إن مصر تمر بمرحلة دقيقة فى تاريخها المعاصر وعملية إدارة المرحلة الأنتقالية لابد أن تدار برؤية سياسية و بطريقة تتبنى الفكر الثورى و نجد ان السلبية التدميرية التى كانت موجودة فى الشعب المصرى فى ظل نظام الحكم السابق قد انتهت والى الابد و الشعب يريد ان يثبت للسلطة انه فعلا اصبح مصدرا للسلطات و لا يمكن انتزاع ذلك منه و لا يريد ان تفرض عليه السلطة قرارات لم يتمكن الشعب من ابداء الرأى فيها لان طريقة إصدار القرارات الفوقية التى لا تحظى بالرضا الشعبى هى الطريقة التى خرج الشعب فى ثورته ضد مبارك ليعبر عن رفضه لها و تلك التركيبة المجهولة و الغريبة التى كان يتبعها مبارك فى اتخاذ القرارات و اختيار القيادات من وزراء و محافظين طريقة بغيضة يمقتها الشعب المصرى بكافة طوائفه لدرجة عندما يزداد الاستياء و الغضب الشعبى من قيادة من تلك القيادات يزيد اصرار السلطة على التمسك بها كنوع من انواع اثبات القدرة فى السيطرة على الموقف و انصياع الشعب التام لارادة القرار السياسى و لكن تلك الطريقة لم تعد مجدية بعد الثورة خاصة بعدما تنفس الشعب عبير الحرية وشعوره باسترداد كرامته و قدرته على ممارسة السيادة على ارض وطنه بعد عناء كبير و استشهاد شباب فى سبيل ان ينعم الشعب بتلك الحرية التى لا تقدر بثمن و لكن الفكر العسكرى يصلح فقط داخل اطار القوات المسلحة وتعد هذا الفكر ناجحا فقط مع الجنود النظاميين داخل الجيوش طريقة تعتمد على اصدار الاوامر من قبل القيادات العليا والانصياع التام من قبل الجنود وقد يصدر القرار غامضا و غير مبررا و لا يعلم الجنود الاساس الذى بنى عليه القرار و طريقة إصداره لان ذلك ليس شأنه و عندما لا ينصاع فرد من افراد القوات المسلحة الى تلك الاوامر فالسجن الحربى فى انتظاره بعد المحاكمة العسكرية لتحقيق الانضباط داخل المؤسسة العسكرية النظامية ولكن عندما تدير بلد بأكمله و خاصة بعد تلك الثورة المصرية المجيدة التى حظيت بإعجاب العالم أجمع فلابد ان تدار برؤية سياسية وليست عسكرية وبطريقة تختلف تماما عن طريقة حكم مبارك السابقة وفى نفس الوقت تدار بطريقة ثورية من خلال تأصيلها لمبادئ الثورة على أرض الواقع وترجمة اهدافها الى اشياء ملموسة يشهدها الشعب من خلال تغيير جذرى و جوهرى فى السياسات المتبعة و أيضا تغيير حقيقى فى القيادات وليس استبدال وجوه مكان وجوه أخرى ما زالت تتبنى نفس النهج السابق فى الحكم من العهد البائد للنظام السابق قيادات واعية بمتطلبات الشعب بعيدة تماما عن القيادات الامنية التى تربطها علاقات وثيقة بجهاز امن الدولة السابق او قيادات سابقة فى الحزب الوطنى السابق التى كانت تعمل فى المطبخ السياسى للنظام السابق وكانت دعامة اساسية من دعائم استقرار وبقاء هذا النظام الذى افسد الحياة السياسة على مدار السنوات السابقة فالقرار السياسى فى عهد الثورة يجب ان يدار برؤية سياسية ثورية واضحة المعالم و ملبية لمطالب الشعب المصرى و تجعل الشعب مشاركا فى عملية صنع القرار السياسى بل و ايضا عالما بالطريقة و المنهج المتبع لاتخاذ القرارات بحيث تتمتع السلطة السياسة بالشفافية ووضوح الرؤية لان الشعب فى مصر يرفض اى عملية لتهميش دوره و مشاركته فى صناعة مستقبل بلده و خاصة بعد الدماء التى سالت فى سبيل تغيير اوضاع مقيتة كل الشعب نبذها فالمشاركة الايجابية اصبحت هى الطريق الذى يسير عليه الشعب ويريد ان يشعر المواطن بأن هناك تغيير جذرى فى بنية الدولة و السياسات التى تنتهجها الدولة و لا يريد المواطن تكرار تجارب الماضى مرة أخرى من تعنت السلطة و اختيار قيادات لا تخدم غير مصالحها الخاصة و يستمر مسلسل تهميش الشعب بل وفرض ارادة السلطة السياسية التى تسلب حرية الشعب فى ممارسة حقه الطبيعى فى رضاه عن القيادة التى سوف تحكمه خلال الفترة المقبلة و التى يستشعر المواطن من خلالها انها سوف تلبى مطالب الثورة و ايضا تعمل جاهدة على حل مشاكل المواطنين التى ظلوا يعانون منها على مدار عقود و عهود كثيرة القيادة التى تنزل الى الميدان و تستشعر عن قرب باحتياجات الناس و خاصة الذين لم تمنحهم الدولة الحد الادنى من حقوقهم حتى هذه اللحظة والتى عانت من الحرمان و فقدان الهوية فى ظل الحكم السابق ان تغيير نهج الحكم فى الفترة المقبلة وتصحيح أخطاء الماضى امر ضرورى و حيوى خاصة بعد زيادة الامتعاض من قبل بعض المواطنين من بعض قرارات السلطة السياسية خاصة بعد اعتراض المواطنين عن تعيين المحافظين فهذا مؤشر يدل على ان هناك فجوة بين صانع القرار السياسى و عقلية المواطنين و فهم السلطة للرأى العام واستيعابها له و الامر الآن يحتاج الى التروى والبصيرة العاقلة فى المنهج الذى لابد ان تتبعه الدولة فى اتخاذ القرار السياسى لحماية الثورة من منزلقات الرجوع الى الوراء او التخبط الغير محمود العواقب و التبعات لابد من تغيير اسلوب ادارة الحكم فى البلاد تغيير جذرى و جوهرى و ليس امتداد لنظام الحكم السابق