكية وقد رشح بعض سفراء الخارجية من قدامى الضباط والسفير محمد شكرى والسفير فتحى الديب الشاب عمرو موسى لينضم للتنظيم الطليعى قبل حرب 1967، لكنه سرعان ما انسحب منه وتخلى عن عضويته واجتماعاته بعد قليل إثر هزيمة 1967.
وربما تكشف لعمرو موسى وهو فى هذه المراحل حقائق كامنة عن خلل جوهرى فى صميم نظام الحكم وفى صلب توجهات السياسة الخارجية لمصر عندئذ وعن أوهام وسراب مخيف كان جيل هذا الوقت يعيش تحت ظلاله الكثيفة لم تكشف عنه للأسف إلا هزيمة 1967 التى لم يكن لها أثر الصدمة، فالصدمة كلمة أخف بكثير مما يوصف به أثرها، بل فى خيبة الأمل وسقوط الحلم، والاستيقاظ فجأة على الواقع الأليم داخل مصر وحولها (تكفى الإشارة لقرار دخول الحرب فى اليمن 1962).
عاصر عمرو موسى مقدمات الأزمة الدولية والإقليمية فى أعقاب الحشود الإسرائيلية على الحدود السورية، حيث كانت أشباح الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة تلوح على الأفق بين سوريا وإسرائيل وردود فعل عبدالناصر، زعيم الأمة العربية، وهو يرى ويرصد ويراقب العالم كله، إسرائيل قبل الجميع، وهو يتوقع نذراً خطيرة بنشوب الحرب فى الشرق الأوسط بين سوريا ومصر وإسرائيل، خاصة بعد أن أصدر عبدالناصر قراره الصادم للأمم المتحدة ولسكرتيرها العام (أوثانت) عندئذ بسحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء ثم يتخذ ما هو أبعد مدى وخطورة على المستوى الاستراتيجى والعالمى بإغلاق مضايق تيران ومضيق باب المندب لتنشب أخطر أزمات الستينيات ويتعرض نظام عبدالناصر والناصرية فيها لأخطار قاتلة داخلياً وخارجياً.
الدبلوماسى الشاب عمرو موسى، إذ يصطحب وزير الخارجية محمود رياض لتوديع السكرتير العام للأمم المتحدة (أوثانت) بعد لقائه مع عبدالناصر الذى لم يتراجع عن قراراته التى رأت فيها إسرائيل إعلاناً للحرب كانت هى قد استعدت وجهزت لها سلاحها ورجالها واستخباراتها.
وكما لو كان موسى إذ يودّع (أوثانت) السكرتير العام للأمم المتحدة، إنما يودع عهداً قد مضى وانقضى بأوهامه وأحلامه وتبددت فيه أطياف السراب الكاذب الذى عاش فيه جيل ذلك العصر، ومن بينهم الدبلوماسى الشاب عمرو موسى الذى يصف لنا كل أحاسيس الألم الإنسانى الممكن وعمق الإحباط المهول الذى استشعره من صدمة الهزيمة الكبرى فى حرب 1967.
مشاعر الإحباط القاتل التى استشعرها عمرو موسى مردها إلى أن معرفته الحقيقية بكل مراراتها لم تأت من الداخل، بل كانت تتقاطر وتتواتر ساعة بعد ساعة على دقات أجهزة التيكرز فى وكلات الأنباء والإذاعات الأجنبية، وهى لم تكشف فقط عالم الزيف الذى عانى منه جيل ذلك الوقت، بل ودفعت معه مصر كلها وربما العالم العربى، وفلسطين بالتأكيد ولم تزل تسدد استحقاقاته حتى اليوم.
استوعب عمرو موسى فى أعماق وجدانه وعقله دلالات هذا كله، وتأمّل ولم يزل يمارس مهامه فى مكتب وزير الخارجية محمود رياض محاولاً تأصيله فى ممارسات الحكم فى الداخل وفى الخارج، وبدأ مع نفسه مثلما بدأ عشرات ومئات من الدبلوماسيين والمؤرخين والمثقفين والوطنيين المصريين مراجعات قاسية مع النفس ومع الفكر، ويخلص عمرو موسى إلى أن ما حدث بمصر (لا يمكن التسامح فيه) وهذه هى كلماته للتاريخ قالها لنفسه منذ عقود ويقولها اليوم بكل ما فيها من صدمة وألم للأجيال القادمة.
مراجعة النفس والتفكير انتهت بعمرو موسى إلى حقيقة فطن إليها كثيرون من علماء السياسة ومن القادة وهى ذلك الترابط الوثيق بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، أى ما بين الأسباب والنتائج، بين التأثير والتأثر أو كما يقال فى الأمثلة ابدأ بنفسك أو ابدأ ببيتك والذى يعادله القول بالإنجليزية ما ترجمته بالعربية البيت أولى بالصدقات هذا بالضبط كان نقطة أو مفتاح مراجعة الفكر السياسى لعمرو موسى، والذى رافقه سنوات عمره فى رحلاته السندبادية الطائرة بين نيويورك ونيودلهى وعواصم العالم شرقاً وغرباً فى المؤتمرات والمحافل الدولية عبر مسيرته الجديد.
السياسة الداخلية لمصر إبان عبدالناصر كما استخلصها موسى فى مراجعاته لما حدث وكيف ولماذا حدث، تتأصل فى أنها بكل صراحة حتى ولو كانت جارحة لم تكن سياسة مدروسة فامتلأت بالثغرات والأخطاء والسلبيات التى ضاعف منها وعقدّها الانفراد بالقرار وبإدارة الحكم بما يعنى بعبارة أخرى غياب أولى أسس ومبادئ الديمقراطية وهى المشاركة السياسية وبعبارة ربما أشد قسوة أن سياسة عبدالناصر انتهت بمصر فى تلك الفترة الحرجة من تاريخها إلى نظام ديكتاتورى سلطوى يتمثل فى حكم الفرد أو ربما إلى عبادة الفرد حتى إن التجربة الناصرية بكل ما جاءت به وشهد به جيل ذلك الوقت من إيجابيات وإحياء للروح القومية واستنهاض الهمم للبناء والإحساس المتجدد بشموخ هذا الوطن هذه التجربة كلها كما حللها موسى فى مذكراته أمام فداحة الهزيمة التى لا يمكن التسامح فيها تحولت إيجابياتها إلى سراب، على الرغم من مشاعر الحزن الطاغى الذى غمر قلوب ونفوس المصريين والعرب.
فى التاسع من يونيو 1967 إذا الحزن الجليل يتحول إلى نقمة على ما أدت إليه الديكتاتورية فى اتخاذ القرار وكم كان هزلياً ومفجعاً فى نفس الوقت أن يرى (عمرو موسى) فى ذلك اليوم مصر والوطن العربى كله لم يزل ينزف الدماء، رقصات على إيقاعات مرثية الهزيمة التاريخية على أرض سيناء.
القدرات التحليلية ونضوج الفكر السياسى عند عمرو موسى كادا يستكملان عناصرهما ومقوماتهما الأساسية فى تلك المرحلة من التحول الكبير فى نظرته للأمور بشكل أكثر عمقاً بحيث يغوص وينفذ لما وراء الشكل إلى الجوهر والمضمون، ليزيح الستار عما خلفه من حقائق باردة صارخة حتى وإن ظلت خافية عقدين كاملين من السياسة الداخلية والخارجية فى مصر، حتى إن عمرو موسى ينتهى من تأملاته لهذه المرحلة بمقولة تكاد تجمع عليها اليوم أن هزيمة مصر فى 1967 لم تكن أبداً هزيمة عسكرية فقط بل هزيمة شاملة كاملة وكاشفة عن مواطن القصور والخلل فى النظام السياسى والبنية السياسية الداخلية وفى الإخفاق فى إدارة دفة الحكم حتى اختزاله فى يد حاكم واحد فرد، وسط صراعات القوى التى كانت أقدار الوطن ومصير الشعب فى أياديها ليس إلا قطعة تتحرك فوق رقعة الشطرنج، فأضاعت أقدار الوطن وأحبطت طموحات الشعب وعلقت مصائر أجيالها فى الميزان ولعقود طويلة.
عمرو موسى إذ يجتاز هذه التجربة الإنسانية بين إحساس راوده ذات يوم بالدور الريادى وبالرئيس القائد والتوجه القومى أصبح يعانى من مشاعر المرارة من تبديد الوهم حتى أولى مراحل تحوله الفكرى الضخم ليتجدد إيمانه الذى لم يتبدد يوماً ما، برغم هزيمة مصر التاريخية، بأن قوة مصر الحقيقية تكمن فى قوتها الذاتية الناعمة، أى فى ثقافتها وعلمها وحضارتها وتاريخها وفنونها ومفكريها وعراقة شعبها، وأن النظام السياسى الذى تستحقه مصر الحديثة المعاصرة يجب ألا يكون هو حكم الفرد بكل آثاره الوخيمة.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة
text


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.