كاتب أمريكي معلقا على الانتخابات الفرنسية: «فرنسا ليست أمريكا»

أكد الكاتب الأمريكي جونا جولدبرج، أن فرنسا ليست أمريكا، في إطار تعليقه على مقارنات منعقدة في الآونة الأخيرة بين الانتخابات الرئاسية الراهنة في فرنسا ونظيرتها الأخيرة في الولايات المتحدة.
وقال جولدبرج -في تعليقه على صحيفة (لوس انجلوس تايمز)- إن الكثيرين في الولايات المتحدة رأوا أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة كانت ضرورية لتحطيم «السقف الزجاجي الأخير» عبر انتخاب امرأة في منصب الرئيس؛ لكن مثل هذا النوع من الكلام غير متداول في فرنسا حول مارين لوبان، التي أحرزت المركز الثاني في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، وإذا ما فازت في الجولة النهائية ضد إيمانويل ماكرون في السابع من الشهر المقبل فستصبح بذلك أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في فرنسا.
وتساءل الكاتب عن عدم وجود «استعداد لخطاب مارين»؟ لأن لوبان ستكون كذلك أول رئيس من «اليمين المتطرف»؛ ذلك أن للهوية السياسية حدودها، وما ينطبق على اليمين المتطرف ينطبق على «اليسار المتطرف» كذلك.
ونوّه جولدبرج عن أن كلمتَي «يسار» و«يمين» تعتبران من بين أسوأ الكلمات التي صدرّتها فرنسا؛ ذلك أن منبع الكلمتين لم يكن أيديولوجيا بالأساس، وإنما كان متعلقا بالوضعية المكانية: حيث أن مؤيدي النظام الملكي اختاروا الجلوس على اليمين في الجمعية العامة بينما الراديكاليون والثوريون والجمهوريون وغيرهم من خصوم النظام القديم اختاروا الجلوس على اليسار.
وعليه، فإن أنصار الأسواق الحرة ومحدودية الحكومات كانوا دائما «يساريين»، بينما «الليبرالي» حتى يومنا هذا في فرنسا فهو أقرب إلى ما يسميه الكثيرون «يميني التوجه» في أمريكا، على الأقل فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية؛ كما بات «اليمين المتطرف» مرادفا للتعصب ومعاداة المهاجرين وكافة الصور السيئة للنزعة القومية.
ولفت الكاتب إلى أن مارين لوبان هي سياسية تتمتع بقدر كبير من الذكاء والنفعية والشمولية، كما تعمل على تحسين صورة حزب الجبهة الوطنية الذي أسسه مخضرمون من «حكومة فيشي» التي كانت موالية للنازيين.
ونوه جولدبرج إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء اقتراب لوبان من منصب الرئيس القادم لفرنسا يتمثل في قدرتها على اجتلاب الدعم من المعاقل السابقة للحزب الشيوعي الفرنسي صاحب التاريخ الطويل في مناوءة الهجرة- وهو ما يكشف الكثير من موقف لوبان إزاء المهاجرين.
وعلى صعيد المقارنة بين فرنسا وأمريكا، قال الكاتب إن منتقدي السياسات الأمريكية الخاصة بالهجرة الجماعية يحذرون منذ عقود مما ينجم عن تلك السياسات من آثار خطيرة ومزعزعة للاستقرار؛ وقد ساعد إخفاق الساسة العقلانيين في التصدي لآثار نتائج الهجرة، في فتح الباب أمام الساسة غير العقلانيين بين مجتمعات الطبقة العاملة الأكثر تضررا من الهجرة؛ هذا بالضبط ما حدث في فرنسا وهو ما يردده مؤيدو مارين لوبان الذين يشتكون من «استبدال» العُمّال وتغيّر العادات والتقاليد وأساليب الحياة الوافدة مع أمواج المهاجرين.
ورأى الكاتب أن تلك الاستياءات من الهجرة ربما كانت أكثر حدة في فرنسا من غيرها؛ لأن فرنسا بلدٌ تتقدم فيه الهوية القومية على التوجهات السياسية والأيديولوجية.
واختتم جولدبرج قائلا «إن مارين لوبان قد تخسر الجولة النهائية من الانتخابات الرئاسية في السابع من الشهر المقبل لكن المشكلة ستبقى قائمة طويلا بعد هذا التاريخ».