بعد أقل من 6 أشهر على توليه مهامه، يجد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى واجه فى الماضى سلسلة من الدعاوى والفضائح من إعلان الإفلاس والطلاق مرتين، نفسه أمام أكبر معركة يخوضها حتى الآن، وهى إنقاذ ولايته، عند مثول المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى (إف بى آى) جيمس كومى أمام مجلس الشيوخ، إذ سيضع ترامب فى موقف لا يحسد عليه، وقد يمثل إدانة لترامب وتورطه فى التعاون مع القرصنة الروسية للانتخابات الأمريكية، بما يفتح الطريق أمام إمكانية بدء إجراءات إقالة ترامب من منصبه. وأحدث كومى، هزة فى واشنطن بنشره أجزاء من شهادة مكتوبة قبيل ساعات من مثوله أمام جلسة استماع فى الكونجرس، مساء أمس، حول محاولات ترامب للتأثير على سير التحقيقات إزاء مزاعم بتواطؤ مساعديه وفريق حملته الرئاسية مع روسيا للتلاعب فى سير الانتخابات الأمريكية. وأكدت «كومى» فى شهادته بعد شهر على إقالته، ما تداولته وسائل الإعلام الأمريكية بأن ترامب مارس ضغوطا عليه لإسقاط تحقيقات «إف.بى.آى» حول طبيعة الاتصالات بين مستشار ترامب السابق للأمن القومى، مايكل فلين، والحكومة الروسية. وأضاف كومى، فى شهادته، أن ترامب ناشده بشكل مباشر تبرئته من المزاعم حول تورطه مع روسيا. الشهادة لفتت إلى قيام ترامب بمحاولات متعددة لتأمين ولاء «كومى» الشخصى له. وأشار«كومى» إلى عدم ارتياحه لطبيعة سير محادثاته مع ترامب منذ أول لقاء بينهما، وكيف كان الوضع غير عادى مما اضطره لتوثيق محادثاتهما فى مذكرات رسمية. وذكر «كومى» أنه تلقى مكالمة فى مكتبه من الرئيس الأمريكى، فى 30 مارس الماضى، وصف فيها ترامب التحقيق بشأن التدخل الروسى بأنه «سحابة» تعوق قدرته على ممارسة سلطاته، ونفى ترامب العديد من الادعاءات المثيرة، بما فى ذلك تورطه مع فتيات ليل روسيات قبل توليه منصبه، وطالب «كومى» بضرورة «رفع السحابة» من خلال التصريح علناً بأنه شخصيا ليس قيد التحقيق، الأمر الذى تجاهله «كومى» خوفاً من التراجع فى حال اضطره سير التحقيقات إلى التقصى حول ترامب. وأوضح «كومى» فى شهادته أنه أكد شخصيا لترامب فى 3 مرات منفصلة عدم خضوعه لتحقيقات حول روسيا. ورد مارك كاسوفيتز، محامى ترامب، فى بيان على الشهادة المنشورة قائلا: «الرئيس سعيد لأن (كومى) أخيرا أكد علنا فى تقاريره أن الرئيس لا يخضع للتحقيق فى أى تحقيقات خاصة بروسيا». وجاء نشر الشهادة بعد ساعات على إعلان ترامب تعيين مدير جديد ل«إف بى آى» هو كريستوفر راى الذى عمل لفترة تحت إدارة كومى، وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن نشر شهادة «كومى» المكتوبة قبيل إدلائه بها ترك البيت الأبيض فى وضع دفاعى. وكشف كومى كل التفاصيل أمام أعضاء لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ خلال الجلسة التى وصفها الإعلام الأمريكى بأنها «غير المسبوقة». وقالت الصحيفة إن الشهادة «جعلت مساعدى ترامب يتخبطون من مشهد يتهم فيه رجل دولة وقانون مخضرم القائد الأعلى باتخاذ إجراءات يصفها بعض المحامين بعرقلة سير العدالة». تصريحات «كومى» سيكون لها تداعيات كبيرة على رئاسة ترامب التى لم يمض عليها سوى 139 يوما إذ يحقق المستشار القانونى الخاص، روبرت مولر، وعدد من لجان الكونجرس فى تورط أفراد حملة ترامب مع روسيا. ورفض مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى.آى.إيه»، دان كواتس، أمس الأول، الإجابة عن أسئلة فى شهادته أمام لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ حول إذا كان ترامب ضغط عليه ليتدخل لإيقاف تحقيقات «كومى» حول مساعديه وعلاقتهم بروسيا، قائلا: «لست مستعداً للإجابة عن هذا السؤال الآن»، ومن المتوقع أن يستغل الديمقراطيون وبعض الجمهوريين فى اللجنة الجلسة فى المطالبة بتفاصيل أخرى عن أى محاولة من جانب ترامب لعرقلة التحقيق فى المسألة الروسية. ورغم أن «كومي» ورط نفسه فى مشاكل سياسية أخرى من بينها أسلوب معالجته لتحقيق فى قضية بريد مرشحة الرئاسة الديمقراطية هيلارى كلينتون الإلكترونى فى انتخابات 2016 فقد أشاد الجمهوريون بعمله وبنزاهته خلال الانتخابات وبعد فوز ترامب. وبحسب «نيويورك تايمز» عندما قرر ترامب إبقاء «كومى» فى منصبه الذى عينه فيه سلفه باراك أوباما، رأى البعض أن القرار نوع من المكافأة الضمنية على دوره فى عرقلة الحملة الانتخابية لمنافسته الديمقراطية. لكن كومى بعد أشهر، عاد وأكد أنه يحقق حول التدخل المزعوم لروسيا واتصالات محتملة بين موسكو وأفراد فى فريق حملة ترامب، ثم قرر ترامب طرد كومى فى 9 مارس الماضى، مما أثار عاصفة سياسية فى واشنطن وزاد من البلبلة المحيطة بمستقبل الرئيس الأمريكى. ودافع ترامب عن قراره بأن «كومى» يميل إلى المبالغة ويحب «الاستعراض»، وقالت «نيويورك تايمز» إن ترامب قال أمام مسؤولين روس إن كومى «مجنون».
