رئيس جامعة المنيا يشهد مهرجان حصاد كلية التربية النوعية 2025| صور    المجلس القومي للمرأة ينظم لقاء رفيع المستوى بعنوان "النساء يستطعن التغيير"    هل تتغير أسعار الفائدة على الشهادات الادخارية في البنوك بعد قرار البنك المركزي ؟    الشباب وتحديات اكتساب المهارات الخضراء لمواجهة تغير المناخ| تقرير    الأمم المتحدة: تهجير واسع ومقتل مئات المدنيين في غزة    الإمارات تدين إطلاق القوات الإسرائيلية النار على وفد دبلوماسي في جنين    3 شهداء في قصف إسرائيلي على منزل في دير البلح بغزة    عبد الله السعيد يؤدي برنامجاً تأهيلياً في الزمالك    وزير الرياضة ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من تطوير استاد المنصورة    اضطراب الملاحة وأجواء حارة.. الأرصاد تعلن طقس الجمعة بدرجات الحرارة    جهات التحقيق تعاين مقر شركة دار التربية بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والفنون    أول تعليق من مايان السيد بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي    إشادات نقدية للفيلم المصري عائشة لا تستطيع الطيران في نظرة ما بمهرجان كان السينمائي الدولي    محمد مصطفى أبو شامة: يوم أمريكى ساخن يكشف خللًا أمنيًا في قلب واشنطن    المسجد الحرام.. تعرف على سر تسميته ومكانته    رئيس الوزراء يلتقي وفد جامعة أكسفورد (تفاصيل)    عائلات الأسرى الإسرائيليين: وقف المفاوضات يسبب لنا ألما    ماغي فرح تفاجئ متابعيها.. قفزة مالية ل 5 أبراج في نهاية مايو    تعمل في الأهلي.. استبعاد حكم نهائي كأس مصر للسيدات    40 ألف جنيه تخفيضًا بأسعار بستيون B70S الجديدة عند الشراء نقدًا.. التفاصيل    نماذج امتحانات الثانوية العامة خلال الأعوام السابقة.. بالإجابات    طلاب الصف الخامس بالقاهرة: امتحان الرياضيات في مستوى الطالب المتوسط    الحكومة تتجه لطرح المطارات بعد عروض غير مرضية للشركات    «الأعلى للمعاهد العليا» يناقش التخصصات الأكاديمية المطلوبة    تفاصيل مران الزمالك اليوم استعدادًا للقاء بتروجت    المبعوث الأمريكى يتوجه لروما غدا لعقد جولة خامسة من المحادثات مع إيران    بوتين: القوات المسلحة الروسية تعمل حاليًا على إنشاء منطقة عازلة مع أوكرانيا    الأعلى للإعلام يصدر توجيهات فورية خاصة بالمحتوى المتعلق بأمراض الأورام    وزير الرياضة: تطوير مراكز الشباب لتكون مراكز خدمة مجتمعية    البابا تواضروس يستقبل وزير الشباب ووفدًا من شباب منحة الرئيس جمال عبدالناصر    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    بعد ارتباطه بالأهلي.. كوتيسا ينضم إلى أيك أثينا اليوناني بصفقة انتقال حر    محافظ البحيرة تلتقي ب50 مواطنا في اللقاء الدوري لخدمة المواطنين لتلبية مطالبهم    وزير الخارجية يؤكد أمام «الناتو» ضرورة توقف اسرائيل عن انتهاكاتها بحق المدنيين في غزة    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    محافظ أسوان يلتقى بوفد من هيئة التأمين الصحى الشامل    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    "سائق بوشكاش ووفاة والده".. حكاية أنجي بوستيكوجلو مدرب توتنهام    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    "آيس وهيدرو".. أمن بورسعيد يضبط 19 متهمًا بترويج المواد المخدرة    ضبط 9 آلاف قطعة شيكولاته ولوليتا مجهولة المصدر بالأقصر    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    مشاجرة بين طالبين ووالد أحدهما داخل مدرسة في الوراق    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 22-5-2025 فى منتصف التعاملات    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحاجة منيرة».. عاشت دور الأم وهي طفلة عمرها سبع سنوات
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 03 - 2017

عاشت الأمومة، قبل أن تصبح أما، وحتى قبل أن تتزوج. فهى من تولت تربية إخوتها بعد وفاة والدتها، وهى فى السابعة من عمرها. كان نصيبها من التعليم يومين اثنين فقط، ثم أخرجها والدها لتتفرغ لتربية إخوتها. لكنها تعلمت من الحياة ما لم تكن لتتعلمه من أعظم المدارس، وكان ذلك سبب إصرارها على تعليم بناتها، رغم أن الشائع حينها هو عدم تعليم البنات، فالبنت ليس لها إلا بيتها وزوجها. إنها الحاجة منيرة يوسف ذات ال75 عاما من عمرها. لها من الأبناء 10 توفى منهم أربعة، ولها من الأحفاد من الجيل الثانى 35 حفيدا، و19 حفيدا من الجيل الثالث. هى مواليد 1938، ولدت بمدينة فاقوس، إحدى مدن محافظة الشرقية، لأب فلاح، لكنه كان ثريا، حيث كان يملك بعض الأفدنة الزراعية وعددا من المواشى، ومنزلا ريفيا واسعا. أحبها الكثير وسعى لخطبتها، لكن والدها اختار لها من كان يعمل فى أرضه، لأنه طيب وبسيط، وحافظا للقرآن هو ووالده، كما شعر بعدم طمعه فى مال أبيها. تزوجته وهى عندها 13 عاما، لم تكن تعرف معنى الزواج الحرفى، رغم أنها كانت تحمل مسؤولية إخوتها، لكن مسؤولية الإخوة شىء، ومسؤولية رجل غريب عنها هو وعائلته شىء آخر، خاصة أنها بلا أم تنصحها وتحكى لها. انتقلت إلى بيت زوجها، وتحديدا غرفة فى بيت العيلة، كالمعتاد حينها، لأنه من العيب أن يتزوج الولد، ويترك بيت أبيه. فكان المنزل به غرفا كثيرة وكل من يأتى عليه الدور فى الزواج من الأبناء، يأخذ غرفة هو وزوجته. ويعيش الجميع فى وئام ومحبة، وكما تقول «الحاجة منيرة»، الزوجة لا علاقة لها بشراء أى شىء خارج المنزل، لكنها تقوم بكل أعماله، وخدمة جميع من فيه. ويتم قسمة الأسبوع على عدد الزوجات الموجودة، ولكل واحدة منها دورها فى القيام بكل أعمال المنزل.
أما عن مهرها وشبكتها وزفافها.. تقول «الحاجة منيرة» كان مهرى 60 جنيها، وكان أغلى مهر أخذته فى بنات جيلى، بعد تصميم أبى عليه. ومنه اشترى والدى شبكتى وهى «كردان وحلق» وجهزنى بغرفة نوم «سرير بعمدان، ودولاب» و«طشت وصينية أكل و3 حلل من الألومنيوم» أما الهدوم، فكانت ثلاثة جلابيب، وفستان الفرح وأقام منهم الفرح أيضا، وعمل لى زفة على الحصان. ظل زوجى يعمل بالأرض، وكان أجره 10 قروش فى اليوم، يعطيها لأبيه مقابل الأكل والشرب. ورزقنى الله بأول بنتين من بناتى ماتت إحداهما. ثم علمنا بوجود وظائف بهيئة السكة الحديد، فتقدم لها زوجى، والحمد لله اتعين لكن فى القاهرة. فانتقلنا بمعيشتنا إلى القاهرة، وتركنا بلدتنا. وكان أول راتب له 4 جنيه، ندفع منها جنيه وربع إيجار، ويرسل منها جنيه إلى والده حتى لا يغضب عليه ونعيش بالباقى. لكن الأسعار كانت حلوة، وخاصة فى عهد السادات. كان رطل اللحمة ب85 قرشا، ولحمة الراس ب3 قروش. والكيلو يعمل رطلين ونصف، والرطل 12 أوقية، وأوقية الدقيق ب4 قروش، والأرز كذلك، والسمك ب5 قروش، وال10 بيضات بخمس قروش، يعنى البيضة بمليم، اليوم اللى كنت بحتار أطبخ فى إيه، كنت باعمل لهم ملوخية بالجمبرى. بعد سبع سنوات فى القاهرة انتقل إلى المنصورة، ومكثنا بها أربع سنوات، ثم انتقلنا إلى مدينة أبوكبير وكان راتبه زاد إلى 6 جنيهات. وظل يساعد والده بجنيه منهم حتى توفى. وفى يوم عرض صاحب المنزل الذى كنا نسكن فيه المنزل للبيع، فاقترحت على زوجى شرائه، حتى يرحمنا من الإيجار، وبالفعل كان متر الأرض بجنيه واحد، فاشترينا المنزل ومساحته تقريبا 170 مترا، سددناها بالقسط. وكان بالطين، فهدّيته غرفة غرفة، وبنيته أنا زوجى غرفة غرفة. لم نحضر أى عامل، حتى نوفر أجرته. كان هو يعمل «المونة» وأنا أناوله وهو يبنى حتى انتهينا من البيت. وكنت أعمل كل شىء لأبنائى بيدى، فكنت أخبز العيش، وأربى الطيور، ونبيع ونأكل منها، حتى نستطيع تعليمهم. فجيرانى وأهلى لم يعلمون بناتهم، وكانوا يقولوا لى إن البنت مالهاش غير بيتها وجوزها، لكن أنا صممت، لإنى مش عايزاهم يتعبوا فى حياتهم زى ما تعبت. والحمد لله علمتهم كلهم منهم المهندسة ومنهم المدرس ومنهم المحاسب ومهنم من حصل على مؤهلات متوسطة.
وعن التعليم والصحة، تقول «الحاجة منيرة» التعليم كان ببلاش، وما كنش فى دروس، وكانوا بيذاكروا على لمبة جاز، وعلى الطبلية. والحمد لله كانوا ماشيين لوحدهم فى التعليم، كنت أساعدهم بالدعاء وبالتشجيع على المذاكرة، لكن عمرى ما رحت سألت على حد فيهم فى المدرسة، لأنهم عمرهم ما عملوا لى مشاكل. كانت البنت زى الولد من البيت للمدرسة، ما فيش أصحاب. صاحبه كان كتابه وكراسته.
والمرض- الحمد لله- ربنا «بيدى البرد على قد الغطا» يمكن علشان كنا غلابة فكان مانع عنا المرض. ما كنش فيه دكاترة ولا مستشفيات. اللى عنده صداع أدوب له برشامة ريفو فى كوب ماء ويخف. واللى يشتكى من بطنه ياخد شربة ملح ويقعد بعدها ساعتين من غير أكل، ويبقى زى الفل. والحمد لله اتربوا وبقم كلهم زى الفل، جوزت البنت ب500 جنيه. كان بوتاجاز المصانع ب50 جنيه، والغسالة العادية نعملها عمولة ب150 جنيه، وطقم الصينى ب30 جنيه، يتقسم على بنتين، وشوية كوبايات وأطباق وحلل وخلاص، وحصيرتين، لأنه كان ما فيش نجف ولا سجاد ولا حاجات دلوقتى. والولد ساعدته زى البنت. بنيت له شقته، وجبت له شبكته. والحمد لله أديت رسالتى أنا وزوجى- رحمه الله- رسالتنا وختمناها بأداء فريضة الحج.
تلتقط الحديث منها ابنتها «منى السيد» تزوجت، منذ 32 عاما، وكان عمرها 18 عاما. ولديها أربعة أبناء. زوجتهم جميعا، وأنجبوا. سارت على نفس نهج والدتها فى التربية، وإن اختلفت الأسعار أضعاف المرات. فكيلو اللحمة كان بسبع جنيهات. ولكنها مازالت تحتفظ برخصها نسبيا، مقارنة بجيل الحفيدة. فكانت تنزل السوق بجنيه واحد فقط، وتشترى منه كل احتياجاتها من الخضار. أما عن شبكتها فكانت أربع غوايش، وخاتم ودبلة، وكل ذلك ب550 جنيه. ولم تعطِ أيا من أبنائها الأربعة دروسا، وحصل ثلاثة منهم على مؤهلات متوسطة، ورابعهم على بكالوريوس التربية. وراتب زوجها كان 38 جنيها، لكنها أيضا كانت تربى كل شىء فى المنزل. حافظت أيضا على عدم اختلاط أبنائها بغيرهم، نفس النهج دون أصحاب، ولا خروج للبنت إلا مع زوجها. وكما نصحتها والدتها ليلة زفافها، بألا تعود لها مرة أخرى إلا زائرة، وليست غضبى من زوجها. ولا تقول إلا كلمتين فقط، نعم وحاضر. نصحت ابنتها لأنها ترى أننا نعيش فى مجتمع شرقى يتميز بعاداته وتقاليده التى لا يجب أن نحيد عنها.
ولم يختلف الجيل الثالث لتلك الأسرة عن سابقيه، وإن اختلفت المعطيات والأسعار أيضا. فالجيل الرابع هو جيل التكنولوجيا بمختلف أشكالها. تزوجت رباب منذ سبع سنوات، ولديها طفلان، وحامل فى الثالث. تقول: جدتى عاشت بأربع جنيهات، وأمى عاشت ب38 جنيها، لكننى وزوجى لا أستطيع العيش ب2000 جنيه. فكل شىء اختلف. فشبكتى كانت مجرد دبلة وخاتم ومحبس، لارتفاع أسعار الذهب. وجهازى تكلف 30 ألف جنيه. ومدرسة ابنى 7 آلاف جنيه. فجدتى ولدت أبناءها العشرة بمساعدة جارتها لها أثناء الولادة، والداية هى من ولدت أمى، أما أنا ففى متابعة حمل ومستشفى وولادة قيصرية. لكن التربية واحدة، وإن كان تطبيقها بنفس نهج جدتى وأمى الآن أصعب، بسبب القنوات الكثيرة التى نتصدى لها فى تربيتنا لأبنائنا، فأبنائى رغم صغرهم يطلبون الآى باد، والعند أهم ما يميزهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.