رئيس «الصناعات المعدنية»: «الحديد المستورد» يهدد بغلق المصانع المحلية

أدى انهيار الليرة التركية والكساد الذي ضرب السوق التركي في أعقاب الانقلاب الفاشل، وما تبعه من موجة تفجيرات إرهابية، بالإضافة إلى المشاكل السياسية في أوكرانيا، وفي ظل فائض إنتاجي هائل، إلى إغراق السوق المصرية بحديد التسليح من تلك الدول، نظرا لعدم وجود أي حماية جمركية على الإطلاق.
ومع استمرار الواردات وبكثافة، قام المستوردون بالمضاربة السعرية في السوق المحلية لتصريف الكميات الكبيرة التي وصلت الموانئ خلال الفترة الماضية، حتى بعد إعلان التحقيق في شكوى الإغراق التي تقدمت بها الصناعة، في ديسمبر الماضي، نظراً للضرر البالغ الذي أصابها من الواردات المدعومة من حكومات تلك الدول.
وتشير بيانات صادرة عن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، إلى وصول 146 ألف طن من الحديد من تركيا وأوكرانيا، في يناير، بزيادة 25٪‏ عن شهر ديسمبر، وبزيادة 50% عن شهر نوفمبر، بينما وصل حجم الواردات خلال عام 2016 إلى 1.7 مليون طن بنسبة زيادة 21٪‏ عن عام 2015، وبفاتورة استيرادية بلغت 650 مليون دولار.
وقام المستوردون بتنزيل الأسعار، منذ نهاية ديسمبر بحوالي (14%)، بصورة غير مبررة، وبما لا يعبر عن اتجاهات التكلفة الحقيقية للإنتاج، مما أتاح لهم الاستحواذ على ثلث السوق المصرية لصالح المنتجين الأجانب، وذلك على حساب الصناعة المحلية التي تكافح من أجل تصريف إنتاجها، وهو ما اضطر معه المنتجون المحليون لخفض الأسعار عدة مرات لتقليل خسائر المبيعات في ظل منافسة غير عادلة مع المنتج المستورد.
ويلاحظ أن إحدى الشركات الأوكرانية الكبرى المصدرة لمصر قد عقدت اجتماعا للمستوردين المصريين في القاهرة، الشهر الماضي، حيث تم إبلاغهم بنية الشركة التمدد داخل السوق المصري وبأي سعر يتطلبه ذلك، وهو ما يشير إلى النية المبيتة لإغراق السوق المصري بفوائض الإنتاج من الدول المصدرة الكبرى، بل إنها قامت بشحن كميات كبيرة من الحديد وتفريغها في ميناء دمياط بدون أن يطلبها المستوردون، وذلك لبيعها لحسابها من الميناء مباشرة لمن يطلبها، وبأسعار متدنية للغاية، وهو ما يمثل تطوراً خطيراً في الممارسات التنافسية غير العادلة لتصريف إنتاج أجنبي راكد داخل السوق المصرية على حساب الصناعة المحلية.
يشار إلى أن مصانع الحديد أعلنت عن خفض جديد للأسعار بالأمس، تراوح بين 200 إلى 300 جنيه، وللمرة الرابعة خلال شهر، وذلك تحت ضغط الواردات المستمرة والمغرقة، بإجمالى 1300 جنيه، وهو ما ينتج عنه خسائر فادحة للصناعة المحلية بأسعار الخامات الحالية مع استمرار تراكم المخزون في ظل انكماش الطلب وكساد الأسواق.
وتتراوح أسعار المصانع المحلية بين 8800 و9000 جنيه تسليم أرض المصنع، مقابل 10.000 و10.300 جنيه، في نهاية شهر ديسمبر.
يقول جمال الجارحي، رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعات المعدنية، إنه إذا استمر الوضع كما هو، فسوف تغلق المصانع أبوابها، وتخرج مصر من صناعة حديد التسليح تماماً، وتعتمد في تلبية احتياجات السوق المحلية ومشروعات التنمية على الاستيراد الكامل، وبفاتورة استيرادية تتعدى 3 مليارات دولار سنوياً، مما يجعلها رهينة لتقلبات السوق العالمية.
وأضاف «الجارحي»، في تصريحات ل«المصري اليوم»، أنه «عندما تبدأ السوق العالمية في الانتعاش، ويزداد الطلب على الحديد، كما حدث في 2008، فلن يكون هناك صناعة محلية لتجنب شح المعروض وتهدئة الأسعار، بل سيتحكم في السوق المستوردون والشركات الأجنبية المصدرة، وسوف يواجه السوق أزمات متعددة، وتتعطل خطط التنمية.