أمنيات ما قبل الموت.. الحياة التي لم نعشها

(1)
مقالات متعلقة
* مولد المسيح.. تدبروا الإشارات
* دور المطيع الخانع لا يليق بمصر
* رئيس مصر القادم.. البحث عن بديل
ملعونة السياسة.. أماتت قلوبنا.. لم نعد نكتب عن الحب الذى انزوى فى الركن البعيد الهادئ منتظرا بلهفة لحظة استدعائه، ولا عن الأمل الذى أصبح مطاردا من اليأس، أو الأحلام التى تحولت إلى لعنات، والغربة التى نعيشها بعد أن أصبحنا كالقنافذ توخزنا أشواكنا كلما اقتربنا من بعضنا البعض.. أريد أن أكتب عنى وعنك، وعن الآخر الذى لم يعد يفهمنا ولم نعد نتقبله.. كيف يمكننا ونحن على أعتاب عام جديد أن نستجيب للإشارات.. ونفكر أن الوقت قد حان لنستعيد قليلا من صفاء النفس ونقاء الروح.
***
دائما ما نؤجل أمانينا على أمل أن يأتى بها الغد، الأمل خادع أحيانا، مؤخرا قرأت مقتطفات من كتاب الممرضة الأسترالية بروني وير وهو بعنوان: The top five regrets of the dying «أهم خمس أسباب للندم قبل الموت»، الكتاب له قصة طريفة، فبرونى لم تخطط له، بل كتبته كمقال نشر فى 2011 وعندما لاقى رواجا كبيرا بين القراء حولته إلى كتاب به مزيد من التفاصيل، دونت فيه تجربتها الشخصية فى رعاية عدد من مرضى الحالات الميؤوس منها، أولئك الذين ينتظرون الموت ويعرفون أنه لن يخلف موعده معهم، سألتهم جميعا في آخر أيامهم عن أشياء ندموا على عملها أو أشياء تمنوا لو عملوها بشكل مختلف، استطاعت برونى أن تلخص هذه التفاصيل الكثيرة فى خمسة عناوين رئيسية على شكل أمنيات، فكرت فيها على مهل، ووجدت أنها يمكن أن تكون إرشادات لتحقيق ما نسميه الآن جودة الحياة لمن يريد أن يحسن حياته.
***
أجملت برونى إجابات مرضاها فى هذه الأمنيات الخمس:
1-أتمنى لو كانت عندى الشجاعة لأعيش لنفسى ولا أعيش الحياة التي يتوقعها أو يريدها مني الآخرون.
2- أتمنى لو لم أعمل بجهد ومشقة كما كنت أعمل.
3- أتمنى لو كانت لدى الشجاعة لأعبر عن مشاعري بوضوح.
4- أتمنى لو استمررت على الاتصال بأصدقائي خاصة القدامى الذين تعذّر تجديد الصداقة معهم.
5- أتمنى لو كنت أكثر سعادة.
بول جراهام الكاتب والمبرمج المعروف علّق على مقال برونى فى حينه، وصاغ هذه الإجابات بطريقته:
1- لا تتجاهل أحلامك.
2- لا تعمل بجهد كثير.
3- قل ما تشعر وتفكر به.
4- اكسب وحافظ على الصداقات.
5- كن سعيدا.
****
مثل هذه الكتب والتى تدخل الآن تحت مسمى التنمية البشرية زادت فى السنوات الأخيرة، وهى من أوسع الكتب انتشارا، يشتريها الجميع متمنيا أن تغير كلماتها حياتهم كما لو كانت تعويذة سحرية يكفى أن تتلوها لتغير حياتك، وهذا بالطبع ليس حقيقيا، فالتغيير أنت تصنعه، فليس كافيا أن تقتنع بنصيحة لتتغير لكن يجب أن تكون لديك إرادة التغيير، وهى تبدأ بتغيير أفكارك وبعدها سلوكك وفعلك، عندما فكرت فى هذه الأمنيات التى لم يعشها أصحابها، حمدت الله أننى أعيشها، فأنا لا أترك العمل يستهلكنى، ومازلت متواصلة مع أصدقائى القدامى، السعادة بالنسبة لى هى الأهم، أعبر عن نفسى ولا أكتم مشاعرى، أحاول أن أحقق أحلامى على قدر استطاعتى، وأخيرا قررت أن أعيش كما أريد وليس كما يتوقع منى الآخرون، أردد دائما بحماس أبيات درويش:
سأكون ما وسعت يداي من الأفق
سأُعيد ترتيبَ الدروب على خُطاي
سأكون ما كانت رؤاي
***
رغم أننا ندرك قيمة النصائح وأهميتها، كثيرا ما نتجاهلها، بل نعمل أحيانا عكسها. بالتأكيد من سألتهم الممرضة قد نصحهم البعض فى بداية حياتهم بمثل هذه النصائح وتجاهلوها، من الممكن أن تكون النصائح مربكة ونحن فى خضم حياتنا اليومية، لا نتوقف لنفكر فيها لأننا نكون مقتنعين بصواب أفعالنا، بالخبرة الحياتية ومع تقدم العمر والمرور بالتجارب نكتسب حكمة تؤهلنا لإعطاء النصائح للآخرين. ولكن من خبرتى أن النصيحة المجدية هى التى تُطلب، فمن يطلب منك النصح يكون مستعدا للاستماع والتنفيذ، أما من تمنحه نصيحة مجانية فلن تجد منه آذانا صاغية.. وكما يقول المسيح عليه السلام «لا تلقوا الجواهر أمام الخنازير».
EKTEBLY@HOTMAIL.COM
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة