موعد مع الكسوف: الظاهرة تعود للولايات المتحدة بعد 26 عاماً من الغياب

«لا شيء يبعث على الأمل.. لا شيء قادر على تحقيق المستحيل، فالحياة أصبحث خالية من المتع؛ منذ أن اختبأ زيوس آله الأوليمب خلف الغمام، بعد أن حول ضوء النهار إلى ظلامٍ دامس، وجلب الرعب إلى أنفس الرجال» بهذه الكلمات عبر الشاعر الإغريقي «أرخيلوشوس» عن ظاهرة الكسوف الكلي التى حدثت في 6 إبريل من عام 647 قبل الميلاد، التى كان يعتقد القدماء أنها نذير شؤمٍ ودليل غضب الآلهة.
غير أن الوضع تغير الآن، على الأقل بالنسبة للغالبية العظمي من سكان الأرض، الذين لا يعتقدون في الخرافات، ويعزون تفسير الأمور للمنطق العلمي السديد، فبكثير من السعادة والحبور؛ يستعد سكان الولايات المتحدة الأمريكية لمشاهدة ظاهرة الكسوف الكلي للشمس، الأثنين 21 أغسطس، بعد غياب دام لأكثر من 26 عاماً.
وستبدأ الظاهرة في الشمال الغربي للولايات المتحدة، إذ سيحدث كسوف جزئي في تمام الساعة 10:20 دقيقة صباحاً بتوقيت غرب الولايات المتحدة الأمريكية –الخامسة و52 دقيقة بتوقيت القاهرة- ، يتبعها إظلام كلي في ولايات الوسط يستمر لدقيقتين و41 ثانية في بعض المناطق.
وتحدث ظاهرة الكسوف الكلي حين يتخذ القمر وضعًا خاصاً ونادرًا بين الأرض والشمس، يحجب بموجبه ضوء الشمس الواصل إلى أماكن محددة في كوكب الأرض، ويُعد ذلك الوضع نادر الحدوث بسبب الميل الطفيف في مدار القمر.
وستمتد منطقة الإظلام التام من مدينة «سالايم» بولاية أوريجون إلى مدينة «تشارلستون» بولاية كارولينا الجنوبية. وسيحجب القمر ضوء الشمس بشكل كامل في منطقة يبلغ عرضها نحو 110 كيلومتر، وسيشاهد السكان خارج تلك المنطقة كسوفًا جزئيًا فقط.
ومن المتوقع أن يُشاهد متابعي الكسوف الكلي حلقات من هالة البلازما المحيطة بالشمس. وستمتد الظاهرة لنحو 90 دقيقة كاملة.
وتُعد ظاهرة الكسوف الكلي إحدى الظواهر المهمة التى كشفت عن عدد من الأسرار في الطبيعة، فخلال الكسوف الكلي الذى حدث عام 418 ميلادية، شوهد أول نيزك في التاريخ، كما اكتشف العلماء وجود الهالة الشمسية أثناء الكسوف الذى حدث 22 ديسمبر من العام 968 ميلادية، كما تمكن العالم «أرثر إدنجتون» من إثبات فرضية النظرية النسبية العامة التى وضعها العالم الفذ ألبرت آينشتاين عبر ملاحظة انحراف أشعة ضوء أحد النجوم بسبب جاذبية الشمس وذلك أثناء الكسوف الكلي للشمس الذى حدث في جنوب أفريقيا في 22 مايو من العام 1919.
وحذرت السلطات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية النظر بشكل مباشر إلى الشمس دون نظارات حماية أثناء الكسوف الكلي، وقالت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» - في صفحة أطلقتها خصصيصًا للاحتفال بالظاهرة- إن النظر بشكل مباشر إلى عملية الكسوف الكلي يجب أن يتم من خلال مرشحات شمسية خاصة لهذا الغرض، مع التشديد على عدم استخدام الكاميرات أو التلسكوبات أو المناظير أو أى أجهزة بصرية أخرى للنظر إلى الشمس دون استخدام النظارات الآمنة.
إلا أن وكالة الفضاء الأمريكية عادت وأكدت أن الكسوف الكلي للشمس واحد من أعظم الظواهر الطبيعية، ونصحت بمشاهدة الظاهرة والتمتع بها مع اتباع القواعد البسيطة الآمنة.
وشاهد سكان أمريكا الشمالية أخر كسوف كلي عام 1991، وتُشير التقديرات إلى أن عدد المتأثرين بظاهرة الكسوف الحالية سيتجاوز 500 مليون شخص هذا العام، منهم 391 مليون في الولايات المتحدة الأمريكية، 35 مليون في كندا، 119 مليون في المكسيك، علاوة على عدة ملايين في أمريكا الوسطي وأجزاء من أمريكا الجنوبية وشمال غرب أوروبا.
وتستعد الجامعات والمراكز البحثية لرصد الظاهرة وتحليلها علميًا، غير أن أمر التحليل لا يقتصر على العلماء والهواة فحسب، فقد تناولت وكالات أنباء أمريكية تصريحات مجموعة من «المنجمين» التى جاء فيها أن مستقبل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» سيتأثر بالسلب أثناء فترة الكسوف الكلي، إذ قالت إحدى المنجمات إن «ترامب» -الذى ولد أثناء خسوف القمر الحادث في يونيو 1946- يواجه على الأرجح واحدة من أكثر الأوقات الحرجة في حياته!