وزير التعليم: 88% من طلاب الصف الأول الثانوي اختاروا الالتحاق بنظام البكالوريا    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    مجلس الوزراء يوافق على مد التقديم لطلبات التصالح في بعض مخالفات البناء لتقنين أوضاعها    الشرع: سوريا ستحاول إعادة ضبط علاقاتها مع روسيا    مركز حقوقي فلسطيني: 36 انتهاكا إسرائيليا لوقف إطلاق النار في غزة    مشهد إقليمي جديد تحكمه خريطة السلام    تعرف على منتخبات أفريقيا المشاركة في كأس العالم 2026    عبدالواحد السيد يفجر أزمة زيزو: «بيطالب ب80 مليون وعايز عقده مرتين»    فليك يستعيد ثلاثة لاعبين استعدادًا لمواجهة جيرونا    كريم فؤاد يجرى أشعة رنين لتحديد موعد انتظامه فى تدريبات الأهلى    29 أكتوبر.. الحكم على الراقصة ليندا في اتهامها بنشر الفسق والفجور    موعد امتحانات نصف العام الدراسي في المدارس 2025-2026 (الخريطة الزمنية وفقًا للوزارة)    انتصار قضائي جديد لشيرين عبد الوهاب على شركة روتانا أمام محكمة النقض    وزير الثقافة: قافلة مسرح المواجهة والتجوال ستصل غزة حال توفر الظروف المناسبة    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    اليوم العالمى لغسل اليدين.. خطوات بسيطة لتحضير صابون سائل من مكونات طبيعية    "الإسكوا" تمنح "جهار" جائزة النجمات الذهبية الثلاث تقديراً لإنجازها العالمى    رئيس مجلس النواب يستقبل السفير محمود كارم رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان    كرم الضيافة    36 جامعة مصرية فى تصنيف التايمز    مصر تعين سفيرا جديدا في إثيوبيا    البلدي يتراجع 4 جنيهات، أسعار كرتونة البيض اليوم الأربعاء ببورصة الدواجن    الإغاثة الطبية بغزة: 170 ألف مواطن فلسطيني استقبلوا بمستشفيات القطاع خلال عامين    مارك روته: المزيد من حلفاء الناتو سيمولون شحنات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا    اللجنة الخاصة: استثناء "فوات الوقت" في استجواب النيابة للمتهمين    مصر والأردن يفتتحان اجتماع المجلس الوزاري المشترك الثالث لوزراء المياه والزراعة العرب    هيقولوا مخي اتلحس.. باسم يوسف: خايف من الحلقة الجاية من برنامج "كلمة أخيرة"    ياسمين علي تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    لإنهاء ملفات التصالح.. محافظ أسيوط يشدد على متابعة المراكز التكنولوجية    مانشستر يونايتد يوافق على تجديد عقد كاسيميرو    منال عوض: مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تعزيز الإدارة المستدامة للمخلفات الإلكترونية    «الرعاية الصحية» تطلق حملة «نرعاك تسمع» لتوفير السماعات الطبية بالمجان لمنتفعي التأمين الشامل    وزير الصحة يبحث التعاون مع شركتين صينيتين لتطوير الجراحة الروبوتية في مصر    ننشر موعد إجراء قرعة الحج السياحي 2026 | خاص    «الوزراء»: 58% من العارضين في «تراثنا» سيدات    تحرير 133 محضرًا للمحال المخالفة للمواعيد الرسمية    المغرب يتجاوز إسبانيا برقم قياسي عالمي    مكتبة الإسكندرية تفتتح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثري الإيبروأمريكي"    محافظ أسوان يدشن وحدة الكلى الجديدة بمستشفى كوم أمبو المركزي    تهشم سيارة هالة صدقي في حادث سير بالشيخ زايد (تفاصيل)    الدراما التركية على موعد مع تحول كبير في «المؤسس أورهان».. وجوه جديدة تشعل الأحداث!    انخفاض درجات الحرارة يتسبب في ارتفاع أسعار الدواجن بالبحيرة    أسرة سوزي الأردنية تساندها قبل بدء ثاني جلسات محاكمتها في بث فيديوهات خادشة    الإفتاء توضح حكم شراء الشقة عن طريق البنك بفائدة ثابتة    محافظ كفر الشيخ يُهنئ القارئ أحمد نعينع لتكليفه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    هبوط هامشي للمؤشر الرئيسي للبورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث سقوط تروسيكل بمصرف قناطر حواس بمنقباد    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    العكلوك: تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ 70 مليار دولار.. ومؤتمر دولي مرتقب في القاهرة خلال نوفمبر    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    مجموعة بحري.. نبروه يواجه دكرنس ودمنهور يصطدم ب سبورتنج بدوري القسم الثاني «ب»    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحاجة منيرة».. عاشت دور الأم وهي طفلة عمرها سبع سنوات
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 03 - 2017

عاشت الأمومة، قبل أن تصبح أما، وحتى قبل أن تتزوج. فهى من تولت تربية إخوتها بعد وفاة والدتها، وهى فى السابعة من عمرها. كان نصيبها من التعليم يومين اثنين فقط، ثم أخرجها والدها لتتفرغ لتربية إخوتها. لكنها تعلمت من الحياة ما لم تكن لتتعلمه من أعظم المدارس، وكان ذلك سبب إصرارها على تعليم بناتها، رغم أن الشائع حينها هو عدم تعليم البنات، فالبنت ليس لها إلا بيتها وزوجها. إنها الحاجة منيرة يوسف ذات ال75 عاما من عمرها. لها من الأبناء 10 توفى منهم أربعة، ولها من الأحفاد من الجيل الثانى 35 حفيدا، و19 حفيدا من الجيل الثالث. هى مواليد 1938، ولدت بمدينة فاقوس، إحدى مدن محافظة الشرقية، لأب فلاح، لكنه كان ثريا، حيث كان يملك بعض الأفدنة الزراعية وعددا من المواشى، ومنزلا ريفيا واسعا. أحبها الكثير وسعى لخطبتها، لكن والدها اختار لها من كان يعمل فى أرضه، لأنه طيب وبسيط، وحافظا للقرآن هو ووالده، كما شعر بعدم طمعه فى مال أبيها. تزوجته وهى عندها 13 عاما، لم تكن تعرف معنى الزواج الحرفى، رغم أنها كانت تحمل مسؤولية إخوتها، لكن مسؤولية الإخوة شىء، ومسؤولية رجل غريب عنها هو وعائلته شىء آخر، خاصة أنها بلا أم تنصحها وتحكى لها. انتقلت إلى بيت زوجها، وتحديدا غرفة فى بيت العيلة، كالمعتاد حينها، لأنه من العيب أن يتزوج الولد، ويترك بيت أبيه. فكان المنزل به غرفا كثيرة وكل من يأتى عليه الدور فى الزواج من الأبناء، يأخذ غرفة هو وزوجته. ويعيش الجميع فى وئام ومحبة، وكما تقول «الحاجة منيرة»، الزوجة لا علاقة لها بشراء أى شىء خارج المنزل، لكنها تقوم بكل أعماله، وخدمة جميع من فيه. ويتم قسمة الأسبوع على عدد الزوجات الموجودة، ولكل واحدة منها دورها فى القيام بكل أعمال المنزل.
أما عن مهرها وشبكتها وزفافها.. تقول «الحاجة منيرة» كان مهرى 60 جنيها، وكان أغلى مهر أخذته فى بنات جيلى، بعد تصميم أبى عليه. ومنه اشترى والدى شبكتى وهى «كردان وحلق» وجهزنى بغرفة نوم «سرير بعمدان، ودولاب» و«طشت وصينية أكل و3 حلل من الألومنيوم» أما الهدوم، فكانت ثلاثة جلابيب، وفستان الفرح وأقام منهم الفرح أيضا، وعمل لى زفة على الحصان. ظل زوجى يعمل بالأرض، وكان أجره 10 قروش فى اليوم، يعطيها لأبيه مقابل الأكل والشرب. ورزقنى الله بأول بنتين من بناتى ماتت إحداهما. ثم علمنا بوجود وظائف بهيئة السكة الحديد، فتقدم لها زوجى، والحمد لله اتعين لكن فى القاهرة. فانتقلنا بمعيشتنا إلى القاهرة، وتركنا بلدتنا. وكان أول راتب له 4 جنيه، ندفع منها جنيه وربع إيجار، ويرسل منها جنيه إلى والده حتى لا يغضب عليه ونعيش بالباقى. لكن الأسعار كانت حلوة، وخاصة فى عهد السادات. كان رطل اللحمة ب85 قرشا، ولحمة الراس ب3 قروش. والكيلو يعمل رطلين ونصف، والرطل 12 أوقية، وأوقية الدقيق ب4 قروش، والأرز كذلك، والسمك ب5 قروش، وال10 بيضات بخمس قروش، يعنى البيضة بمليم، اليوم اللى كنت بحتار أطبخ فى إيه، كنت باعمل لهم ملوخية بالجمبرى. بعد سبع سنوات فى القاهرة انتقل إلى المنصورة، ومكثنا بها أربع سنوات، ثم انتقلنا إلى مدينة أبوكبير وكان راتبه زاد إلى 6 جنيهات. وظل يساعد والده بجنيه منهم حتى توفى. وفى يوم عرض صاحب المنزل الذى كنا نسكن فيه المنزل للبيع، فاقترحت على زوجى شرائه، حتى يرحمنا من الإيجار، وبالفعل كان متر الأرض بجنيه واحد، فاشترينا المنزل ومساحته تقريبا 170 مترا، سددناها بالقسط. وكان بالطين، فهدّيته غرفة غرفة، وبنيته أنا زوجى غرفة غرفة. لم نحضر أى عامل، حتى نوفر أجرته. كان هو يعمل «المونة» وأنا أناوله وهو يبنى حتى انتهينا من البيت. وكنت أعمل كل شىء لأبنائى بيدى، فكنت أخبز العيش، وأربى الطيور، ونبيع ونأكل منها، حتى نستطيع تعليمهم. فجيرانى وأهلى لم يعلمون بناتهم، وكانوا يقولوا لى إن البنت مالهاش غير بيتها وجوزها، لكن أنا صممت، لإنى مش عايزاهم يتعبوا فى حياتهم زى ما تعبت. والحمد لله علمتهم كلهم منهم المهندسة ومنهم المدرس ومنهم المحاسب ومهنم من حصل على مؤهلات متوسطة.
وعن التعليم والصحة، تقول «الحاجة منيرة» التعليم كان ببلاش، وما كنش فى دروس، وكانوا بيذاكروا على لمبة جاز، وعلى الطبلية. والحمد لله كانوا ماشيين لوحدهم فى التعليم، كنت أساعدهم بالدعاء وبالتشجيع على المذاكرة، لكن عمرى ما رحت سألت على حد فيهم فى المدرسة، لأنهم عمرهم ما عملوا لى مشاكل. كانت البنت زى الولد من البيت للمدرسة، ما فيش أصحاب. صاحبه كان كتابه وكراسته.
والمرض- الحمد لله- ربنا «بيدى البرد على قد الغطا» يمكن علشان كنا غلابة فكان مانع عنا المرض. ما كنش فيه دكاترة ولا مستشفيات. اللى عنده صداع أدوب له برشامة ريفو فى كوب ماء ويخف. واللى يشتكى من بطنه ياخد شربة ملح ويقعد بعدها ساعتين من غير أكل، ويبقى زى الفل. والحمد لله اتربوا وبقم كلهم زى الفل، جوزت البنت ب500 جنيه. كان بوتاجاز المصانع ب50 جنيه، والغسالة العادية نعملها عمولة ب150 جنيه، وطقم الصينى ب30 جنيه، يتقسم على بنتين، وشوية كوبايات وأطباق وحلل وخلاص، وحصيرتين، لأنه كان ما فيش نجف ولا سجاد ولا حاجات دلوقتى. والولد ساعدته زى البنت. بنيت له شقته، وجبت له شبكته. والحمد لله أديت رسالتى أنا وزوجى- رحمه الله- رسالتنا وختمناها بأداء فريضة الحج.
تلتقط الحديث منها ابنتها «منى السيد» تزوجت، منذ 32 عاما، وكان عمرها 18 عاما. ولديها أربعة أبناء. زوجتهم جميعا، وأنجبوا. سارت على نفس نهج والدتها فى التربية، وإن اختلفت الأسعار أضعاف المرات. فكيلو اللحمة كان بسبع جنيهات. ولكنها مازالت تحتفظ برخصها نسبيا، مقارنة بجيل الحفيدة. فكانت تنزل السوق بجنيه واحد فقط، وتشترى منه كل احتياجاتها من الخضار. أما عن شبكتها فكانت أربع غوايش، وخاتم ودبلة، وكل ذلك ب550 جنيه. ولم تعطِ أيا من أبنائها الأربعة دروسا، وحصل ثلاثة منهم على مؤهلات متوسطة، ورابعهم على بكالوريوس التربية. وراتب زوجها كان 38 جنيها، لكنها أيضا كانت تربى كل شىء فى المنزل. حافظت أيضا على عدم اختلاط أبنائها بغيرهم، نفس النهج دون أصحاب، ولا خروج للبنت إلا مع زوجها. وكما نصحتها والدتها ليلة زفافها، بألا تعود لها مرة أخرى إلا زائرة، وليست غضبى من زوجها. ولا تقول إلا كلمتين فقط، نعم وحاضر. نصحت ابنتها لأنها ترى أننا نعيش فى مجتمع شرقى يتميز بعاداته وتقاليده التى لا يجب أن نحيد عنها.
ولم يختلف الجيل الثالث لتلك الأسرة عن سابقيه، وإن اختلفت المعطيات والأسعار أيضا. فالجيل الرابع هو جيل التكنولوجيا بمختلف أشكالها. تزوجت رباب منذ سبع سنوات، ولديها طفلان، وحامل فى الثالث. تقول: جدتى عاشت بأربع جنيهات، وأمى عاشت ب38 جنيها، لكننى وزوجى لا أستطيع العيش ب2000 جنيه. فكل شىء اختلف. فشبكتى كانت مجرد دبلة وخاتم ومحبس، لارتفاع أسعار الذهب. وجهازى تكلف 30 ألف جنيه. ومدرسة ابنى 7 آلاف جنيه. فجدتى ولدت أبناءها العشرة بمساعدة جارتها لها أثناء الولادة، والداية هى من ولدت أمى، أما أنا ففى متابعة حمل ومستشفى وولادة قيصرية. لكن التربية واحدة، وإن كان تطبيقها بنفس نهج جدتى وأمى الآن أصعب، بسبب القنوات الكثيرة التى نتصدى لها فى تربيتنا لأبنائنا، فأبنائى رغم صغرهم يطلبون الآى باد، والعند أهم ما يميزهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.